الإنسان والعصيان، لماذا ننزل الشارع رغم التحذيرات؟
ونحن أطفال حينما تلقينا أمرًا ألا نلعب وقت الظهيرة شعرنا بالضيق، ووددنا لو تخلينا عن كل شيء مقابل أن نلعب في هذا الوقت، عندما كبرنا تلقينا أمرًا بعدم السهر لوقتٍ متأخرٍ، لكننا شعرنا بلذة خفية ونحن نفعل العكس تمامًا، بمرور الأعوام ظهر الأمر جليًا، نحن نعشق المرفوض ونرفض المفروض لكن لماذا؟ هذا ما سنحاول معرفته في السطور القادمة.
– كل المفروض مرفوض:
قالها منير ذات مرة ورددها الكثيرون، لكن قليل من الناس من حاول أن يفكر في مدى صحتها جيدًا إذ أنها صحيحة للغاية، وإذا أردت أن تتأكد من صحتها يمكنك فقط أن تنظر لجموع الناس الذين لازالوا -للأسف- يتجمعون رغم التحذيرات بعدم التجمع، نشعر بالضيق من هؤلاء البشر ونحاول أن نقول لهم: “ستهلكون يا حمقى” ربما بلغ الحنق ببعضنا أن حدث نفسه قائلًا: ” أرجو أن يموت هؤلاء شر ميتة لكن لماذا هؤلاء الحمقى يعصون الأمر المفروض عليهم؟
– لا تفكر في القرد الأحمر…
حسنًا، خسرت!
تعليمات الوالدين كانت مزعجة لنا في مرحلة الطفولة ولهذا كنا نميل إلى خرقها، ُيعزى السبب في ذلك إلى “الفضول”، وأنت طفل لا يظهر “الخطأ” و”الصواب” واضحًا، وإنما الأمر أشبه باللون الرمادي فيدفع الفضول الطفل إلى التجربة للتعلم منها، وطبقًا لدراسة أجراها الباحثون على 6000 طفل، وجدوا أنَّ الأطفال الأكثر فضولًا هم الأكثر تفوقًا في مادة الرياضيات، وذلك بغض النظر عن مستواهم الاجتماعي، فالفضول -من وجهة نظر الباحثين- هو العامل الوحيد للتعلم لدى الأطفال، لكن ماذا عن البالغين؟ لماذا يعصون الأوامر، قبل ذلك لنشرح أمرًا إضافيًا.
– لن تصدق ما ستقرأه، شاهد واحكم بنفسك:
تمتليء المواقع على شبكة الإنترنت بهذا النوع من العنوانين لمقاطع الفيديو، وبالرغم من سذاجة العنوان إلا أنها تجني ملايين المشاهدات، بل ربما وأنت تتصفح تشاهدها أيضًا، بعد أن تصيبك الحيرة والعجب وتسأل نفسك: “من هذا الذي يشاهد تلك المقاطع؟” فتتفاجئ بعد دقائق أنك فعلت، لكن لا تبتئس لست وحدك. سأخبرك السبب في ذلك على أن تعدني ألا تنساق نحو مشاهدتها مرة أخرى حسنًا؟
– نظرية الفجوة المعرفية Information Gap” Theory”
هذا بالتحديد ما تفعله العبارات من طراز (حقائق لم تعرفها عن المسلسل الأعظم “breaking bad”) أو (بالدليل اللاعب ميسي من المنوفية) تخلق داخلك فراغ أو فجوة فتسارع أنت في مليء تلك الفجوة بمشاهدة مقطع الفيديو، أرجوك لا تفعل ذلك مرة أخرى.
لكنك على الأرجح لن تستمع إلى كلامى وستفعل،
هل تعلم لماذا؟ الإجابة في الأسطر القادمة.
– حرصًا على سلامتكم لا تغادروا البيت:
وفجأة أصبح الخروج شيئًا محببًا للنفس، الفكرة هنا أنَّ الإنسان لا يرضى أن يتم توجيهه، لذلك ترى العديد من المتحمسين للدفاع عن مبدأ أنَّ الإنسان مخير وليس مسير، لأن كون الإنسان بلا حرية الاختيار أمر قد يدفع المرء للجنون، بعيدًا عن مبدأ التسيير والتخيير لنعد لموضوعنا. في الأيام أو الأسابيع السابقة قد ناشدت السلطات في مختلف الدول مواطنيها بعدم النزول للشارع لمنع التجمعات، البعض استجاب والبعض رفض الخضوع، لقد طغى حب المقاهى الآن على القلوب وعلت الرغبة في التجمع للسمر مع الأصدقاء لدرجة أنك ربما ترى شخصًا انطوائيًا بطبعه قرر الخروج للشارع للتدخين.
– كيف بدأت المفاعلة؟
المفاعلة اسمٌ غريبٌ فعلًا لكنها الترجمة الحرفية لكلمة “Reactance”، لذلك تسهيلًا سنطلق عليها ” الفعل العكسي”، وهي الطريقة التي يفكر بها المرء ويتخذ بعدها سلوكًا معينًا عندما يتلقى تهديدًا يُحجّم من حريته، كل ذلك لأنَّ الإنسان يحب فكرة أنه مسيطر على قرار مصيره “أموت فليكن لكن بطريقتي” منطق غريب لكن أغلب البشر هم كذلك.
– كل الممنوع مرغوب:
تجد أكثر الكتب مبيعًا هي الكتب الممنوعة لنفس السبب، فالمنع هو العامل الأساسي للانجذاب، قد يكون هناك شخصًا لم يقرأ كتابًا في حياته لكن كلمة ممنوع تتحول في عقله إلى مرغوب.
– بالخارج وباء قاتل:
أرجو أن يكون المقال قد أوضح لك لماذا يعصى الإنسان الأوامر، لكن أيضًا اقرأ المقال ولا تغادر المنزل أرجوك، إبقَ في المنزل، إبقَ آمنًا فبالخارج وباء قاتل.
كتابة: مصطفى طنطاوى
تحرير: اسراء وصفى
تصميم: امنية عبدالفتاح