الطب

ممارسة جراحة الدماغ من آلاف السنين ومعدلات نجاح مبهرة

لقد كان الناس يمارسون جراحة الدماغ لآلاف السنين، والغريب في الأمر أن كانت لديهم معدلات نجاح مبهرة.

جراحة الجمجمة “ما قبل التاريخ” والمعروفة باسم “trepanation” هي عملية عجيبة للغاية، حيث كان الناس يحفرون ثقوبًا في جماجم الأشخاص منذ 5000 عام على الأقل، وليس كعقاب أو طريقة للتعامل مع الأعداء ولكنها طريقة لعلاج المرضى، حيث أن جماجمهم تُظهِر علامات الشفاء حول الحفرة. وبينما كانت بعض مناطق العالم تمارس الفن بشكل متكرر أكثر من مناطق أخرى، إلا أنها ظهرت في كل مكان من “بيرو” إلى “روسيا” إلى “الدول الإسكندنافية” إلى “الصين”. وبعد هذا اكتشف علماء الحفريات ما يقرب من 1500 جمجمة من العصر الحجري الحديث مع وجود علامات على الجراحة وهذا حوالي من 5% – 10% من جميع الجماجم الموجودة في تلك الفترة الزمنية، حيث تبين أن من كل 50 شخصًا إن عدد الذين خضعوا لجراحة دماغية كان أقل بكثير من 10 ومن الواضح أن القدماء كانوا يُجبَرون على أداء هذه التقنية لسبب ما.

هذا هو اللغز الذي حير العلماء ولا يزالون يكافحون لمعرفته. وهناك تفسيران لذلك، فمن ناحية ربما تم إجراء الجراحة لأسباب طبية حيث تم العثور على تسعة جماجم في أماكن الدفن بالقرب من الحدود بين روسيا وجورجيا، كانت خمسة من تلك الجماجم تعود إلى أشخاص عانوا من نوع ما من الصدمات الجسدية، مما يوحي بأن هذا الإجراء كان من المفترض أن يعالجهم. وهذا يتماشى مع النتائج في المواقع الأخرى في جميع أنحاء العالم وكذلك مع ممارسة العصور الوسطى التي تم توثيقها بشكل أفضل، والتي كانت تُستخدَم لعلاج حالات مثل النوبات والصداع الشديد.
ومن ناحية أخرى، إن الجراحة أُجرِيت جميعها في نقطة على الجمجمة تُدعَى “obelion” وهذه النقطة هي أسوأ مكان لإجراء جراحة كهذه لأنها خطيرة جدًا، مما يرجح أن هؤلاء الأشخاص خضعوا لتلك العمليات لسبب قهري للغاية، كما أن إجراء الثقوب في نفس المكان بالضبط في جميع الحالات يشير إلى أن هناك سببًا دينيًا أو طقوسًا، وأن معظم هؤلاء الأشخاص قد ظلوا على قيد الحياة لفترة طويلة بعد الجراحة.

قد يكون من المُذهِل معرفة هذه الممارسة القديمة الشنيعة، وأن هذا التقليد استمر حتى اليوم الحالي. تبين أن الأشخاص في عصر الإنكا الكلاسيكي (حوالي 1400 م) كانوا أفضل بكثير في جراحات الدماغ من أطباء الحرب الأهلية بعد حوالي 500 سنة. ولاكتشاف ذلك، قام علماء الآثار بمقارنة الجماجم المثقوبة من عدة عصور مختلفة والتي أظهرت لهم كيف أصبحت الممارسة مثالية، حيث أظهرت الجماجم (من 400 إلى 200 قبل الميلاد) معدل البقاء على قيد الحياة 40%، وترتفع تدريجيا إلى (75% إلى 83%) بحلول 1400 من الميلاد.
وعلى سبيل المقارنة، كان أطباء الحرب الأهلية الذين يؤدون إجراءات مماثلة أقرب إلى معدلات النجاح التي بلغت 2000 عام حوالي 50%.

المصدر

 

كتابة: محمد أحمد

مراجعة: ياسمين محمد

تصميم: محمد خالد

تحرير: اسلام حمدي

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى