الإنفلونزا الإسبانية
قتل ما بين 20 إلى 40 مليون شخص، وفي فرضيات أخرى ما بين 50 إلى 100مليون شخص، صُنف بأنه من أكثر الأوبئة المدمرة في تاريخ البشرية، وُصف بأنه أعظم هولوكوست طبي في التاريخ، إنه وباء الإنفلونزا الإسبانية عزيزي القارئ!
في عام 1918، تسببت سلالة من الإنفلونزا المعروفة بالإنفلونزا الإسبانية -وهو فيروس من النوع الفرعي A من سلالة H1N1- في حدوث وباء عالمي وقَتلت بشكل عشوائي، حيث أصابت الشباب والكبار والأشخاص الأصحاء والمرضى، وتُوفي ما لا يقل عن 10% من المرضى!
-
نقطة البداية
بينما كانت الحرب العالمية الأولى تُشارف على الانتهاء، والحلفاء ينتصرون، كانت نقطة البداية لكارثة تسببت بمقتل ضعف ضحايا الحرب، ومصدر العدوى محل شك بين الكثيرين.
ولكن يُعتقد أنَّ الظروف الضيقة والقذرة وسوء التغذية و الكيماويات التي تعرض لها الجنود في الحرب أدت إلى ضعف الجهاز المناعي لديهم وانتشار المرض، حيث أنه عندما بدأت القوات في العودة إلى ديارهم في صيف 1918، أحضروا معهم الفيروس غير المُكتشف مما أدى إلى انتشاره عبر المدن والبلدات والقرى في البلدان الأصلية للجنود.
تُشير نظرية جديدة حول أصول الفيروس إلى أنه ظهر لأول مرة في الصين، وهناك فرضيات أخرى تقول أن أصل الوباء يعود إلى الولايات المتحدة في ولاية “كانساس” تحديدًا.
-
لماذا سُميت بالإنفلونزا الإسبانية؟
كانت إسبانيا واحدة من أقدم البلدان التي تم فيها تحديد الوباء، لكن المؤرخين يعتقدون أنَّ هذا ربما كان نتيجة الرقابة في زمن الحرب، حيث كانت إسبانيا دولة محايدة خلال الحرب ولم تفرض رقابة صارمة على صحافتها، والتي يُمكنها بالتالي نشر الروايات المبكرة للمرض بحرية، ونتيجة لذلك اعتقد الناس زورًا أنَّ المرض خاص بإسبانيا، ولذلك اسم الإنفلونزا الإسبانية لا يعني أنَّ مصدر العدوى هو إسبانيا.
-
أعراض المرض
تشمل الأعراض الأولية للمرض التهاب الرأس والتعب، يليه سعال جاف وفقدان الشهية، ومشاكل في المعدة، ثم في اليوم الثاني التعرق المفرط، بعد ذلك يمكن أن يؤثر المرض على أعضاء الجهاز التنفسي، ويمكن أن يتطور للالتهاب الرئوي.
وكانت في الغالب الأسباب الرئيسية للوفاة هي الالتهاب الرئوي ومضاعفات الجهاز التنفسي، وهذا يفسر سبب صعوبة تحديد الأعداد التي قتلتها الإنفلونزا، لأن سبب الوفاة المذكور غالبًا كان غير الإنفلونزا.
-
كيفية انتقال العدوى معدل انتشاره
كانت العدوى تنتقل عن طريق رذاذ السعال أو العطس، حيث ينتشر أكثر من نصف مليون جسم فيروسي إلى كل من يجاور الشخص، وانتشر الوباء بصورة كبيرة جدًّا وساهم في ذلك كما ذكرنا من قبل الجنود والتحركات الكبيرة للقوات في الحرب، انتشر أيضًا في دول كثيرة، و بحلول صيف 1918 انتشر الفيروس بسرعة إلى دول أخرى في أوروبا، فكانت فيينا وبودابست بالمجر تعانيان، وتأثرت أجزاء من ألمانيا وفرنسا بالمثل، تم الإبلاغ عن العديد من الأطفال المرضى في مدارس برلين أدى إلى الغياب عن المدرسة، والغياب في مصانع التسلح قلل أيضًا من الإنتاج.
وبحلول 25 يونيو 1918، وصل وباء الإنفلونزا في إسبانيا إلى بريطانيا، وفي يوليو، ضرب الوباء تجارة المنسوجات في لندن بشدة، حيث في مصنع واحد فقط يضم 400 عاملاً ذهب 80 عاملًا إلى المنزل وهم مرضى في ليلة واحدة فقط.
انتشر بسرعة، وشق طريقه في جميع أنحاء العالم، وفي أغسطس 1918، تُوفي ستة بحارة كنديين على نهر سانت لورانس، وفي الشهر نفسه، تم الإبلاغ عن حالات بين الجيش السويدي ثم في السكان المدنيين في البلاد وكذلك بين السكان العاملين في جنوب أفريقيا.
-
عدد الإصابات والوفيات
قُدّر عدد الوفيات بحوالي 25 مليون وفاة، ولكن وفقًا لبعض الباحثين فإن عدد الوفيات وصل إلى حوالي 50 مليون وفاة ومن الممكن أكثر من ذلك بكثير، ويُعتقد أنَّ الهند قد عانت مما لا يقل عن 12.5 مليون وفاة، وبالنسبة للولايات المتحدة فإن عدد الوفيات يقدر بنصف مليون شخص، في بريطانيا رصد حوالي 250 ألف وفاة، في فرنسا 400 ألف حالة، وفي اليابان 390 ألف حالة وفاة.
أما بالنسبة لعدد الإصابات فهي تقدر بحوالي 500 مليون شخص حول العالم، وفي ذلك الوقت كان يمثل هذا العدد ثلث سكان العالم.
وتشير الإحصائيات إلى أن 99٪ من الوفيات كانت في أشخاص أعمارهم أقل من 65 سنة، وأكثر من نصف الوفيات كانت في المجموعة العمرية ما بين 20-40 سنة مما جعل هذا الوباء مختلفا عن بقية الأوبئة.
بالنظر عزيزي القارئ إلى عدد الوفيات والإصابات الهائل، ومعدل الانتشار السريع للفيروس، فإننا نستطيع القول أن عام 1918 حمل وباءً هو من ضمن أشد الأوبئة فتكا في التاريخ المسجل، إن لم يكن أولهم، مما جعله يدخل في قائمة فيروسات غيرت التاريخ!