غابات الأمازون.. رئة العالم
هل الاعتقاد السائد بأن الأمازون رئة الأرض صحيح؟
هل غابات الأمازون سلاحٌ ذو حدين؟
هل تعرف سبب تسمية غابات الأمازون بذلك الاسم؟
لعلَّ أول ما يتبادر إلى ذهنك عزيزي القارئ هو علاقة الأمازون بنسبة الأكسجين (O2) في الغلاف الجوي، أو أنها سببٌ للتخلص من كميات ثاني أكسيد الكربون (Co2) المنبعثة سواء خلال العمليات الحيوية لمختلف الكائنات الحية، أو بسبب الأنشطة البشرية المختلفة.
ولكن أثبتت الدراسات الحديثة أن غابات الأمازون تساهم بنسبة قليلة من أكسجين الهواء الجوي، بل وإنها قد تكون سببًا لزيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون مقارنةً بالأكسجين، وهذا ما سنتناوله في المقال التالي.
حظيت غابات الأمازون المطيرة بالكثير من الاهتمام على مدار الأشهر القليلة الماضية، حيث واجهت دولتا البرازيل وبوليفيا قدرًا أكبر من حرائق الغابات هذا العام، حيث إن الأمازون تُنتِج 20% من إمدادات الأكسجين في العالم، مما يشير إلى العواقب الخطيرة التي تُهدد الكوكب بشأن إمداده بالأكسجين، ولكن هل هذه النسبة صحيحة وتستحق منَّا كل ذلك الذعر؟
يقول الخبراء إن الأمازون تساهم بنسبة أقل من ذلك، وإن طريقة التفكير هذه مضللة بالنظر إلى حقيقة تأثير الأمازون على مستويات الأكسجين العالمية.
يستهلك الأمازون كل الأكسجين الذي يُنتجه تقريبًا، غابات الأمازون لا تُعدُّ مصدرًا كبيرًا للأكسجين، حيث إن الأشجار تستهلكها كلها تقريبًا من خلال عملية التمثيل الضوئي، العملية التي تستخدمها النباتات لتحويل الطاقة الضوئية إلى طاقة كيميائية، التي تعتبر عملية أساسية لمتابعة سير العمليات الحيوية لمعظم الكائنات الحية، وبذلك يمكن اعتبار أن التأثير الصافي لغابات الأمازون المطيرة على كمية الأكسجين في الغلاف الجوي العالمي “صفر تقريبًا”.
وبذلك يتضح أن النظم البيئية اليوم تساهم بالقليل جدًا من الأكسجين في الغلاف الجوي، ومعظم هذا الأكسجين يأتي من مواد عضوية مدفونة في تربتنا على مدى مليارات السنين. وتبعًا لدراسة أُجريت عام 1998، يقدر أن غابات الأمازون المطيرة تنتج نحو 6% من الأكسجين على الكوكب، وعلى الرغم من ذلك فإن غابات الأمازون ذات أهمية حاسمة للتنوع البيولوجي وتنظيم المناخ في العالم.
إذًا مَن المسؤول عن أكبر إنتاج للأكسجين على الأرض؟
يقول الخبراء إن أكبر إنتاج للأكسجين يأتي من المحيطات، وبالتحديد من الكائنات الحية الدقيقة النباتية التي تُسمى “العوالق النباتية”، حيث إن مجمل عملية التمثيل الضوئي التي تتم على كوكبنا؛ تساهم المحيطات والكائنات أحادية الخلية مثل: الدياتومات والكوكوليثوفوريس بنسبة 50% منها، إذن يتضح لنا أن الدياتومات هي سر الأكسجين الأرضي وليست الغابات، حيث تستخدم هذه الكائنات الكلوروفيل لجمع الطاقة من الشمس وتحويلها عن طريق التمثيل الضوئي إلى مادة عضوية وأكسجين.
ويبقى السؤال أيهما أخطر، نقص الأكسجين أم زيادة تركيز ثاني أكسيد الكربون في الجو؟
إن إزالة غابات الأمازون لا تُمثل خطرًا حقيقيًا بالنسبة لتركيز الأكسجين، ولكنها تشكل تهديدًا بالنسبة لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
يتفق الخبراء على أن حجم الأكسجين الناتج عن الأمازون لا ينبغي أن يكون المشكلة الرئيسية التي تنجم عن الحرائق المتعددة التي يعاني منها الأمازون؛ بل الأحرى هو الخطر والكارثة البيئية الناجمة عن زيادة ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، حيث تمتص الغابات المطيرة نحو %15 من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.
وبالتالي إذا لم تكن موجودة، فستظل هذه النسبة من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي وسيتغير المناخ بوتيرة أسرع.
وعلى ذلك فإن الغابات الاستوائية لا تقل أهمية عن المحيطات لأنها تساهم أيضًا في تنفيذ استراتيجيات الحد من الانبعاثات. المشكلة ليست فقط في الأمازون، بل هي مشكلة عالمية وما يتبعها من تغير المناخ يؤثر على جميع النظم البيئية، والتي تتدهور أيضًا تبعًا لذلك.
ولفهم أهمية الأمازون في معالجة ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، يمكننا مقارنة كمية ثاني أكسيد الكربون التي يمتصها الأمازون مع ثاني أكسيد الكربون المُنبعِث من الوقود الأحفوري، حيث يمتص الأمازون 6% من تلك الانبعاثات، وهو ما يعادل نصف انبعاثات أوروبا، حسب تقدير وكالة المخابرات المركزية.
وفي النهاية تبقى الأمازون جزءًا من الأرض والبيئة، يجب الحفاظ عليه لحماية كوكبنا من أن يكون منبعًا لثاني أكسيد الكربون، أو أن يكون مُعرَّضًا للهلاك بسبب نقص الأكسجين ولو بنسبة بسيطة.
وللتأكيد على مدى أهمية هذه القضية؛ قامت منظمة التنمية والسلام بكندا بإطلاق حملتها الجديدة باسم “المستقبل للأمازون والمستقبل للجميع”، والتي تُسلِّط الضوء على أهمية حماية الأمازون وشعوبها.