التاريخ والأدب

بحيرة قديمة في أوروبا تكشف عن أكثر من مليون عام من تاريخ المناخ!

استخرج علماء من بحيرة “أوهريد” (Lake Ohrid) الواقعة على الحدود بين ألبانيا ومقدونيا الشمالية، معلومات قيمة لوصف المناخ منذ 1.3 مليون سنة، ونُشِرت النتائج في مجلة nature المرموقة.

تُعتبَر بحيرة “أوهريد” أقدم بحيرة موجودة في أوروبا، تمَّ إجراء تحقيقات أولية قبل 15 عامًا؛ لتحديد عُمر البحيرة وفهم تاريخ المناخ في منطقة البحر المُتوسِط ​​بشكل أفضل، وفي عام 2013 انطلق مشروع الحفر العميق الذي شارك فيه 47 باحثًا من 13 دولة، بعمق 245 مترًا في المياه و568 مترًا في الرواسب، واستغرق تحليل المادة المُستخرَجة -عينات أسطوانية بها طبقات الرواسب- خمس سنوات، وأصبح المشروع واحدًا من أنجح عمليات التنقيب في البحيرة التي أُجرِيَت في إطار برنامج الحفر العلمي القاري الدولي (ICDP).

تلعب الرواسب دورًا مُهمًا في إعادة بناء تاريخ مناخ المنطقة والذي يعود إلى 1.3 مليون سنة، ويُؤكِد العالِم الجيولوجي البروفيسور الدكتور بيرند فاجنر (Bernd Wagner) من جامعة كولونيا (Univ of Cologne) الألمانية ورئيس المشروع: “بهذه الطريقة يُساعدنا بحثنا على فهم مراحل تكون المطر بشكل أفضل، وتقييم آثار تَغيُر المناخ بدقة أكبر للتنبؤات المُستقبلية”.

تُظهِر بيانات الرواسب زيادة كبيرة في هطول الأمطار في فصل الشتاء في منطقة شمال البحر الأبيض المُتوسِط ​​خلال المواسم الدافئة، بسبب زيادة درجات الحرارة السطحية في البحر المُتوسِط، ويتميز مناخ البحر المُتوسِط ​​بتَناقُضات مُوسمية قوية بين الصيف الجاف والشتاء الرطب، ويُوضِح فاجنر أنَّ التَغيُرات في هطول الأمطار في فصل الشتاء يَصعُب إعادة بنائها على نطاقات زمنية من ملايين السنين الماضية، وهذا راجع جُزئيًا إلى نقص السجلات الإقليمية لمناخ الموائل المائية أو المناخ المُتأثِر بالماء ( hydro-climate)، وتُغطي العديد من الدورات الجليدية ومدار الأرض وحجم الجليد العالمي وتركيزات غازات الدفيئة في الغلاف الجوي.

أظهرت البيانات المُستقاة من نماذج المشروع البحثي ارتفاع تيارات الضغط الجوي المُنخفِض غرب البحر المُتوسِط، خاصة في الخريف بسبب زيادة درجات الحرارة السطحية في البحر المُتوسِط.
يقول فاجنر: “يُمكِن أنْ تحدث تأثيرات مُماثِلة بسبب الاحتباس الحراري الحالي”.

وصَرَّح الدكتور ألكساندر فرانك من جامعة ولونجونج (University of Wollongong) الأسترالية المُشارك في المشروع حول البيانات المُجمَّعة من البحيرة ومُستقبل التَنبُؤات المناخية: “يجب أنْ نكون حذرين، لا يُمكِننا أنْ نتوصل إلى هذه النتائج، ونقول أنَّه إذا ازدادت درجة الحرارة في المُستقبل، فستكون هناك أيضًا أمطار أكثر خلال فصل الشتاء في البحر المُتوسِط، تتنبأ بعض النماذج المناخية بمزيد من هطول الأمطار في فصل الشتاء، بينما تتنبأ نماذج أُخرى بفصول الشتاء الأكثر جفافًا.
وسيكون بمقدور النماذج المناخية الآن استخدام البيانات التي جمعناها من بحيرة “أوهريد”؛ لتحسين نماذجها وتطوير تنبؤات أكثر دقة عمَّا سيحدث في المُستقبل”.

البيانات التي تمَّ جمعها من بحيرة” أوهريد” ستُمكِننا من فهم أفضل لكيفية تأثير تَغيُر المناخ على المنطقة، لكن نظرًا لأنَّ التَغيُر المناخي الذي تَسبَب به البشر له أسباب مُختلِفة عن الاحترار المُسجَّل في الماضي، فليس من المُؤكَد ما إذا كان سيُؤدي اليوم إلى زيادة مُماثِلة في هطول الأمطار في فصل الشتاء في البحر المُتوسِط.

 

المصدر 1 2

 

كتابة: حمَّاد بن عيسى

مراجعة: مصطفي طنطاوي

تحرير: اسماء مالك

تصميم: عاصم عبدالمجيد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى