التنوع البيولوجي تحت تهديد التغير المناخي
بدون التنوع البيولوجي لا مستقبل للحياة البشرية على كوكب الأرض، يعيش أكثر من 8 مليون نوع من النباتات والحيوانات والبكتريا والحشرات في نظام بيئي متكامل، ولم يتم التعرف إلا على 1.5 مليون نوع، أغلبهم من الحشرات؛ مما يدل على أن هناك لغزًا كاملًا لم نتعرف عليه بعد. كما يوجد العديد من الأنواع التي تستوطن مناطق محددة في العالم كالمكسيك ومدغشقر وجنوب أفريقيا والبرازيل والولايات المتحدة، ولا يوجد منها في أي مكان آخر في العالم.
تعمل جميع الأنواع على كوكبنا سويًا من أجل البقاء وتعزيز النظام البيئي. فعلى سبيل المثال؛ تتغذى الماشية على العشب، ثم تنتج الروث الذي يعود مجددًا إلى الأرض على هيئة سماد يساعدها على إنتاج المزيد من العشب، ويمكن استخدامه أيضًا كسماد طبيعي في الأراضي الزراعية، بالإضافة إلى العديد من الفوائد بما فيهم إنتاج الطعام والملابس والأدوية.
– هل فكرت يومًا أن نظامنا البيئي تحت تهديد التغير المناخي؟
بطبيعة الحال، لا أحد يحب أن يجد بقائه وسلامته في خطر ومُعرَّض للصدمات المفاجئة بشكل مستمر! كذلك نظامنا البيئي هو الآن تحت تهديد سلاح التغير المناخي.
في أبريل 2020 نُشرت دراسة في مجلة الـ Nature لدراسة أثر التغير المناخي، وتحديدًا التغير في درجات الحرارة على التنوع البيولوجي، من خلال تحليل نماذج درجات الحرارة بداية من عام 1850 لـ 2005 م، فطبقًا للبيانات الخاصة بدرجات الحرارة القديمة استطاعوا التنبؤ بدرجات الحرارة المستقبلية في ضوء الانبعاثات الحرارية حتى عام 2100.
تمت الدراسة بأخذ درجات حرارة 5 مناطق مختلفين بيئيًا، وهم صحراء جوبي، حوض الكونغو، غابات الأمازون، جزيرة كايمن ومثلثات المرجان، من خلال تحليل بيانات درجات الحرارة استطاعوا التنبؤ بالسنة التي ستكون أكثر عُرضة للصدمات والكوارث المفاجئة وفي ذلك الوقت لن يكون لنا القدرة على مواجهتها والتعامل معها لسوء الحظ.
الآن لدينا خيارين، إما النجاة أو الهلاك! فبقاء معدل درجات الحرارة العالمي لأقل من 2 درجة مئوية سوف يساهم بشكل فعال في تسطح منحنى الخطر على التنوع البيولوجي، بل سيكون أيضًا لدينا الوقت لحماية الأنواع من الخطر، ومن المحتمل فقدان أقل من 2% من التنوع البيولوجي. على النقيض الآخر، إذا ارتفع معدل درجات الحرارة العالمي بمقدار 4 درجة مئوية بجانب الانبعاثات الحرارية فسوف يتم تدمير حوالي 15% من النظام البيولوجي، سنكون أكثر عرضة للصدمات المفاجئة، والتي قد لا يكون للأنواع القدرة على التكيف أو التعامل معها؛ فحتى الآن، ليس لدينا الدليل القاطع لوصف قدرتها على المثابرة. وفي نهاية الأمر تشير التنبؤات بأن في المتوسط حوالي 73% من الأنواع ستتعرض لدرجات حرارة غير مسبوقة قبل حلول 2100.
يتوقع الباحثون قبل حلول 2030 أنه سنشهد درجات حرارة غير مسبوقة في المحيطات الاستوائية، وهناك مؤشرات على حدوث ذلك بالفعل مثل ظاهرة تبييض المرجان، وهي عبارة عن تحول ألوان الشعاب المرجانية الرائعة إلى اللون الأبيض، ويعد التغير المناخي وخصوصًا ارتفاع درجات الحرارة أحد أهم أسباب تبييض الشعاب المرجانية.
طبقًا لـ كوري ميرو (Cory Merow) فهم يأملون أن تكون دراستهم بمثابة إنذار مبكر لنا للتنبؤ بمناطق الخطر وموعد حدوثه، حتى نستطيع توجيه جهودنا في الحفاظ على البيئة بشكل صحيح وتحسين نماذج التوقع المستقبلية.
في نهاية الأمر، بدون جهودنا الفردية لن نستطيع المواجهة والصمود لفترة كبيرة أمام الصدمات البيئية، أعتقد لن يكون القدرة على ذلك يا عزيزي، فقد يكون لدينا جميعًا المعرفة بأخطار التغير المناخي وأساليب حماية نظامنا البيئي ولكن الفارق الوحيد هو أن تأخذ إجراءات للوقوف ضد التغير المناخي، ولن يحدث ذلك إلا عندنا نغير سلوكنا ونستخدم معرفتنا بشكل فعال.