التكنولوجيا

تطور التواصُل العالمي

خلال فترة الحجر المنزلي التي يعيش العالم فيها حاليًا، اشتاق الكثير منا للعودة إلى الحياة الطبيعية منذ أول أسبوع!
وربما لولا وجود الإنترنت ووسائل التواصُل الاجتماعي، لأصبح ذلك الحجر كابوسًا.
إن وسائل التواصُل تلك، هي التي تسمح لنا حاليًا أنْ نطمئن على أحبائنا وأقاربنا الذين لا نستطيع أنْ نلقاهم أو نزورهم، وتسمح لنا أنْ نُتابع أعمالنا من منازلنا، ولابد أنَّ ذلك زرع بداخلنا امتنانًا كبيرًا للإنترنت ووسائل التواصُل الاجتماعي، وإدراكًا أكبر لأهميتها، فكيف ظهرت تلك الشبكات إلى الوجود؟

  • الراديو

إنَّ ما وصلنا إليه الآن من تكنولوجيا التواصُل، لم يظهر بين يوم وليلة، بل مهّد له الطريق عدة اختراعات واكتشافات، ومن أهم تلك الاختراعات اختراع الراديو، لأنه كان أول جهاز يستخدم الموجات الكهرومغناطيسية للتواصُل.
اكتشف “جيمس ماكسويل James Maxwell” عام ١٨٦٠ تقريبًا الطيف الكهرومغناطيسي -الذي لم يكن حينها يحتوي على كل الأشعة الموجودة حاليًا لأننا لم نكن قد اكتشفناها بعد-، وتوقَّع وجود موجات الراديو إلى جانب موجات الضوء المرئي.
وبالفعل في عام ١٨٨٦، أثبت “هاينريش هيرتز Heinrich Hertz” وجود موجات الراديو.
وجاء بعد هذين العالمين رجل ثالث، أكمل على ما وصلوا إليه واخترع جهاز الراديو، وهو الإيطالي “جيوليلمو ماركوني Guglielmo Marconi”.
رفضت الحكومة الإيطالية في بداية الأمر دعمه وتمويله لإجراء أبحاثه وتجاربه، لكن بمُساعدة والدته استطاع إنجاز عمله، وبدأ أول بث راديوي في إيطاليا عام ١٨٩٥، وبعد ست سنوات أجرى أول بث عبر المحيط الأطلنطي.

  • التليفزيون

في عام ١٩٢٥، صنع “جون بايرد John Baird” أول جهاز تليفزيون، وكان يعرض من خلاله مجموعة من الصور الثابتة المُتتابعة، وفي نفس العام استطاع المُخترع “تشارلز جينكنز Charles Jenkins”، بث عرض لطاحونة هوائية تدور، وفي العام التالي خرج بايرد بأول ما يُمكن أنْ يُسمَّى بثًّا تليفزيونيًا حقيقيًا، عرض فيه صورًا مُتحركة مصحوبة بأصوات مُتغيرة.
شهد البث والإشارات التلفزيونية بعدها تطورًا كبيرًا، ففي عام ١٩٢٧ ظهر أول بث بين لندن وجلاجسو، شهد عام ١٩٢٨ أول بث بين لندن ونيويورك، وشهد عام ١٩٤١ أول إعلان تجاري تلفازي في الولايات المُتحدة، وتمَّ بثه قبل بث مباراة بيسبول.
في عام ١٩٥٧، أُطلِقَ أول قمر صناعي للاتصالات إلى مدار حول الأرض، كان “سبوتنك 1” التابع للاتحاد السوفيتي، ورغم قدرته التكنولوجية الضعيفة، إذ لم يكن مُزودًا إلا بأجهزة تسجيل وإرسال واستقبال إشارات راديوية بسيطة، إلا أنه كان أول خطوة لغزو محيط الأرض الفضائي بأقمارنا الصناعية، وخطوة كبيرة لتأسيس التواصُل العالمي.

