التاريخ والأدب
من هو الطبيب ويليام هارفي (1602-1657)؟
كتابة: عبد الستار نور الدين
مراجعة: حمَّاد بن عيسى
تحرير: زياد محمد
تصميم: أمنية عبد الفتاح
كن متابعاً أولاً بأول، خطوة بسيطة وتكون ممن يطلعون على الخبر في بداية ظهورة، اشترك الآن في القائمة البريدية
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.
يُعد الطبيب ويليام هارفي “William Harvey” من أهم العلماء الذين أعادوا اكتشاف الدورة الدموية في أوروبا، بعد حوالي 300 عام من اكتشافها على يد ابن النفيس (1213م – 1288م). ولم يعرف العالم أسبقية ابن النفيس حتى عام 1924، بعد اكتشاف مخطوطة كتابه “شرح تشريح القانون لابن سينا”.
حياة ويليام هارفي:
وُلد ويليام هارفي في 1 أبريل 1578، في إنجلترا. كان والده رجل أعمال ناجحًا، وأصبح عمدة مدينة (فولكستون). أنجبت والدته تسعة أطفال، وكان وليام الأكبر بينهم. بدأ تعليمه في مدرسة ابتدائية صغيرة في (فولكستون)، وانتقل في سن العاشرة إلى مدرسة النخبة (في كينج) في (كانتربيري). وأثناء التحاقه بالمدرسة، كان يعيش في منزل عمه، وقضى معظم وقت مدرسته في تعلم الكلاسيكيات، ومنها اللغة اللاتينية؛ حيث كانت ضرورية في جميع أنحاء أوروبا للعمل الأكاديمي والقانوني.
عمل ويليام هارفي:
عاد هارفي إلى إنجلترا في عام 1602. وبعد عودته، منحته جامعة (كامبريدج) درجة الدكتوراه في الطب، إضافة إلى تلك التي حصل عليها بالفعل من (Padua)، ثم انتقل إلى لندن للعمل كطبيب، والتحق بكلية الأطباء عام 1604، وأصبح زميلًا للكلية في عام 1607، ورئيس الأطباء في مستشفى (سانت بارثولوميو).
وفي 1615، أصبح هارفي محاضرًا -في كلية الأطباء (لوميليان)- متخصصًا في تدريس الجراحة. وفي هذا المنصب، ألقى سلسلة من المحاضرات السنوية، بينما واصل عمله في مستشفى (سانت بارثولوميو). فاز هارفي -عندما كان عمره 40 عامًا- بجائزة أفضل طبيب في لندن، وعُين طبيبًا للملك (جيمس) عام 1618. وفي 1632، أصبح طبيبًا للملك (تشارلز).
اكتشاف الدورة الدموية:
تجاهل هارفي الحكمة التقليدية للكتب المدرسية الطبية، مفضلًا إبداء ملاحظاته الخاصة، وتشكيل استنتاجاته عندما قام بتشريح الحيوانات. ومن اللافت للنظر أن المعتقدات والنظريات الطبية الغربية حول الدم والدورة الدموية لم تتقدم كثيرًا منذ كتب (جالينوس) كتبه الطبية في روما قبل 1400 عام.
وفي عام 1628، نشر هارفي تحفة له يُشار إليها عادة باسم حركة القلب، عنوانها الكامل هو: “دراسات تشريحية حول حركة القلب والدم في الحيوانات”. وبذلك أصبح أول شخص يصف بدقة وظيفة القلب، وحركة الدم في جميع أنحاء الجسم.
جاءت معرفة هارفي بالملاحظات التي أدلى بها -عن تدفق الدم عبر الأوردة والشرايين- من الحيوانات التي قام بتشريحها حية. من وجهة نظر المجتمع الحديثة، يبدو ذلك أمرًا قاسيًا. ولكن، لم تكن هناك أي إمكانية لتخدير تلك الحيوانات في زمن هارفي. وبدون هذه الطريقة، ما كنَّا لنصل إلى فهم حركة الدم في الجسم.
أخيرًا، وضح هارفي بعض الأخطاء التي ارتكبها (جالينوس) منذ مئات السنين. ومع ذلك، كانت بعض تعاليم (جالينوس) مفيدة في وقت من الأوقات.
واجه هارفي مشكلة مع أشهر الأطباء في أوروبا، والذين كانوا يستفيدون بشكل كبير من طرق سفك الدماء التي لا قيمة لها. تراجعت ممارسته الطبية بسبب وابل النقد الذي حصل عليه من الأطباء. وعلى الرغم من الضجة التي سببها، رأى معظم العلماء حقيقة عمله خلال حياته. وفي عام 1651، تبرع هارفي بأموال -مجهولة المصدر- للسماح لكلية الأطباء ببناء مكتبة جديدة، وبنت الكلية تمثالًا على شرف هارفي.
استنتاجات هارفي الرئيسية حول الدورة الدموية:
أظهر هارفي لأول مرة أن الشرايين والأوردة تنقل الدم عبر الجسم كله. لقد أظهر أن نبض القلب ينتج دورة دموية مستمرة عبر الجسم كله، فدحض العديد من المعتقدات القياسية آنذاك عن كيفية عمل نظام القلب والدم، مؤسسًا ما يلي:
1- الدم في الشرايين والأوردة كلها من نفس الأصل، لا يُصنع في أجزاء مختلفة من الجسم، ولا يتم استهلاك الدم -الذي يتم إرساله عبر الشرايين إلى الأنسجة- بل هناك آلية مصممة لتداول ذلك السائل، وليس تداول الهواء فقط.
2- الدم على الجانب الأيمن، رغم أنه يحمل الهواء، لا يزال دمًا يخرج من القلب، وليس الكبد؛ حيث أن حركة الدم ينقبض فيها القلب في نفس الوقت الذي يتم فيه الشعور بالنبض.
3- تضغط البطينات الدم في الشريان الأورطي والشريان الرئوي، ولا يتم إنتاج النبض بواسطة الشرايين التي تضخ الدم، ولكن الدم يتم دفعه عن طريق القلب إلى الشرايين، مما يؤدي إلى توسيعها وانقباضها، فيتولد النبض.
تُوفي ويليام هارفي، بعد بلوغه 79 عامًا، في 3 يونيو 1657، في منزل أحد إخوته بلندن. وكان سبب الوفاة -على الأرجح- نزيف دماغي. لم يكن لديه أطفال، وتوفيت زوجته (إليزابيث براون) قبل وفاته. يمكن العثور على قبر ويليام هارفي في قرية (هيمبستيد) بمقاطعة (إسيكس) الإنجليزية.