طفيليات التهمت مخ سيدة وهي على قيد الحياة!
في حادثة غريبة من نوعها، امرأة بعمر الـ69 عامًا كانت تعاني من التهاب مزمن في الجيوب الأنفية، ونصحها الأطباء بغسل أنفها بالماء، وبدلًا من استخدام مياه معقمة استخدمت مياه الصنبور بمنقّي مياه رخيص. بعد عام، بدأت تعاني من أعراض غير مفهومة السبب، طفح جلدي أحمر حول أنفها، ثم تتابعت الأعراض حتى وصلت إلى نوبات صرع عنيفة وفقد الإدراك! الأمر الذي جعل الأطباء يرجحون وجود مشكلة في المخ.
وأظهرت الاشعة المقطعية وجود تلف بحجم 1.5 سم في مؤخرة الرأس، وتم ترجيح أنه ورم في المخ لذا تم وضعها على قائمة العمليات بشكل عاجل. وأثناء الجراحة لم يجد الأطباء ورمًا، إنما كان هناك مقطع في المخ بحجم كرة الجولف تقريبًا عبارة عن أنسجة رخوة دموية! وتبين بالفحص وجود نوع من الأميبا الآكلة للمخ، وهي حالة مرضية نادرة جدًا تسمى بالتهاب الدماغ الحبيبي الأميبي “Granulomatous Amebic Encephalitis” وهي عدوى خطيرة مزمنة بالمخ والحبل الشوكي، بسبب نوع من الكائنات الأميبية ( وحيدة الخلية) تعرف بـ”Balamuthia mandrillari”. وتتواجد هذه الكائنات بشكل طبيعي في التربة والمياه على وجه الأرض كلها، ولا تنتشر بين الأشخاص إلا عن طريق نقل الأعضاء، إنما تتم العدوى عن طريق الاحتكاك المباشر بالتربة أو المياه الملوثة سواء من الجروح أو الفم أو مع الغبار في الهواء إلى الرئتين، وفي حالة السيدة يرجح أنها وصلت إلى المخ عن طريق الإمداد الدموي عند الأنف والأنسجة المحيطة.
هذا المرض نادر ولكنه مميت، حيث تبلغ نسبة الوفيات حوالي 89% من المصابين (منهم السيدة المذكورة سابقًا فقد توفت بعد العملية الجراحية بشهر واحد!) ولكن بالطبع تزداد فرص النجاة بالتشخيص والعلاج المبكر قبل تفاقم الأحداث، فتم تسجيل حالات نجت بعد علاج بعدة أنواع من الأدوية بل وعادوا إلى حياتهم الطبيعية. وتظهر الأعراض خلال أسابيع وحتى عامين من تاريخ الإصابة بالطفيل وتشمل: صداع، حمى، تعب وإرهاق، قيء وغثيان، تيبس في عضلات الرقبة والرأس وألم عند الحركة، وحساسية للضوء (طفح جلدي في البشرة عند التعرض للشمس وتلف بالبشرة يشبه حروق الشمس)، كما يظهر على المريض بعض التغيرات مثل تغير في السلوك، نوبات صرع، نقص الوزن، صعوبة في المشي والتحدث. وتكون هذه الأعراض بسيطة في البداية ولكن تزداد حدتها بمرور الوقت وتأخر التشخيص.
يمكن أن تصيب العدوى أي شخص في أي سن، ولكن الجهاز المناعي القوي قادر على كبحها، أي أن المرض يظهر في حالات ضعف المناعة بسبب الإيدز، أمراض الكبد، السرطان، إدمان الكحوليات، المرضى المتلقين أدوية تثبيط جهاز المناعة عقب عمليات زرع الأعضاء وطرفي المراحل العمرية: الأطفال والعجزة. إن معظم الحالات يتم تشخيصها إما بعد الوفاة أو قبلها بوقت قليل، وبسبب التشخيص المتأخر لا يتسنى للباحثين تجربة أدوية مختلفة لمعرفة مدى فاعليتها.
كتابة: ياسمين محمد
مراجعة: طه عبدالخالق
تصميم: أمنية عبدالفتاح
تحرير: زينب أحمد