هشاشة العظام | العظام النَخِرة
إذا نظرت إلى كبار السن تجد أغلبهم مُنحني القامة، ويعانون من آلام الظهر، وقد تتكسر عظامهم بسهولة عند القيام بأي مجهود فوق طاقتهم. تشعر النساء بعد سن اليأس بأن عظامها نَخِرة، ولا تقوى على الحركة بسبب آلام العظام. إنهن يُعانون مما يُسمى هشاشة العظام، وهذا حديث مقالنا اليوم…
ما المقصود بهشاشة العظام (osteoporosis)؟
هشاشة العظام أو العظام المسامية هي حالة مرضية، حيث تصبح العظام أقل كثافة، وأكثر عُرضة للكسور. تشبه العظام الصحية من الداخل الإسفنجة في الشكل، حيث يوجد بداخلها فراغات تكبر ويزيد عددها مع كِبر السن. هناك ما يقرب من 2 مليون كسر للعظام سنويًا نتيجة لهشاشة العظام.
النساء أكثر عُرضة لأن تصبح عظامهم أقل كثافة، وأكثر عُرضة للانكسار نتيجة للتغيرات الهرمونية المختلفة التي تتعرضن لها بعد سن اليأس، والتي تجعل العظام تفقد كثافتها سريعًا.
أسباب هشاشة العظام
تتجدد العظام في أجسامنا باستمرار، حيث تُستبدل العظام القديمة بتكوين غيرها جديدة بمساعدة الكالسيوم في الجسم. تحدث هذه العملية حتى سن العشرين وتقل تدريجيًا حتى سن الثلاثين، ومن سن الخامسة والثلاثين يفوق معدل التكسير معدل تكوين العظام الجديدة.
أعراض هشاشة العظام
لا توجد أعراض محددة له، لذا؛ يُسمى بالمرض الصامت، لكن يمكن أن تظهر بعض الصفات على المريض مثل:
1- قصر القامة بمقدار بوصة أو أكثر.
2- الانحناء للأمام.
3- كسور في العظام بمعدل أسرع من المُتوقع.
4- ألم في أسفل الظهر.
5- ضيق التنفس نتيجة لصغر سعة الرئة.
من هم الأشخاص الأكثر عُرضة للإصابة؟
كبار السن: يقع الجميع في خطر الإصابة بهشاشة العظام لا أستثني أحدًا خاصةً مع تقدم العمر.
النساء: الأكثر عُرضة له، خاصةً بعد سن اليأس، حيث يحدث تغيرات عديدة في الهرمونات، وتنخفض نسبة هرمون الإستروجين (estrogen) والذي يحمي العظام من الكسور.
الأصول العرقية: المرأة الآسيوية والقوقازية، تعاني ذوات البشرة الداكنة من صعوبة في امتصاص فيتامين د، والمسئول بدوره عن امتصاص الكالسيوم، مما ينتج عنه نقص في كثافة العظام وسهولة تكسرها.
الأشخاص الذين يُعانون النحافة: مما لديهم من كثافة قليلة للعظام.
التاريخ المرضي للعائلة: إذا كان المرض متوارث في العائلة من الأجداد للآباء، فانتبه.. أنت على مشارف خطر الإصابة به.
تناول بعض الأدوية: وتشمل أدوية سرطان الثدي، وأدوية علاج نوبات الصرع، والمنشطات.
بعض الحالات المرضية مثل:
نشاط الغدة الدرقية أو الجار درقية أو الغدة الكظرية.
جراحات السمنة أو زراعة الأعضاء.
الاضطرابات الهضمية أو التهاب الأمعاء.
أمراض الدم.
العلاج الهرموني لسرطان الثدي أو البروستاتا.
تاريخ مرضي من انقطاع الطمث.
بعد أن استعرضنا أسبابه وأعراضه، سنتحدث سويًا عن طرق الوقاية، وكيف يجب أن نحمي أنفسنا من الإصابة بهشاشة العظام.
طرق الوقاية
قد يبدو لك الأمر أن الجميع معرضون لخطر الإصابة لأسباب خارجة عن إرادتنا، لكن هناك بعض العوامل التي قد تساعدك على تخطي هذه العقبة والسيطرة على مجريات الأحداث.
يمكنك التحدث مع طبيبك المختص بشأن الأدوية التي تتناولها، والتي قد تجعلك أكثر عُرضة للإصابة بهشاشة العظام، حينها سيُقرر الطبيب ما هو في صالحك.
بعض العادات الصحية التي إذا اتبعتها ستشكل فارقًا كبيرًا في حياتك:
1- عادات الطعام: احرص دائمًا على تناول كمية كافية من الأطعمة التي تحوي الكالسيوم وفيتامين د -وهما العاملان الرئيسيان في تكوين العظام- مثل منتجات الألبان والزبادي والحليب.
2- نمط الحياة: ممارسة الرياضة والحفاظ على نمط حياة صحي.
3- التدخين: إذا كنت مدخنًا، فتوقف فورًا عن التدخين؛ فالتبغ يزيد من خطر الإصابة بالكسور.
4- تناول الكحوليات: من شأنه أن يسرّع من كسور العظام، لذا؛ يجب عليك منعها على الفور.
من هنا نصل إلى السؤال الأهم، ماذا إذا أُصبت بهشاشة العظام، هل هناك طريقة للعلاج؟! تابع معي الفقرة التالية من المقال لنتعرف سويًا على إجابة هذا السؤال.
الخطة العلاجية
يعتمد الأطباء في تقدير خطر الإصابة بهشاشة العظام على اختبار كثافة العظام (bone denesity)، فإذا لم يكن خطر الإصابة مرتفعًا، فقد ترتكز الخطة العلاجية على تعديل عوامل الخطر دون اللجوء للأدوية، وهذا ما يحدده طبيبك المختص.
لكن إذا جزم الطبيب باحتياجك للأدوية فغالبًا ما تشتمل على:
1- بيوفوسفونيت (biophosphonate): وهو أكثر الأدوية الموصوفة لكل من الرجال والنساء، لكن لديه بعض الآثار الجانبية مثل الغثيان، وآلام المعدة إذا أُخذ بالفم. لكن تختفي هذه الآثار إذا أُخذ حقنًا بالوريد.
2- أدوية الأجسام المضادة مثل دينوسوماب (denosumab): يُعطي نتائج مماثلة للبيوفوسفونيت أو أفضل في بعض الحالات، ويُؤخذ عن طريق حقنة تحت الجلد كل ستة أشهر.
3- من المضاعفات النادرة لهذين العلاجين حدوث كسور في منتصف عظمة الفخذ، أو تأخُر التئام عظم الفك، لذا؛ يجب عليك مراجعة طبيب الأسنان قبل البدء بتناول هذه الأدوية.
4- علاج الهرمونات: مثل الإستروجين، خاصةً عند النساء بعد انقطاع الطمث للحفاظ على كثافة العظام، لكنه قد يزيد خطر الإصابة بجلطات الدم وسرطان الثدي، لذا؛ يجب القيام ببعض الفحوصات والتي سيُحددها الطبيب قبل البدء بالعلاج.
5- رالوكسيفين (raloxifene): يُعطي نفس التأثيرات المفيدة للإستروجين على كثافة العظام لدى النساء بعد سن اليأس، دون التعرض للمخاطر المرتبطة بالإستروجين.
6- بدائل التستوستيرون (testosterone) للرجال: قد ترتبط هشاشة العظام عند الرجال بانخفاض تدريجي مرتبط بالعمر في مستويات هرمون التستوستيرون حيث يمكن أن يساعد العلاج في تحسين أعراض انخفاض هرمون التستوستيرون.
أدوية بناء العظام
إذا كنت لا تستطيع تحمل العلاجات الأكثر شيوعًا لهشاشة العظام -أو إذا لم تُعطي تأثيرًا جيدًا- فقد يقترح طبيبك محاولة:
1- تريباراتيد (teriparatide): يشبه هذا الدواء هرمون الغدة الجار درقية، ويحفز نمو العظام الجديدة، يُحقن يوميًا تحت الجلد. بعد عامين من العلاج بتريباراتيد، يصف الطبيب دواءً آخرًا للحفاظ على نمو العظام الجديدة.
2- روموسوزوماب (romososumab): أحدث دواء لبناء العظام، يُؤخذ كحقنة كل شهر في عيادة طبيبك لمدة عام واحد فقط، ثم تليها أدوية أخرى لهشاشة العظام.
في الختام، الحفاظ على الصحة في الصغر يقيك من العديد من المشاكل في الكِبر، فالصحة تاج فوق رؤوس الأصحاء.
كتابة: مي أبو زيد
مراجعة: محمد ضياء
تدقيق لغوي: محمد لطفي