نجم نيتروني قديم أغرق مجرتنا الشمسية بالذهب والبلاتين الثمين!
لتشكيل الثقب الأسود، على نجمين نيترونيين الاصطدام ببعضهما البعض، وقد حدث اصطدام مُمتاز قبل حوالي 4.6 مليار عام، وهذا ما اكتشف العُلماء بأنَّه أدَّى إلى إغراق الحياة الكونية بالعديد من العناصر الثقيلة الحيوية للحياة.
في دراسة جديدة نُشِرَت في 1مايو في مجلة الطبيعة، حلَّل العُلماء بقايا النظائر المُشعة، أو إصدارات من الجُزيئات بأعداد مُختلفة من النيوترونات، في نيزك قديم جدًا، وبعد ذلك قارنوا تلك القِيَم بنسب النظائر التي تُنتجها مُحاكاة كمبيوتر لعمليات الدمج بين النجوم النيوترونية -تَصادُمات نجمية كارثية يُمكن أنْ تُسبِب تَموجات في نسيج الزمكان وهو عبارة عن دمج لمفهومي الزمان والمكان- وهو الفضاء بأبعاده الأربعة، الأبعاد المكانية الثلاثة التي نعرفها؛ الطول والعرض والارتفاع، مُضافًا إليها الزمن كبُعد رابع.
ووجد الباحثون أنَّ تَصادُم نجم نيوتروني واحد بدأ قبل حوالي 100 مليون سنة من تكوين نظامنا الشمسي، وتحديد موقعه على بُعد 1000 سنة ضوئية، ربما يكون قد وفر لجيراننا الكونيين العديد من العناصر الأثقل من الحديد الذي يحتوي على 26 بروتون، يشمل ذلك حوالي 70% من ذرات كوريوم نظامنا الشمسي المبكرة و40% من ذرات البلوتونيوم، بالإضافة إلى ملايين الجنيهات من المعادن الثمينة مثل الذهب والبلاتين إجمالًا، وجد الباحثون أنَّ هذا الانهيار النجمي القديم قد أعطى نظامنا الشمسي بنسبة 0.3% من جميع عناصره الثقيلة، ونحن نحملها حولنا كل يوم.
وأضاف أنَّه إذا كُنتَ ترتدي خاتم زواج ذهبي أو بلاتيني، فأنتَ أيضًا ترتدي القليل من الماضي الكوني المُتفجر.
وقال بارتوس “Bartos”: “حوالي 10 ملليجرام [0.00035 أونصة] من المُحتمَل أنَّها تشكلت قبل 4.6 مليار سنة”.
كيف يصنع النجم خاتم الزواج؟ يتطلَّب انفجارًا كونيًا ملحميًا، “وبضعة مليارات سنة من الصبر”.
يتم إنتاج عناصر مثل البلوتونيوم والذهب والبلاتين وغيرها من الأثقل من الحديد في عملية تُسمَّى: التقاط النيترون السريع (وتُسمَّى أيضًا العملية r)، حيث تتألق النواة الذرية بسرعة مع مجموعة من النيوترونات الحرة قبل أنْ يُتاح للنواة الوقت للاضمحلال الإشعاعي، تحدث هذه العملية فقط نتيجة لأحداث الكون الأكثر تَطرُفًا -في الانفجارات النجمية التي تُسمَّى النجوم الفائقة أو تَصادُم النجوم النيوترونية- لكن العُلماء يختلفون حول أي من هاتين الظاهرتين مسؤول بشكل رئيسي عن إنتاج العناصر الثقيلة في الكون.
في دراستهم الجديدة، قام بارتوس “Bartos” وزميله زابولكس ماركا “Szabolcs Marka” (من جامعة كولومبيا في نيويورك) بحجة أنَّ النجوم النيوترونية هي المصدر الغالب للعناصر الثقيلة في النظام الشمسي.
للقيام بذلك، قارنوا العناصر المُشعة المحفوظة في نيزك قديم مع المُحاكاة العددية لعمليات الدمج بين النجوم النيوترونية في نقاط مُختلفة في الزمكان حول درب التبانة.
وقال بارتوس لـ “لايف ساينس” في رسالة بالبريد الإلكتروني: “تحتوي الشُهب على بقايا النظائر المُشعة التي تُنتجها عمليات الدمج بين النجوم النيوترونية”، “على الرغم من تآكلها منذ فترة طويلة، يُمكن استخدامها لإعادة بناء كمية من النظير المُشع الأصلي في وقت تكوين النظام الشمسي”.
احتوى النيزك المعني على نظائر مُتحلِلة من ذرات البلوتونيوم واليورانيوم والكوريوم، والتي استخدمها مُؤلفو دراسة عام 2016 في مجلة Science Advances لتقدير كميات هذه العناصر الموجودة في النظام الشمسي المُبكِر.
قام كل من بارتوس وماركا بتوصيل هذه القِيَم بنموذج كمبيوتر لمعرفة عدد عمليات الدمج بين النجوم النيوترونية التي ستحتاجها لملء النظام الشمسي بالكميات الصحيحة من هذه العناصر.
ولقد اتضح أنَّ اندماج نجم نيوتروني واحد سوف يقوم بالخدعة، إذا حدث بالقُرب من نظامنا الشمسي -خلال 1000 سنة ضوئية، أو حوالي 1% من قطر درب التبانة-.
كتب الباحثون أنَّ عمليات الدمج بين النجوم النيوترونية نادرة جدًا في مجرتنا، حيث تحدث عدة مرات فقط كل مليون عام، Supernovas من ناحية أخرى هي أكثر شيوعًا بكثير.
وفقًا لدراسة أُجريت عام 2006 من وكالة الفضاء الأوروبية، ينفجر نجم ضخم في مجرتنا مرة كل 50 سنة أو نحو ذلك.
وخلص بارتوس وماركا إلى أنَّ مُعدل المُستعرات الأعظمية كبير جدًا لدرجة لا يُمكن تفسيرها لمستويات العناصر الثقيلة التي لوحظت في نيازك النظام الشمسي المُبكر، مُستبعدًا أنَّها المصدر المُحتمَل لتلك العناصر، ومع ذلك، فإنَّ اندماج نجم نيوتروني واحد قريب يُناسب القصة تمامًا.
وفقًا لبارتوس، فإنَّ هذه النتائج “تُلقي الضوء الساطع” على الأحداث المُتفجِرة التي ساعدت في جعل نظامنا الشمسي كما هو.
كتابة: هدير أحمد شوالي
مراجعة: سارة محمد
تحرير: أسماء مالك
تصميم: عاصم عبد المجيد