العقل البشري وراء هاري بوتر
لو كنت يا صديقي من محبي الروايات أو الأفلام، فمن الممكن أنك قرأت أو شاهدت سلسلة الفانتازيا “هاري بوتر”، السلسلة الأكثر نجاحًا في عالم الروايات في القرن العشرين، فقد طبعت هذه الروايات أكثر من 500 مليون نسخة حول العالم، وفي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة فقط يوجد أكثر من 11 مليون نسخة مطبوعة، فدعنا في هذا المقال نعرف قليلًا عن مبدعة هذه الروايات.
نبذة قصيرة
هذه السلسلة تتكون من سبعة كتب، بداية من الكتاب الأول “هاري بوتر وحجر الفيلسوف” إلى الكتاب السابع “هاري بوتر ومقدسات الموت”، تقص لنا هذه الروايات عن هاري بوتر الذي نجا من موت محقق، إثر تعويذة قام بها الساحر الشرير لورد فولدمورت، أو كما كان يطلق عليه في الروايات “الذي لا يجب ذكر اسمه”، والذي نجا من الحادث وعلى جبينه ندبة مميزة، فاقدًا والديه جايمس وليلي بوتر، وفي الكتاب الأول يفاجأ أنه ساحر، وسيذهب إلى مدرسة هوجورتس لتعليم السحر، وعلى مدار السبع روايات، يحاول هاري اكتشاف سبب هذه الحادثة، ولماذا تعرض للهجوم، وفي المدرسة يتعرف على صديقيه المقربين: هارميوني جرينجر، ورون ويزلي، ويواجه فولدمورت في أكثر من مواجهة وينتصر عليه في الجزء الأخير.
السلسة الروائية تحولت إلى سلسلة أفلام من بطولة دانيال رادكليف Daniel Jacob Radcliffe، إيما واطسون Emma Watson وروبرت جرينت Rupert Grint،
سلسلة أكثر من رائعة وممتعة جدًا، وتستحق أن نعرف العقل الذي أبدعها، أليس كذلك؟
من المؤلفة؟
المبدعة صاحبة هذه الروايات هي جي كي رولينج (J.K. Rowling)، ولدت في يوم 31 يوليو عام 1965م في مستشفى يات (Yate) العامة، بالقرب من مدينة بريستول (Bristol)، لأب يعمل كمهندس للطائرات وأم تعمل كفني علوم، ترعرعت رولينج في مدينة غلوسترشير جنوب غرب إنجلترا، وأيضًا في مدينة تشيبستو جنوب غرب مدينة ويلز.
الاسم الأول للمؤلفة هو جوان رولينج Joanne Rowling، وليس لديها اسم أوسط يبدأ بحرف ال K، وإنما اكتسبته أثناء نشر أول رواية من سلسلة هاري بوتر، وهو يعود إلى جدتها المفضلة كاثلين تكريمًا لها.
كانت رولينج تريد أن تصبح روائية في سن صغير جدًا، حيث كتبت أول كتاب لها وهي في سن السادسة، وهو عبارة عن قصة عن الأرانب اسمه الأرنب (Rabbit)، وفي سن الحادية عشرة، كتبت أول رواية لها عن سبعة قطع ألماس ملعونة والأشخاص الذين امتلكوها.
تخرجت رولينج من جامعة إكسيتر (university of exter)، وفي عام 1990 انتقلت إلى البرتغال لتُدرس اللغة الإنجليزية، وهناك التقت وتزوجت بالصحفي البرتغالي جورج أرانتيس Jorge Arantes، ورزق الزوجان بابنتهما جيسيكا التي ولدت في عام 1993، ولكن زواجهما لم يستمر وانتهى بالطلاق، وانتقلت رولينج إلى إدنبرة (Edinburgh) باستكلندا لتعيش بجوار أختها، وكان ذلك في نهاية عام 1994م.
