تخيل معي أن هناك قطارًا آتٍ من بعيد، ولسكة القطار قضيب ذو منحنيين، على المنحنى الأول هناك خمسة من العمال يعملون بجدٍّ كادحين لإحضار قوت يومهم، وعلى المنحنى الآخر عامل واحد يعمل كذلك للحصول على قوت يومه، والقطار آتٍ بسرعة كبيرة ولا يمكن إيقافه، جُلّ ما تستطيع فعله هو تغيير مساره ليس إلا.
إذا كان بجانبك مفتاح التحكم في المسار، هل ستختار أن تجعله يضرب الخمسة عمال، أم ستغير مساره لقتل العامل الواحد؟
بالتأكيد جميعنا قد سمعنا بالمعضلة الأخلاقية الخاصة بالقطار، أو حتى علمنا عنها قشورًا، ولكن ماذا سنختار؟ هل سنقتل العامل الواحد أم الخمسة عمال؟!
معضلة القطار موجودة منذ 50 عامًا وما زالت تُطرح في الأوساط المختلفة حتى الآن بغرض الحصول على إجابات.
ومع تعاقب السنين تم التطوير في سيناريو القصة ووضع خيارات متعددة.
-
سيناريوهات مختلفة
1- فلنفترض أنك أنت سائق عربة القطار المنفلتة من مسارها وهي تندفع نحو خمسة من عمال السكك الحديدية، على اليسار يوجد مسار حيث يقف عامل سكة حديد.
إذا لم تفعل شيئًا سيموت العمال الخمسة، إذا قدت نحو اليسار سيموت عامل واحد، ماذا ستفعل؟
2- أنت تقف على جسر للمشاة فوق مسار للسكك الحديدية حيث عربة القطار على وشك أن تضرب خمسة من عمال السكك الحديدية.
هناك شخص غريب بجانبك، كبير بما يكفي لإيقاف العربة إذا اصطدمت به، إذا دفعته على السكة سيموت، لكن العمال الخمسة سيعيشون. هل تدفعه؟
3- أنت تقف على جسرٍ للمشاة فوق مسار للسكك الحديدية حيث عربة على وشك أن تضرب خمسة من عمال السكك الحديدية، وبجانبك الرجل الكبير الشرير الذي قطع المكابح على العربة وإذا دفعته على السكة سيوقف مسار العربة وسيموت، لكن العمال الخمسة سيتم إنقاذهم، هل تدفعه؟
4- عربة القطار تتجه نحو خمسة من عمال السكك الحديدية إذا ضربتهم فإنها ستقتلهم، هناك مسارٌ منفصل يعود إلى المسار الرئيسي بحيث يبدو النظام بأكمله وكأنه حرف b صغير.
إذا قمت بضغط المفتاح، فسوف يتبع القطار المسار المنفصل حتى يتدحرج ويعود إلى المسار لقتل العمال الخمسة.
ومع ذلك، هناك أيضًا عامل سكك حديدية كبير على هذا المسار المنفصل الذي سيوقف القطار إذا اصطدم به، ويقتله، لكنه أنقذ العمال الخمسة.
فهل تقلب المفتاح؟
-
الأخلاق واللاأخلاق
كل سيناريو من تلك السيناريوهات تضعك في وضع مختلف وفي خيارٍ مختلف، رغم أن جميعها تضع لك الخيار ذاته، ولكنك تشعر في كل منهم بشعور مختلف وبردّ فعل مختلف كذلك.
فإجابة الشخص مرتبطة بمستوى مشاركته العاطفية في السيناريو المطروح، وتختلف كذلك بناءً على ما إذا كان القرار غير شخصيًّا كقرار (قلب المفتاح) أو شخصيًّا كقرار (دفع إنسان).
ففي أغلب الأحيان يختار الناس قلب المفتاح عن دفع الناس حتى لا يشعرون بذنب مباشر أو إحساس حادّ بالمسؤولية تجاه الشخص المقتول.
فتسلط مشكلة القطار الضوء على اللغط الحاصل بين مدرستين للفكر الأخلاقي.
يفرض المنظور النفعيّ، أنّ الإجراء الأكثر ملاءمة هو الإجراء الذي يحقق أكبر خير لأكبر عدد، أما المنظور اللاأخلاقي فيؤكد بأن بعض الإجراءات -مثل قتل شخص بريء- خاطئة حتى لو كانت لها عواقب جيدة.
في كل السيناريوهات أعلاه، يقول النفعيون أنه يجب عليك التضحية بواحد لإنقاذ خمسة، في حين يقول علماء الأخلاق أنه لا يجب عليك ذلك ويعتبر ذلك فعل ذميم.
-
كيف يعمل عقلك؟
عندما تحاول أن تقرر ما إذا كنت ستقلب المفتاح أم لا، ستجد أن هناك نشاطًا متزايدًا في قشرة الفص الجبهي بالمخ، والذي يكون مرتبطًا بناحية المنطق والعقل وحل المشكلات ومسؤول عنها.
أما عند تحديد ما إذا كان سيتم دفع الشخص الغريب الكبير أم لا، فكان هناك نشاطٌ متزايدٌ في اللوزة التي تلعب دورًا مهمًا في الخوف والقلق والهرب.
فمن الواضح أنّه على الرغم من أن قرار قلب المفتاح كان عاديًا وعقلانيًا بالنسبة لمعظم الناس، إلا أن قرار دفع الشخص كان محفوفًا بالعواطف، وعليه كان يختار الكثير من الأشخاص قلب المفتاح أكثر من دفع الأشخاص.
أما أولئك الذين لا نجد منهم استجابةً عاطفية للحدث، فمن الممكن أن نقسمهم لمجموعتين من الناس، وهما: المرضى النفسيين، والرهبان البوذيين.
فإجابات الرهبان كانت أكثر ميلًا إلى اتخاذ قرار بدفع الغريب من جسر المشاة؛ هذا على الأرجح لأن الرهبان كانوا قادرين على تحليل ما يأتي منه الخير الأعظم.
ومع ذلك، ليس لدى المرضى النفسيين أي مشكلة في دفع الرجل بعيدًا عن الجسر، ولكن هذا لأن السمة المميزة للمرضى النفسيين هي عدم التعاطف مع الآخرين.
والآن، حان دورك أنت لتقرّر.
في أيّ السيناريوهات ستدفع الرجل الضخم؟ وفي أي السيناريوهات ستضغط على المفتاح وحسب؟
شاركنا برأيك!
المصادر 1