الفيزياء والفلك

أغرب المعامل المدفونة مرصد “النيوترينو سوبر كاميوكاندي”

مرصد جسيمات النيوترينو “سوبر كاميوكاندي” (super Kamiokande)، في مختبر بحجم مبنى مكون من 15 طابقًا، مدفون على عمق 1000 متر، تحت جبل “Ikeno” في اليابان.

ولكن ماهي النيوترينوات؟

“النيوترينوات” (Neutinos) هي جسيمات دون ذرية، تنتقل عبر الفضاء وتمر عبر المادة الصلبة كما لو كانت هواءً، ويمكن أن تساعدنا في دراسة المستعرات العظمى وتكوين الكون والنجوم في مراحل موتها. من الصعب جدًا رصد النيوترينوات، لدرجة أن “نيل دي جراس تايسون” (Neil de Grasse Tyson)، أطلق عليها اسم “الفريسة الأكثر مراوغةً في الكون”. وأضاف قائلًا: “إن المادة لا يمكنها أن تشكل عائقًا أمام تلك الجسيمات، ويمكن أن يمر النيوترينو مسافة مائة سنة ضوئية خلال الصُلب دون أن يتباطأ!”.

 

إذن كيف يمكن رصد الجسيمات تلك؟

قال الدكتور “يوشي أوشيدا” (Yoshi Uchida) من جامعة إمبريال كوليدج لندن “Imperial College London”: “إذا كان هناك في مجرتنا شيء مثل مستعر أعظم، نجم ينهار ليتحول إلى ثقب أسود، فيمكن لسوبر كاميوكاندي “Super-K” أن يرصد تلك الجسيمات وهو من الأجهزة القليلة جدًا التي تمكننا من رؤيتها”. ويُطلِق النجم جسيمات نيوترينو قبل أن يبدأ في الانهيار، لذا يعمل “Super-K” كنوع من نظام الإنذار المبكر، ليخبرنا بالوقت الذي يجب علينا فيه النظر إلى هذه الأحداث الكونية المبهرة.

 

وقال الدكتور “أوشيدا”: “تقول الحسابات أنها ستكون مرة واحدة كل 30 عامًا حتى ينفجر مستعر أعظم في المدى الذي يمكن أن تراه أجهزة الكشف لدينا، إذا فاتنا أحدها فيتعين علينا الانتظار بضعة عقود أخرى في المتوسط لنرى الحدث التالي”.

 

لا يقوم “Super-K” بالتقاط النيوترينوات القادمة من الفضاء فقط، ففي الناحية المقابلة في اليابان في “توكاي” (Tokai)، تطلق تجربة “T2K” شعاع النيوترينو 295 كيلومتر من خلال الأرض ليتم التقاطها في “Super-K” على الجانب الغربي من البلاد. فمن خلال دراسة تغير سلوك النيوترينوات أثناء مرورها في المواد، يمكن معرفة الكثير عن أصول الكون. فمثلًا العلاقة بين المادة والمادة المضادة.

 

وقال دكتور “مورجان واسكو” (Morgan Wascko) من جامعة أمبريال كوليدج: “يتوقع نموذج الانفجار العظيم لدينا أن المادة والمادة المضادة قد تكونان بأحجام متساوية، أما حاليًا فقد اختفت معظم المادة المضادة بطريقة أو بأخرى”. فدراسة النيوترينوات يمكن أن تكون إحدى الطرق لفهم ماهية حدوث ذلك.

 

يحتوي الخزان الهائل على 50,000 طن من المياه النقية جدًا؛ لأنه عند مرور النيوترينوات في المياه تكون أسرع من الضوء، فيولد ذلك ضوءًا بنفس الطريقة التي تستخدم طائرة “كونكورد” لتوليد موجات صوتية، وقال الدكتور “أوشيدا”: “إذا كانت الطائرة تسير بسرعة فائقة أسرع من سرعة الصوت، فإنها ستنتج صوتًا -موجة أو صدمة كبيرة- بطريقة لا يكون بها جسم أبطأ من ذلك، فبالطريقة نفسها التي يمر بها الجسيم عبر الماء يكون أسرع من سرعة الضوء في الماء، ويمكن أيضًا أن تنتج موجة من الضوء”.

 

يُبطن الحجرة 11,000 مصباح ذهبي اللون وهي أجهزة كشف حساسة للضوء بشكل هائل، تُسمَّى “Photo Multiplier Tubes” والتي يمكنها التقاط هذه الصدمات الموجية. ويصفها الدكتور واسكو بأنها عكس المصباح ببساطة “The inverse of a lightbulb”، ويمكنها الكشف حتى عن كميات ضئيلة من الضوء وتحويلها إلى تيار كهربائي والتي يمكن بعد ذلك ملاحظتها.

 

المياه النقية مرعبة جدًا!

فحتى يصل الضوء من الموجات إلى المستقبلات الخاصة، يجب على الماء أن يكون عالي النقاء، فيعمل “Super-K” على تنقيتها باستمرار، وأيضًا باستخدام الأشعة فوق البنفسجية للقضاء على البكتيريا. ويمكن لأي شيء التحلل فيها، فالمياه النقية هي مادة سيئة للغاية لها ميزات الحمض والقلوية، فإذا ذهبت للغطس في هذه المياه فستصاب بالتقشرات! وعندما يحتاج “Super-K” إلى الصيانة، يحتاج الباحثون إلى الخروج على قوارب مطاطية لإصلاح واستبدال أجهزة الاستشعار.

 

وختم دكتور “واسكو” قائلًا: “تم اقتراح مرصد نيوترينو أكبر اسمه هايبر كاميوكاندي “Hyper Kamiokande”، وإننا نحاول الحصول على الموافقة لتجربته، وهذا سيبدأ العمل في حوالي عام 2026″، سيكون “Hyper-K” أكبر 20 مرة من “Super-K” من حيث الحجم الهائل، ومع حوالي 99000 من أجهزة الكشف عن الضوء في مقابل 11000″.​

المصدر

 

كتابة: هدير فوزي

مراجعة: ميار محمد

تصميم: عمر حسن

تحرير: إسلام حمدي

اظهر المزيد

ميار محمد

المدير التنفيذي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى