الزيوت الضرورية من زاوية أخرى
قد يجد كثير من الناس في بعض الزيوت التي نداوم عليها رائحة طيبة، ولكن ما لا نعلمه للأسف أنها -رغم أنها تُعَد من الزيوت الضرورية لنا- قد تكون سببًا لكثير من الأمراض المختلفة. وقد تم عمل العديد من الدراسات بخصوص هذه المشكلة، ووجدت الدراسات الأخيرة أن سموم الزيوت الضرورية تلك أصبحت شائعة ومنتشرة بصورة شديدة وبكثرة في أوروبا والولايات المتحدة، وكانت النتائج في أستراليا شبيهة بالأخيرة.
ومن المجلة الطبية في أستراليا، صدرت دراسة جديدة قامت بعمل تحليل للبيانات من مركز معلومات السموم في “نيو ساوث ويلز” -والذي يُعرف اختصارًا ب (NSWPIC)- والتي تتعامل مع نصف الحالات التي تم التبليغ عنها تقريبًا لمركز معلومات السموم عبر الدولة. وخلال الفترة من بين يوليو 2014 إلى يونيو 2018، قامت تلك المؤسسة بتسجيل 4412 حالة تسمم عن طريق الزيوت الضرورية التي نستهلكها، وثلثا هذا العدد الضخم يتضمنا أطفالًا دون سن ال 15. وبمرور هذه المدة، أمكن معرفة أنه يمكن تمثيل الزيادة كل سنة بنسبة 16%.
وتُعد هذه الزيوت من المركبات الكيميائية الطيارة -أي أنها تتبخر في درجات الحرارة المنخفضة- ويتم استخلاصها من المواد النباتية عبر عملية التقطير، التي تتضمن التبخير عادة، ويشير اسمها إلى حقيقة أنها تحتوي على مُركَّز العطر للنبات، لذا فهي معروفة برائحتها اللطيفة.
وتُستخدم هذه الزيوت في صناعة كثير من المواد التي نألفها، مثل: العطور، الصابون، وما شابه ذلك. ومن المعروف أن هذه الزيوت مفيدة صحيًا في أنها تساعد على ارتخاء الجهاز العصبي. ومع ذلك، يقترح بعض الموردين أيضًا تطبيق الزيوت موضعيًا أو حتى تناولها عن طريق الفم، الأمر الذي يحذر مؤلفو الدراسة بشدة منه.
وهذه الزيوت يمكن لها أن تسبب سمية بدرجة شديدة عند تناولها، وحجم الخطر يعتمد على نوع الزيت المستخدم. وقد شرح مؤلفو الدراسة في تقريرهم قائلين: “إن بداية تواجد السمية تكون سريعة، وفقط كمية صغيرة (أقل من 5 مل) يمكن لها أن تسبب خطرًا مهددًا لحياة الأطفال، كما أن الآثار السلبية لها قد تشمل: القيء، خلل في الجهاز العصبي المركزي، أو الالتهاب الرئوي”.
وبعض من هذه الزيوت قد يتعارض مع توازن الهرمونات في الجسم، مع دراسات توضح أن “اللافندر” و”زيت شجر الشاي” يحتويان على مركبات تحفز هرمون الإستروجين، وتثبط هرمون التستوستيرون، مما أدى إلى تطور الثديين في الذكور من الشباب بعد تعريض هذه الزيوت بشكل متكرر على بشرتهم. وفي كل الحالات التي تم الإعلان عنها، نجد أن الأعراض تختفي عقب التوقف عن استعمال هذه الزيوت.
وعند تحليل البيانات، يشرح مؤلفو الدراسة أنه بالنسبة لهؤلاء اللذين تواصلوا مع (NSWPIC)، وُجِد أن حوالي 80% من تلك الحالات قد تناولت هذه الزيوت عن طريق الخطأ، مثل الخلط بينها وبين دواء السعال، أو نتيجة لخطأ علاجي (متمثلًا بنسبة 13%). وعلى الرغم من ذلك، فإن 105 شخص -أي ما يعادل 2.5%- قد استهلكوا الزيوت عن عمد؛ وذلك لجهلهم فيما قد ينتج عن هذه الزيوت. ولذلك، يجب التعامل بحكمة مع استهلاك مثل هذه الزيوت التي نحن في غنى عن آثارها السلبية، ومما قد تحدثه لمن يجهل سلامتها وأضرارها.
كتابة: محمد خالد
مراجعة: محمد عبدالمنعم
تحرير: زياد محمد
تصميم: امنية عبدالفتاح