كيف جاءت الفكرة لها؟
فكرة هاري بوتر قفزت إلى ذهنها أثناء أخذها قطار إلى لندن عام 1990م، ولعدم امتلاكها قلمًا في تلك اللحظة ظلت طوال المسافة تتذكر وتحلم بالقصة الخاصة بـ هاري بوتر، وكتبتها فور أن وصلت إلى المنزل.
ظلت رولينج تكتب مقتطفات عن قصة هاري بوتر وهوجراتس، لكنها لم تستطع أن تنهي كتابها الأول بسبب وفاة والدتها، وفي محاولة منها للتغلب على الحزن، قبلت أن تعمل كمدرسة للغة الإنجليزية في البرتغال حيث التقت بزوجها الأول هناك.
موت والدتها ترجم إلى صورة من المشاعر الواقعية والمعقدة في كتابها الأول حين تحدثت عن موت والدي هاري بوتر.
بعد الانتهاء من كتابة أول رواية لـ هاري بوتر، قامت رولينج بطباعتها وإرسالها إلى العديد من الوكلاء الأدبيين، وبعد الحصول على وكيل، استغرقوا عامًا كاملًا في البحث عن ناشر، وعدد كبير من دور النشر قام برفضها، وأخيرًا، استطاع الوكيل الحصول على ناشر، حيث قدمت دار بلومزبري Bloomsbury عرضًا لطباعة ونشر الكتاب في أغسطس عام 1996م.
شهرة الكتب وصاحبتها
كتاب رولينج الأول نال شهرة واسعة، جاذبًا الجماهير من الفئة الأصغر سنًا والفتيات وكذلك البالغين، ومع ازدياد الطلب العالمي، عملت رولينج على إنهاء الروايات المتبقية الستة، حيث نشرت الرواية الأخيرة في شهر يوليو عام 2007م.
وفي عام 1998، قامت شركة وارنر برذرز بصناعة الفيلم الأول من الروايات، وأصبحت رولينج تمتلك حقوق في هذه الأفلام، ومنذ ذلك الحين، ازدادت شهرة هاري بوتر بشكل كبير جدًا، وتبعه بعد ذلك سلسلة أفلام ناجحة، ومع بيع الكتب وشهرة الأفلام والبضائع التي تحمل صور هاري بوتر التي تباع لتلك الأعمال، أصبحت جي كي رولينج من أثرى أثرياء العالم، وأول مليادير في العالم من كتابة ونشر الكتب.
دور رولينج في مواجهة الجائحة
في مارس 2020، أطلقت رولينج مبادرة Harry Potter At Home للترفيه عن الأطفال العالقين في المنزل أثناء الإغلاق التام والعزل المنزلي جراء جائحة Covid-19، حيث تضمنت المبادرة قراءة أول كتاب لهاري بوتر بصوت عالٍ من قبل المشاهير، وإتاحته مجانًا من خلال الكتب الصوتية.
وفي مايو 2020، أعلنت عن مبادرة أخرى لمساعدة العائلات في حالة الإغلاق The Ickabog، وهي قصة للأطفال الصغار توفرت مجانًا عبر الإنترنت مصحوبة بمسابقة للرسم. سيتم نشر كتاب من The Ickabog يعرض الأطفال الفائزين في نوفمبر 2020.
تذهب عائدات رولينغ إلى الجمعيات الخيرية التي تساعد الفئات المتضررة من الوباء.
وفي النهاية يا صديقي، علينا أن نبدي إعجابنا بالعقل البشري، فهو مدهش حقًا، حيث يخلق أشخاصًا وعوالم في غاية الجمال، ويجمع بينهم في علاقات وقصص، ويجعلنا نتعلق بأشخاص ونكره أشخاصًا آخرين، وهي في النهاية من وحي خيال الكاتب.
كتابة: عبد الرحمن ناجح
مراجعة: ياسمين محمد
تحرير: أسماء مالك