الطب

أول دواء لإسحاق الجينات بموافقة إدارة التغذية والأدوية

هناك اكتشافٌ حاز على جائزة نوبل، وهو أن جزيئات RNA “الحمض النووي الريبي” المزدوج الصغيرة يمكنها إسحاق الجينات عن طريق قطع ترجمة تعليمات DNA إلى البروتينات، وتحققت أخيرًا وعوده الطبية. كما تمت الموافقة على الدواء الأول الذي يستفيد من هذه العملية البيولوجية الطبيعية، المسماة بتداخل DNA في 10 آب/أغسطس من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، وهو يستهدف مرضًا وراثيًا نادرًا يتسبب في تراكم البروتينات المشوهة في أعصاب المرضى وأنسجتهم وأعضائهم، مما يؤدي إلى فقدان الإحساس وفشل الأعضاء حتى الموت.

 

يؤثر داء النشواني النتوئي الوراثي أو ATTR الوراثي على أعضاء وأنظمة الجسم مثل القلب والجهاز الهضمي والكلى، ويوجد حوالي 50000 مصاب في جميع أنحاء العالم. سوف يساعد هذا الدواء مجموعة فرعية من هؤلاء المرضى الذين يعانون من إعاقات عصبية. ويستخدم هذا الدواء الذي يطلق عليه اسم باتيسيران patisiran، قِطعًا مُصَمَّمة خصيصًا من RNA لإسكات الجين المتحور الذي عندما يكون مسؤولًا عن أعراض المرض في حالة نشاطه في الكبد.

 

في تجربة سريرية حديثة لمدة 18 شهرًا، أظهر المرضى الذين تلقوا حقن patisiran كل ثلاثة أسابيع انخفاضًا طفيفًا في الأعراض العصبية، في حين أن حالة المرضى الذين يتناولون الدواء الوهمي ساءت بشكلٍ عام. فإنه ليس علاجًا، حيث أنهم لا يزالون يعانون من الطفرات الجينية، ولكن العلاج يمنع المرض من التقدم. ويقول كريج ميللو Craig Mello من كلية الطب في جامعة Massachusetts في Worcester، والذي شارك في اكتشاف عملية تدخل RNA في الديدان الإسطوانية أن هذه الموافقة هي “مجرد البداية”. وهناك العديد من العقاقير التي تستخدم نفس المنهج، وهذا بالنسبة للأمراض التي تتراوح بين الهيموفيليا وفيروس نقص المناعة البشرية، والتي تنتقل عبر التجارب السريرية.

 

كما يقول عالم الأحياء Phillip Zamore في كلية UMass Medical، وهو أحد مؤسسي شركة Alamina Pharmaceuticals التي تعمل على تصنيع patisiran: “ما يجعل تدخل الـ RNA مميزًا للغاية هو أنه علم الأحياء الذي تم اختباره قبل 3 مليارات سنة من التطور”.

 

إن تدخل RNA هو عملية خلوية طبيعية، فعندما يتم تشغيل الجين يتم نقل المعلومات التي يحتوي عليها إلى RNA أحادي أو mRNA، والذي يترجم تعليمات DNA إلى بروتينات، ويمكن للقطعات الصغيرة من RNA المزدوج التي لا تحمل تعليمات صنع البروتين أن تستهدف وترتبط بجزيئات mRNA محددة وتعلن عنها لتدميرها وتصدرها قبل أن تصنع البروتينات. وهذه العملية تساعد على التحكم في وقت ومكان الجينات النشطة في الكائنات الحية مثل النباتات، الديدان والبشر.

 

ويستخدم Patisiran والعلاجات الأخرى القائمة على تداخل RNA أو RNAi، التي يتم تطويرها، مقتطفات مصنوعة خصيصًا من RNA الاصطناعية لمعالجة نشاط الجينات بشكلٍ مصطنع. لكن ترجمة اكتشاف RNAi إلى تطبيقات سريرية كان تحديًا، حيث يقول جون بورنيت John Burnett -عالم الأحياء في المركز الطبي الوطني لمدينة الأمل في دوارتي بولاية كاليفورنيا والذي يعمل على استخدام تداخل RNA لاستهداف فيروس نقص المناعة البشرية-:”إن الأمر الذي يتعلق بتدخل RNA الذي جعله جذابًا بالفعل هو البساطة النظرية له. بالطبع، لا شيء بسيط كما نتوقع، فقد استغرق الأمر عدة عقود لمعرفة كيفية توصيل هذه الأدوية إلى المكان المناسب في الجسم للحد من الآثار الجانبية الضارة خارج الهدف، وكيفية تصميم جزيئات RNA الاصطناعية التي تتحلل قبل قيامهم بعملهم”.

 

بمجرد أن يكون هناك طريقة لتوصيل قطعة صغيرة من RNA بأمان إلى عضوٍ معين، فإنه من السهل تبديل جزيء RNA لاستهداف جين مختلف في نفس العضو كما يقول ميلو. ويتوقع أن تتوافر قريبًا مجموعة من الأدوية المشابهة التي تعتمد على الـ RNAi، خاصةً تلك الأدوية مثل patisiran التي تستهدف الجينات في الكبد.

 

المصدر

 

كتابة: آية العزب

مراجعة: ميار محسن

تصميم: أحمد سرور

تحرير: إسراء وصفي

اظهر المزيد

ميار محمد

المدير التنفيذي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى