علم النفس

ظاهرة الـ “ماذا لو؟” أو (Counterfactual thinking)

عندما يمر الإنسان بموقف ما ويشعر أنه تحت ضغط لدرجة أن تفكيره لا يستطيع أن يساعده أو يسعفه، ويشعر بعجز أو ضعف نتيجة هذا الموقف، يبدأ الإنسان بتمرين عقله على هذا الموقف أكثر من مرة؛ حتى يمنع حدوث هذا العجز أو الضعف، فإذا تكرر هذا الموقف ثانيةً، يكون الشخص جاهزًا للتعامل معه. فمثلًا، شريف كان في مقابلة عمل، فسأله المدير: أين ترى نفسك بعد خمس سنوات؟، فأجاب شريف: أرى نفسي في موضعك يا سيدي!

   ولكن للأسف بعد أن أجاب شريف على السؤال شعر أنه قد تسرَّع أو أجاب بطريقة غير مناسبة، فحتى يضمن عقله أن هذا الموقف لن يتكرر، استمر في إعادته أكثر من مرة لشريف، ولكن في كل مرة يجعل شريف يتخيل إجابة مختلفة؛ لأنه يريد لشريف أن يرى النتائج التي كانت سوف تحدث بشكل تصوّري، حتى إذا تعرَّض مرة أخرى لنفس الموقف، يكون شريف جاهزًا ومدركًا لكيفية الإجابة بطريقة مناسبة، فلا يتكرر معه شعور الحرج أوالضعف مرة أخرى. فببساطة الـCounterfactual thinking مُصمًّم حتى يفيد الإنسان لا ليسيطرعليه.

   والمشكلة كلها تكمن في ما يحدث لو أن الـCounterfactual thinking أو حالة الـ “ماذا لو” تملّكت من شريف، بمعنى أن الفعل الذي يقوم به عقل شريف يتحول من مجرد مساعدة لشريف وتدريبه؛ ففي حالة تكرار الموقف فيصبح شريف جاهزًا، إلى شيء يحاول تحريف الواقع أو رسمه بشكل مزيف حتى يُريح شريف فقط!

   الصدمة التي لا يتقبلها الكثيرون هي معرفتهم أن ما حدث قد تم ومضى، فشريف قد أجاب السؤال ولا توجد أي فرصة للرجوع لنفس ذات الحدث، فذكاء الإنسان وصدقه مع نفسه هو ما يجعله يستخدم الـ Counterfactual thinking لمصلحته أو فائدته بدلًا من تقييده وقهره، فحالة الـ “ماذا لو” ليست مصممة أبدًا كي تجعلك تبكي على حالك ليلًا وأنت غير قادر على مواجهة حقيقة ما حدث أو حتى تستمر بحبس نفسك في الغرفة مسجونًا في أوهام وتخيلات لا تستطيع العيش خارجها، ولكن الهدف هو أنه إذا تكرر هذا الموقف مرة ثانية أو مررت بنفس الظروف التى ضايقتك قبل ذلك، لا تقل ثانيةً “ماذا لو”.

 

المصدر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى