الطب

في صدمة مخيبة لآمال الوسط الطبي تعود الحصبة لتضرب من جديد!

يبدو أننا في النهاية لم نستطع هزيمة الحصبة بشكل كامل بالتلقيح (التطعيمات)، وعادت لتغزو العالم من جديد بسبب هذا الانتصار الجزئي. فحسب تقرير منظمة الصحة العالمية والمركز الأميركي لمكافحة الأمراض، ارتفعت نسبة الإصابة بالحصبة في العام الماضي إلى 30%.

 

حذر بعض العلماء من هذه العودة، لأنه على الرغم من الاحتياطات التي تتخذها وزارات الصحة في كل الدول بمنع المرض عن طريق التلقيح بجرعتين ضد الحصبة، فإننا نحتاج لمنعها بنسبة 95% على الأقل لضمان عدم عودتها من جديد. لكننا لم نفعل؛ لأنه على مدى عشر سنوات ومع كل محاولات نشر التلقيح إلا أننا لم نتمكن سوى من 85% فقط من تحقيق علامة التلقيح الكاملة ضد المرض، وها هي الفجوات تعود لتفتح بابًا جديدًا تهاجم منه الحصبة.

 

وفي 2017، يوجد تقرير يُشير إلى ارتفاع نسبة الإصابة بالحصبة في خمس مناطق من الست التابعين لمنظمة الصحة العالمية، وبالأخص في أوروبا، الأميركتين والشرق الأوسط. ولم تنخفض النسبة سوى في منطقة شرق المحيط الهادئ. وتقول نائب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية (سمية سواميناثان): “الجهود غير الكافية لتزويد العالم باللقاح، وعدم توعية المجتمعات بخطورة الوضع الصحي للأطفال غير الملقحين ضد المرض يؤخر كل مجهوداتنا في التقدم لعقود، ويؤخرنا في المعركة ضد هذا المرض المدمر”.

 

ولفهم خطورة هذا المرض، تكفي نظرة إلي الماضي لنري أنه في عام 1963 قبل اكتشاف لقاح ضد الحصبة، كان هذا المرض يسبب أكثر من 2.5 مليون وفاة سنويًا. وبعد خمس عقود من اكتشاف اللقاح نجحت دول عديدة مثل: الولايات المتحدة الأميركية، بريطانيا واليابان في الحد من هذا المرض تمامًا، والعديد من الدول تسير في نفس الاتجاه. هذا النجاح المبهر أنقذ على مدار السنين ما يقارب من 21 مليون طفل من الموت، بنسبة نجاح بلغت 80% في 17 عام فقط، ولكن هذه النسبة الناجحة يبدو أنها تحت التهديد في الأعوام الأخيرة بسبب نقص التمويل في بعض المناطق، وعدم الوعي الكافي للأهالي.

 

تستأنف سواميناثان كلامها: “هناك مخاوف كبيرة من عودة الحصبة للانتشار خاصةً في البلاد التي أوشكت على القضاء على المرض نهائيًا”. وفي تقرير خاص لعام 2017، أوضح أن هناك أكثر من 20 مليون طفل لم يحصلوا على مصل ضد الحصبة، وهذا التقرير يجعلنا غير متفاجئين من عودة هذا المرض ليضرب في الأطفال من جديد، خاصةً مع انتشار الشائعات والخرافات الخاطئة عن اللقاح. كما أن تقدم العلم في مواجهة المرض والحد منه بنسبة كبيرة، جعل الكثير من الناس مطمئنين مما أدى إلى إهمالهم تلقيح أطفالهم ضد المرض، ففي أوروبا تناقصت نسبة التلقيح إلى 70%.

 

يبدو أننا في حاجة ماسة إلى تكثيف الجهود في نشر اللقاح خاصةً في المناطق الفقيرة، وتوعية الناس بخطورة هذا المرض وضرورة التلقيح؛ حتى لا يضيع مجهود كل هذه السنين هباءً منثورًا.

 

المصدر

 

كتابة: طه عبد الخالق

مراجعة: نوران جودي

تصميم: أمنية عبد الفتاح

تحرير: هدير رمضان

اظهر المزيد

ميار محمد

المدير التنفيذي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى