الطب

ما الذي يفعله سم الثعبان تحديدا في جسد المصاب

الثعابين كائنات لافتة للنظر بحق, فهي تستطيع العيش في كل البيئات تقريبا, وبرغم سمعتها السيئة, في الواقع تخاف الثعابين منك أكثر مما تخاف أنت منها. وحوالي 400 نوع من أصل 3000 فقط هي التي تفرز السموم. ولكن ماذا يفعل السم تحديدا؟
في البداية, يمكن ألّا يظهر على الضحية أي أعراض واضحة, ولكن بعد فترة تظهر أعراض مفاجأة كعدم القدرة على التنفس والدخول في صدمة. يمكن تقسيم أعراض التسمم بالثعابين إلى 4 أقسام رئيسية :

1- آثار موضعية:

-ألم عند مكان العض ويزداد عند الضغط عليه ويصبح منتفخا ويمكن أن ينزف أو يكوّن فقاعة, وبعض أنواع الكوبرا يمكن أن تسبب موت الأنسجة حول مكان العض.
– هناك أنواع من ثعابين الكوبرا في أفريقيا قادرة على بصق السم تماما في العين, مسببا آلام شديدة وتلف فيها.

2- الجهاز العصبي:

تعد أنواع السموم القادرة على تسميم الأعصاب أكثر الأنواع شهرة بين الحيوانات، ويكون هذا التسمم إما في صورة منع وصول الإشارات العصبية للمخ مسببا شلل في العضلات أو زيادة نشاط الجهاز العصبي بصورة كبيرة جدا. سم الثعابين يؤدي إلى إصابة العضلات بالشلل، حيث يبدأ أولا بأعصاب العين حيث يكون بؤبؤ العين متسعا وتقل حركة العين وارتخاء الجفون ومشاكل في الرؤية، وإن لم يتم العلاج تتطور هذه الأعراض حتى تصل إلى عدم القدرة على الكلام والبلع، وفي النهاية فقدان القدرة على التنفس. كما يوجد بعض الثعابين القادرة على تدمير الأعصاب. ففي هذه الحالة تأخذ الأعصاب عدة أسابيع للشفاء، وفي هذه الأثناء يمكن ألا يتمكن المصاب من التنفس إلا بمساعدة أجهزة خارجية. هناك أنواع من الثعابين الأسترالية تحتوي سمومها على مركبات قادرة على تعطيل نقل الإشارات عبر الأعصاب وأخرى قادرة على تدميره، بينما سم ثعبان الكوبرا الشهير يؤثر على المخ والحبل الشوكي محدثا الشلل.

3- الدم والقلب:

تتميز سموم الثعابين بأن لها تأثير قاتل نادراً ما يوجد في الأنواع الأخرى من السموم، حيث يسبب سم الثعابين تغيراً في تجلط الدم وذلك لأنه يجعل الجسم يدمر العوامل المسئولة عن تجلط الدم، ومن ثم يُحدث أضراراً بالدورة الدموية كما يمكن أن يؤدي إلى الموت المفاجئ. وفي بعض الأحيان يؤدي إلى النزيف الداخلي في بعض الأعضاء مثل المخ والأمعاء، بالإضافة إلى النزيف من مكان العض أو من جروح قديمة أو من الفم، إذا لم يتم اكتشاف النزيف يمكن أن يؤدي ذلك إلى الدخول في صدمة بسبب فقد الدم والوفاة.
بجانب الثعابين، يوجد نوع من قناديل البحر تحتوي مجساته على ملايين الزوائد (على شكل رماح) ممتلئة بالسم، حيث يمكن أن تنغرس في البشرة وتتسبب مقتل الإنسان البالغ في عدة دقائق، حيث يسري هذا السم في الدم حتى يصل إلى القلب محدثا ثقوب في الأغشية الخارجية للخلايا العضلية بالقلب، مما يؤدي إلى خلل في نظام انقباض القلب، لذلك يمكن القول أن هذا السم أخطر أنواع السموم في العالم.

4- العضلات:

تتميز سموم الثعابين بهذه القدرة أيضا، وإن كانت هذه الخاصية أبطأ مما سبق إلا أنها قاتلة أيضا.
تؤدي سموم الثعابين إلى إذابة غشاء العضلات، المشكلة ليست فقط في كون هذا الإحساس مؤلم للغاية، ولكن أيضا في إمكانية إضرار الكُلى بسبب وصول بروتين عضلي يسمى (myoglobin) إليها بسبب تدمير العضلات هذا.
بالإضافة لما سبق، يؤدي تدمير العضلات إلى ارتفاع نسبة البوتاسيوم في الدم مما يؤدي إلى تلف مميت في معدل انقباض القلب.
وهنا نحب أن نلفت نظرك عزيزي القارئ إلى ملحوظة هامة، يجب على السم أن يُحقن في الدم حتى يتأثر به الجسم، فإن ابتلعته في الغالب لن يحدث شيء! ففي القرن السادس عشر قام الطبيب الإنجليزي ريتشارد ميد بشرب سم ثعبان، ولم يحدث له أي شيء. ولكن كيف؟
معدة الفقاريات تفرز مواد كيميائية خاصة تقوم بتكسير سم الثعابين، ولكن وجود أي جروح أو قرح في المعدة يمكن أن يكون بوابة لوصول السم إلى مجرى الدم، ومن ثم يكون خطرا. هذه الخاصية في معدة الفقاريات هي التي تفسّر أيضا كيف يمكن للثعبان أكل فريسته التي قام بتسمميها. وذلك أيضا أساس الادعاء الشهير الذي كثيرا ما نراه في الأفلام أنه يمكن امتصاص السم من الجرح، حيث أوضح الدكتور روبرت باريش (Robert A. Barish) من كلية الطب بجامعة مريلاند أنه ثبت بالدليل أن امتصاص السم من الجروح أو استخدام أكياس الثلج أو سد الأوعية لا يساعد الضحية بالمرة، بل على العكس، يمكن أن تؤدي إلى تلوث الجرح والأوعية الدموية والأعصاب المحيطة.
حسنًا إذًا، ماذا يجب أن تفعل إذا تعرضت أو تعرض أحد معك لعضة ثعبان؟
-اتصل بالطوارئ فورًا خصوصًا إذا تعرفت على الثعبان وعلمت أنه سام، إذا كان هناك صعوبة في التنفس، أو إذا فقد المصاب وعيه. وحتى وصول الطوارئ اتبع الاتي:
1- لا تحاول إمساك الثعبان أو وضعه في قفص، بل قم بحفظ شكله استعدادا لوصفه للمختصين.
2- حافظ على المصاب :
– ابعد المصاب عن المكان الذي تواجد فيه الثعبان.
– حافظ على هدوء المصاب وثباته، لمنع السم من الانتشار بسبب الحركة.
– اجعل المصاب مستلقيا بحيث يكون مستوى الجرح تحت القلب.
– انزع أي مجوهرات، أو حذاء المريض إذا كانت العضة في القدم.
3- احذر الآتي: القيام بقطع الجرح ومحاولة امتصاص السم، وضع أكياس ثلج أو سد الأوعية الدموية، إعطاء المريض كحوليات أو أي أدوية.

المصادر 1 2 3 

 

كتابة: ياسمين محمد

مراجعة: دينا ناصر

تصميم: محمد خالد

تحرير: رنا ممدوح

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى