حسنًا، يمكننا أن نختصر مقال اليوم في تلك المقولة الصغيرة “الاختيار بين أمرين أحلاهما مُر”. ولكن، ما المصطلح العلمي الذي يمكننا الاستناد عليه في هذه المقولة؟ أعني كيف لتلك المقولة أن تصبح في أمور كبيرة، أكبر من اختيارك لتخصصك الدراسي مثلًا، أو اختيارك بين السفر لدولةٍ محددة بمرتب عالٍ وليس بصحبتك عائلة، أو البقاء في شركتك القريبة وكسب دفء العائلة.
كنا نرى دائمًا على شاشات التلفزيون في أفلام الجرائم والغموض عندما يقتحم لص منزلًا ما، أو عصابة معينة تريد اللعب على مشاعر الأب فتقوم بتخييره بين أي من أبنائه يريد الاستغناء عنه أولًا؟ أو بمن سيبدأ؟ ويحاول الأب هنا الاختيار بين أمرين “أحلاهما مُر” وهو مقتل ابن من أبنائه. الأمر أحيانًا يصبح واقعيًا على أرض الحقيقة، هل جربت مثلًا أن تختار بين حياة شخصين فعلًا في الحقيقة وإنقاذ أحدهما، وترك الآخر إما يعاني وإما يموت؟ أم أن لأحدهما حياة بها الكثير لتركه يعيش مثلًا؟
دعني لا أطيل عليك الآن أكثر من ذلك، فنحن يمكننا بكل سهولة أن نطلق على ذلك لفظة “المعضلة الأخلاقية” وهو المسمى العلمي لكل ما نحاول قوله؛ وهي أن يكون أمامك خياران لكليهما سلبيات وإيجابيات كذلك، وأنت مجبر فيها على الاختيار بين أحدهما وإلحاق الضرر بالآخر؛ كأن يوضع أمامك الاختيار بين قتل شخص واحد أو قتل خمسة أشخاص، قد تختار قتل الشخص وإنقاذ الخمسة ولكن في الحالتين سيظل “القتل” جريمة غير أخلاقية، هكذا إذًا تسير الأمور.
إيطاليا وكوڤيد-19
دعني أطرح عليك مثالًا معاصرًا يحصل في تلك الآونة، جميعنا الآن يعيش في ترقب لڤيروس كوڤيد-19 ومستجداته، ولعلّك -قارئي العزيز- سمعت عمّا حلّ بإيطاليا مؤخرًا من كثرة عدد الحالات المصابة التي يتبعها كثرة في عدد الوفيات، مما جعل الفريق الطبي يفكر في أنه إذا ما زادت حالات الإصابة أكثر من ذلك بتلك الأعداد الكبيرة للحاجة إلى الرعاية الطبية؛ فسيوضع الفريق والدعم الطبي في عجز عن مساعدة جميع الحالات المصابة، مما جعلهم يفكرون أنه إذا وصلوا لتلك الحالة فسيضطرون إلى اللجوء إلى المعضلة الأخلاقية؛ وهي ترك العجائز وكبار السن لمصيرهم دون تدخل طبي -من منظور المنطق يرون أنهم قد أخذوا من الحياة كل ما أرادوا ووجب عليهم أن يتركوا للشباب تعمير الأرض وعيش سنهم- وتقديم الدعم للشباب.
العاطفة أم المنطق؟
غالبًا ما تكون الأحكام والقرارات المتعلقة بأي معضلة أخلاقية مدفوعة بطبيعة الحال بالاستجابات التلقائية والعاطفية لدى البشر بدلًا من استخدام المنطق، ومع ذلك لا يزال من غير الواضح ما إذا كان المنطق الذي يأتي بعد التفكير المُمعن وبعد اتخاذ القرار من العاطفة يمكن أن يقود الناس إلى تغيير قرارهم الأوّلي أم لا!
الجحيم
في إحدى روايات دان براون “رواية الجحيم” استخدم دان براون إحدى تلك المعضلات الأخلاقية في روايته، وكانت تدور حول التخلص من البشر -الذين زاد عددهم عن الحد المطلوب- بنشر ڤيروس معين يتسبب في خفض عدد البشر على الكوكب وترك البيئة تتعافى من جديد وعدم إهدار ثرواتها في أمور فارغة وعلى بشر مستهترين. وقد استخدم دان جملته في الرواية قائلًا: “أحلك المناطق في الجحيم لأولئك الذين يقفون على الحياد في الأزمات الأخلاقية”؛ مبررًا بها رأي شخصية العالِم صانع الڤيروس في الرواية. ولكن لا يهمني رأي الشخصية داخل الرواية، في الحقيقة جُل ما يهمني هو رأيك أنت، هل ترى أن من حق جميع البشر التدخل في حل مثل تلك المعضلات الأخلاقية؟ وما هي الأسس التي يجب على الفرد أن يتبعها في مثل تلك الأمور؟ هل تميل إلى استخدام المنطق في حل مثل تلك المعضلات؟ أم أنك ستستخدم عاطفتك؟
ولكن دعني أعرض عليك إحدى تلك المعضلات ولنرى بها ماذا ستختار وماذا ستُحكِّم فيها (عاطفتك أم منطقك)؟ فلنفترض أنك مختبيء في منزلٍ ما ومعك طفل صغير رضيع في ذلك المنزل، وحولك في الخارج جنود من جيش أعدائك يلاحقونك ويبحثون عنك، وإذ فجأةً همّ ذاك الطفل بالصراخ عاليًا ولم تستطع كل جهودك في إسكاته أو إلهائه، وإذا استمر في صراخه العالي ذلك سيتم كشف مكانك للعدو والتخلص منك، أمامك هنا خياران إما أن تقتل الطفل الصغير حتى لا يتم كشف مكانك وبذلك يمكنك التملص والهرب، أو تركه يعيش ولكن في تلك الحالة سيُكشف مخبأك وسيعثر جيش العدو عليك. ماذا ستختار؟ ولمَ اخترته؟ وماذا حكّمت في اختيارك؟
هل جربت أن تختار بين أمرين أحلاهما مُرّ؟
حسنًا، يمكننا أن نختصر مقال اليوم في تلك المقولة الصغيرة “الاختيار بين أمرين أحلاهما مُر”.
ولكن، ما المصطلح العلمي الذي يمكننا الاستناد عليه في هذه المقولة؟ أعني كيف لتلك المقولة أن تصبح في أمور كبيرة، أكبر من اختيارك لتخصصك الدراسي مثلًا، أو اختيارك بين السفر لدولةٍ محددة بمرتب عالٍ وليس بصحبتك عائلة، أو البقاء في شركتك القريبة وكسب دفء العائلة.
كنا نرى دائمًا على شاشات التلفزيون في أفلام الجرائم والغموض عندما يقتحم لص منزلًا ما، أو عصابة معينة تريد اللعب على مشاعر الأب فتقوم بتخييره بين أي من أبنائه يريد الاستغناء عنه أولًا؟ أو بمن سيبدأ؟ ويحاول الأب هنا الاختيار بين أمرين “أحلاهما مُر” وهو مقتل ابن من أبنائه.
الأمر أحيانًا يصبح واقعيًا على أرض الحقيقة، هل جربت مثلًا أن تختار بين حياة شخصين فعلًا في الحقيقة وإنقاذ أحدهما، وترك الآخر إما يعاني وإما يموت؟ أم أن لأحدهما حياة بها الكثير لتركه يعيش مثلًا؟
دعني لا أطيل عليك الآن أكثر من ذلك، فنحن يمكننا بكل سهولة أن نطلق على ذلك لفظة “المعضلة الأخلاقية” وهو المسمى العلمي لكل ما نحاول قوله؛ وهي أن يكون أمامك خياران لكليهما سلبيات وإيجابيات كذلك، وأنت مجبر فيها على الاختيار بين أحدهما وإلحاق الضرر بالآخر؛ كأن يوضع أمامك الاختيار بين قتل شخص واحد أو قتل خمسة أشخاص، قد تختار قتل الشخص وإنقاذ الخمسة ولكن في الحالتين سيظل “القتل” جريمة غير أخلاقية، هكذا إذًا تسير الأمور.
إيطاليا وكوڤيد-19
دعني أطرح عليك مثالًا معاصرًا يحصل في تلك الآونة، جميعنا الآن يعيش في ترقب لڤيروس كوڤيد-19 ومستجداته، ولعلّك -قارئي العزيز- سمعت عمّا حلّ بإيطاليا مؤخرًا من كثرة عدد الحالات المصابة التي يتبعها كثرة في عدد الوفيات، مما جعل الفريق الطبي يفكر في أنه إذا ما زادت حالات الإصابة أكثر من ذلك بتلك الأعداد الكبيرة للحاجة إلى الرعاية الطبية؛ فسيوضع الفريق والدعم الطبي في عجز عن مساعدة جميع الحالات المصابة، مما جعلهم يفكرون أنه إذا وصلوا لتلك الحالة فسيضطرون إلى اللجوء إلى المعضلة الأخلاقية؛ وهي ترك العجائز وكبار السن لمصيرهم دون تدخل طبي -من منظور المنطق يرون أنهم قد أخذوا من الحياة كل ما أرادوا ووجب عليهم أن يتركوا للشباب تعمير الأرض وعيش سنهم- وتقديم الدعم للشباب.
العاطفة أم المنطق؟
غالبًا ما تكون الأحكام والقرارات المتعلقة بأي معضلة أخلاقية مدفوعة بطبيعة الحال بالاستجابات التلقائية والعاطفية لدى البشر بدلًا من استخدام المنطق، ومع ذلك لا يزال من غير الواضح ما إذا كان المنطق الذي يأتي بعد التفكير المُمعن وبعد اتخاذ القرار من العاطفة يمكن أن يقود الناس إلى تغيير قرارهم الأوّلي أم لا!
الجحيم
في إحدى روايات دان براون “رواية الجحيم” استخدم دان براون إحدى تلك المعضلات الأخلاقية في روايته، وكانت تدور حول التخلص من البشر -الذين زاد عددهم عن الحد المطلوب- بنشر ڤيروس معين يتسبب في خفض عدد البشر على الكوكب وترك البيئة تتعافى من جديد وعدم إهدار ثرواتها في أمور فارغة وعلى بشر مستهترين.
وقد استخدم دان جملته في الرواية قائلًا: “أحلك المناطق في الجحيم لأولئك الذين يقفون على الحياد في الأزمات الأخلاقية”؛ مبررًا بها رأي شخصية العالِم صانع الڤيروس في الرواية.
ولكن لا يهمني رأي الشخصية داخل الرواية، في الحقيقة جُل ما يهمني هو رأيك أنت، هل ترى أن من حق جميع البشر التدخل في حل مثل تلك المعضلات الأخلاقية؟ وما هي الأسس التي يجب على الفرد أن يتبعها في مثل تلك الأمور؟ هل تميل إلى استخدام المنطق في حل مثل تلك المعضلات؟ أم أنك ستستخدم عاطفتك؟
ولكن دعني أعرض عليك إحدى تلك المعضلات ولنرى بها ماذا ستختار وماذا ستُحكِّم فيها (عاطفتك أم منطقك)؟
فلنفترض أنك مختبيء في منزلٍ ما ومعك طفل صغير رضيع في ذلك المنزل، وحولك في الخارج جنود من جيش أعدائك يلاحقونك ويبحثون عنك، وإذ فجأةً همّ ذاك الطفل بالصراخ عاليًا ولم تستطع كل جهودك في إسكاته أو إلهائه، وإذا استمر في صراخه العالي ذلك سيتم كشف مكانك للعدو والتخلص منك، أمامك هنا خياران إما أن تقتل الطفل الصغير حتى لا يتم كشف مكانك وبذلك يمكنك التملص والهرب، أو تركه يعيش ولكن في تلك الحالة سيُكشف مخبأك وسيعثر جيش العدو عليك.
ماذا ستختار؟ ولمَ اخترته؟ وماذا حكّمت في اختيارك؟