  • الإنترنت

خلال الحرب الباردة، كان “جوزيف ليكلايدر Joseph Licklider” يعمل في أول منظومة دفاع نصف أوتوماتيكية بنتها الولايات المُتحدة، وخرج في عام ١٩٦٠ بتخيُّل نظري لإمكانية ربط الحواسيب المُختلفة بشبكة من الكابلات، تسمح بتبادل البيانات بينها والتخزين المُشترك، وكان يرغب في ربط الحواسيب الثلاثة التي تعمل في القسم الذي يعمل فيه، وكانت تلك الحواسيب في أماكن مُتباعدة عن بعضها في المدينة.
لكن تلك الفكرة لم يتم تطبيقها حتى عام ١٩٦٨، وكان جوزيف حينها قد ترك العمل، حين أسس “روبرت تايلور Robert Taylor” و”لاري روبرتس Larry Roberts”، بناءً على أفكاره أول اتصال إنترنت بين “جامعة كاليفورنيا University of California” و”معهد ستانفورد البحثي Stanford Research Institute”.
أجروا اتصالًا تليفونيًا، وبدأوا في اختبار الاتصال، كتبوا حرفًا على الجهاز وسألوا الطرف الآخر على خط الهاتف إذا كان الحرف قد ظهر عندهم على الشاشة، فأجابوا أنَّ الحرف قد ظهر!
ورغم أنَّ الاتصال لم يتحمل بعد إرسال الحرف الثاني، وانقطع في الحرف الثالث، إلا أنها كانت بذرة لثورة الإنترنت.

  • البريد الإلكتروني

في عام ١٩٧١، كتب مُهندس الحاسوب “راي توملينسون” برنامجًا وأرسله إلى زميل بعيد، كان البرنامج يحتوي على تعليمات لطريقة جديدة يُمكن لزميله أنْ يُرسل إليه ملفًّا من خلالها، وكانت تلك أول رسالة بريد إلكتروني، ومع زيادة قوة وانتشار شبكة الإنترنت، أخذ البريد الإلكتروني محل البريد العادي والمظاريف.

  • الهواتف المحمولة والمُراسلة

في عام ١٩٧٣، نجحت شركة “موتورولا Motorola” في تصنيع أول هاتف محمول، وبحلول عام ١٩٨٥ أصبح مُتاحًا في الأسواق.
في خلال بضع سنوات، استطاعت الهواتف المحمولة إثبات نفسها أمام خطوط الهواتف الأرضية، وبدأ حجمها في الصِغَر، وأصبحت أكثر عملية وفائدة.
ومع انطلاق شبكات الجيل الثاني (2G)، أصبح بالإمكان إرسال رسائل نصية من خلال الهواتف، وليس فقط إجراء المُكالمات الهاتفية.
وفي عام ٢٠٠١، انطلقت شبكة الجيل الثالث (3G)، والتي سمحت للهواتف بالاتصال بالإنترنت وإجراء مُكالمات الفيديو.
تزامُنًا مع ذلك، كانت مواقع التواصُل الاجتماعي مثل: “LinkedIn” و”MySpace” قد أصبحت مشهورة ومُستخدمة ولها جمهور كبير، وفي ٢٠٠٥ ظهر “YouTube”، وفي ٢٠٠٦ ظهر “Facebook” و”Twitter”، وتوالت بعد ذلك تطورات وسائل التواصُل الاجتماعي، حتى وصلنا لما نحن فيه الآن، حتى صارت وسائل التواصُل الاجتماعي الوسيلة الأهم التي يتغلب بها الفرد على الوحدة، ويُحافظ على علاقاته الاجتماعية خلال ظروف صعبة مثل تلك التي يمر بها العالم الآن.

إنَّ البشر كائنات اجتماعية، تزدهر وتحتاج للتواصُل والتفاعُل مع الآخرين، وتُوفر لنا منصات التواصُل الاجتماعي هذه الاحتياجات، كما تُوفر لنا فرصة التعرُّف على أشخاص جُدد، وتكوين علاقات مع أشخاص من دول أُخرى وثقافات أُخرى، كما أنها مجانية؛ مما يزيد الإقبال عليها -لكن في المُقابل إذا لم تكن هناك سلعة تشتريها فإنكَ أنتَ السلعة-، ويُمكنها أنْ تصلنا بأناس بيننا وبينهم اهتمامات مُشتركة، وبعض الناس يستطيعون حتى إيجاد وظائف من خلالها.
لكل هذه الأسباب، لا يُمكننا أنْ نتخيل مُستقبل البشرية بدون تلك المنصات، ويُمكننا أنْ نجزم أنها لنْ تكون إلا في تطور دائم.

المصدر

كتابة: احمد عبد الستار

مراجعة: سمية عبد القوي

تحرير: اسماء مالك

تصميم: شروق احمد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى