الساعات الجزيئية وهواتفنا الذكية
طور الباحثون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا أول ساعة جزيئية على شريحة، والتي تستخدم الدورانَ الثابت والقابل للقياس للجزيئات عند تعرضها لترددٍ معينٍ من الإشعاع الكهرومغناطيسي؛ للحفاظ على التوقيت. ويمكن لهذه الرقاقة في يومٍ من الأيام تحسينُ دقةِ وأداء الملاحة على الهواتف الذكية والأجهزة الأخرى. وتعتبر الساعات الذرية هي الأكثر دقةً في وقتنا الحالي؛ حيث يعتمد هذا النوع من الساعات على الرنين الثابت للذرات عند تعريضها لتردد معين لقياس ثانية واحدة بالضبط، ويتم تثبيت مثل هذه الساعة في الأقمار الصناعية GPS والتي تستخدم لتحديد المواقع.
وعلى الرغم من الدقة العالية التي تتمتع بها الساعات الذرية إلا أن مشكلتها الأساسية تتمثل في أنها كبيرة ومكلفة، وبالتالي لا يمكن استخدامها في هواتفنا الذكية، بل يتم استبدالها بساعة داخلية أقل دقة تعتمد على ثلاث إشارات عبر الأقمار الصناعية للتنقل، ويمكن تقليل الأخطاء باستخدام تصحيحات من إشارات أقمار صناعية إضافية في حال توفرها. ولكن بالتأكيد فإن مثل هذا الأمر يضعف من الأداء وسرعة التنقل، وعندما تنخفض أو تضعف الإشارات -كما هو الحال في المناطق التي تحيط بها المباني التي تعكس الإشارات وفي الأنفاق- فإن هاتفك الذكي يعتمد بشكلٍ أساسي على ساعته ومقياس التسارع الخاص به لتقدير موقعك والمكان الذي تنتقل إليه.
وهذا مقطع فيديو يوضح آلية عمل الساعة الذرية.
وفي سبيل حل المشكلات الخاصة بالساعة الذرية، قام باحثون من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ببناء ساعة على هيئة رقاقة تُعرِّض جزيئاتٍ معينةٍ -وليس ذرات- إلى ترددٍ دقيقٍ للغاية يجعلها تدور، وعندما يسبب دوران الجزيئات الحد الأقصى من امتصاص الطاقة، يتم تسجيل إخراجٍ دوري في هذه الحالة ثانيةً، وكما هو الحال مع رنين الذرات، فإن هذا الدوران للجزيئات ثابتٌ بشكل كافٍ بحيث يمكن استخدامه كمرجع توقيت دقيق.
وقد جاءت نتائج التجارب على الساعة الجزيئية مُبشرةً جدًا، فقد بلغ متوسط الخطأ أقل من ١ ميكروثانية في الساعة، وهو مماثلٌ للساعات الذرية المصغرة و١٠٠٠٠ مرة أكثر استقرارًا من ساعات التذبذب البلورية في الهواتف الذكية، وحيث أن هذا النوع المطور من الساعات إلكترونيٌ بالكامل ولا يحتاج مكوناتٍ ضخمة لعزل وإثارة الذرات، فيتم تصنيعه باستخدام تكنولوجيا الدوائر المتكاملة منخفضة التكلفة التكميلية لأكسيد المعادن Complementary metal-oxide-semiconducto (CMOS) المستخدمة في صنع جميع رقائق الهاتف الذكي.
“إن رؤيتنا هي ألا نحتاج إلى إنفاق جزءٍ كبيرٍ من المال في المستقبل للحصول على الساعات الذرية في معظم المعدات، بل أن تملك خلية غاز صغيرة تعلقها بزاوية شريحة جهاز ذكي، وبعدها فإن كلَ شيءٍ سيعمل بدقة الساعة الذرية على مدار الساعة”. يقول Ruonan Han وهو أستاذ مشارك في EECS ومؤلف مشارك للورقة البحثية التي تخص هذا النوع من الساعات والتي نُشرت اليوم في مجلة Nature Electronics.
وفي النهاية، هناك خبرٌ سار لعشاقِ استخدام الأجهزة الذكية تحت الماء، فإنه يُمكن استخدام الساعة الجزيئية الشريحية (الرقائقية) من أجل الحفاظ على الوقت بشكلٍ أكثرَ فاعليةٍ في العمليات التي تتطلب دقةً في تحديد المواقع، ولكنها تنطوي على القليل أو بدون إشارة GPS، مثل: الاستشعار تحت الماء.
كتابة: سمية عبدالقوي
مراجعة: علياء هاشم
تصميم: أميرة فيصل
تحرير: يمنى جودي