هل تساءلنا يومًا عن علاقة السمنة ومشاكل زيادة الوزن بمرض السكر؟
لعلنا نلاحظ بشكل واضح ارتفاع معدلات الإصابة بمرض السكر في الأشخاص الذين يعانون من مشاكل زيادة الوزن، إذًا ما الرابط بين هاتين المشكلتين؟
في هذا المقال سوف نستعرض وإياكم أهم الأسباب والعوامل المؤدية للإصابة بالسكر لدى الأشخاص الذين يعانون من السمنة.
مرض السكر أو “السكري” هو ارتفاع مستوى السكر في الدم ويكون مصحوبًا بأعراض أشهرها: العطش الزائد وكثرة التبول والشعور المتواصل بالجوع، في حالة السمنة تكون الإصابة بمرض السكر من النوع الثاني وهو النوع الناتج من مقاومة الإنسيولين (نقص فاعلية الإنسيولين في تعديل مستوى سكر الدم ونقل الجلوكوز داخل أماكن تخزينه)، لكن هل كل أنواع السمنة تكون مصحوبة بخطر الإصابة بالسكر؟
الإجابة: لا، ليس كل أنواع السمنة تكون مصحوبة بخطر الإصابة بالسكر حيث يتحدد ذلك حسب توزيع الدهون وأماكن تراكمها، ففي حالة الزيادة في النسيج الدهني أسفل الجلد تقل خطورة الإصابة إلى 48% أما في حالة الزيادة في النسيج الدهني المعوي تزداد نسبة الخطورة إلى 80% حيث أن النسيج الدهني المعوي وراثيًا قد يسبب السكر عن طريق إفراز مواد تُسمَّى “adipokines” تقلل من حساسية الخلايا للإنسيولين، كما أن هناك احتمالية أخرى أن تراكم الدهون المعوية قد يكون بديلًا كاشفًا لتراكم الدهون الخاطئ والتسمم الدهني الذي يحصل بالتوازي في العضلات والكبد.
ميكانيكية نشوء مقاومة الإنسيولين لدى أصحاب الوزن الزائد:
تقل فاعلية الإنسيولين في الأعضاء الأيضية مثل: الكبد والعضلات والنسيج الدهني وهي مراكز تخزن الجلوكوز عن طريق تأثير الإنسيولين، في العضلات يقل تأثير الإنسيولين في الأشخاص الذين يعانون من السمنة؛ نتيجة قلة حساسية الخلايا العضلية له وبالتالي تفشل عملية نقل الجلوكوز داخل الخلية العضلية والذي من المفترض أن يكون “الجليكوجين” (الصورة التخزينية للجلوكوز في العضلات)، يحدث ذلك نتيجة لوجود الخلية العضلية في بيئة غنية بالدهون المتراكمة ومشتقاتها مما يؤدي إلى ضعف إشارات الإنسيولين داخل الخلية العضلية، حديثًا لُوحِظ أيضًا نقص معدل نقل الإنسيولين خلال الشعيرات الدموية في الأشخاص البدناء.
في الكبد، تَنتُج مقاومة الإنسيولين من نقص قدرة الإنسيولين على كبح عملية إنتاج الجلوكوز من المشتقات الأخرى والتي تُسمَّى “gluconeogenesis” مع الاستمرار في الحث على تكوين الأحماض الدهنية، النقطة التي يحدث فيها الخلل في إشارات الإنسيولين هي النقص في تنشيط مُستقبِلات الإنسيولين.
في النسيج الدهني تتصف مقاومة الإنسيولين بنقص نقل الجلوكوز وتخزينه بالإضافة إلى زيادة معدل بناء الدهون “lipolysis”، كما في الكبد تتصف الخلايا الدهنية بخلل في إشارات الإنسيولين.
استراتيجيات العلاج الناجحة:
الأبحاث المستمرة في استراتيجيات العلاج لتحسين حساسية الجسم والاستجابة للإنسيولين يمكن أن تعطينا نظرة على الميكانيزمات أو الطرق التي تربط بين مقاومة الإنسيولين والسمنة، التدخلات الجراحية في علاج البدانة أو السمنة هي الأكثر فاعلية في علاج السمنة والحالات المرضية المصاحبة لها.
ومن أشهر التدخلات الجراحية في علاج النوع الثاني من السكر “T2DM” (الناتج من مقاومة الإنسيولين)، تدخل جراحي يُسمَّى “Roux-en-y gastric bypass” بنسبة نجاح تصل إلى 80% من المرضى، أيضًا أوضحت دراسة حديثة أن استخدام تشابك أو مركبات الإيوجليسين “euglycine” الذي يحتوي على كمية زائدة من الإنسيولين “hyperinsulimic” يساعد على تحسين حساسية النسيج الدهني للإنسيولين، وتقليل تكوين الدهون بشكل واضح بعد إجراء “روكس” الجرراحي “Roux-en-y”. وعلى الرغم أن ميكانيكية هذه المركبات غير واضحة إلا أنه لُوحِظ تحسن في علاج المرض المعتمد وغير المعتمد على الوزن بحد سواء.
إجراءات أخرى يمكن استخدامها في إطار العلاج مثل: تغيير النظام الغذائي أو التدخل لتغيير التركيب التشريحي للجهاز الهضمي بهدف تقييد السعرات الحرارية والامتصاص.
كتابة: عبدالله طاهر
مراجعة: يارا رفعت
تصميم: عبدالرحمن سعد
تحرير: إسلام حمدي