القنبلة الهيدروجينية
العلم سلاح ذو حدين، فإنه في معظم الوقت يخدم التقدم العلمي البشرية في جميع المجالات، ويجعل حياتهم أسهل وأكثر راحة، ولكن العلم مثل أي شيء آخر يُمكن أن يتم استغلاله بطريقة خاطئة. مثال على ذلك هي “القنابل الهيدروجينة” (Hydrogen bomb)، فما هي القنابل الهيدروجينة؟ وما الفرق بينها وبين القنابل الذرية؟
ماهي القنابل الهيدروجينية؟
القنبلة الهيدروجينية أو “القنابل النووية الحرارية”، هي سلاح تنتج قوته التفجيرية الهائلة من تفاعل متسلسل، يتحد فيه نظائر الهيدروجين تحت درجات حرارة عالية للغاية لتكوين الهيليوم في عملية تعرف باسم “الاندماج النووي”. يجب أن تفقد نوى الهيدروجين التي تتحد لتكوين نوى هيليوم أثقل جزءًا صغيرًا من كتلتها (حوالي 0.63 بالمائة)، من أجل أن يتم التوافق بينهم في ذرة واحدة أكبر. تُفقد هذه الكتلة، ويتم تحويلها بالكامل إلى طاقة، وفقًا لمعادلة ألبرت أينشتاين الشهيرة: E = mc^2. وفقًا لهذه المعادلة، فإن مقدار الطاقة المتولدة يساوي مقدار الكتلة المحولة مضروبة في مربع سرعة الضوء. وهكذا، فإن الطاقة المنتجة تشكل القوة التفجيرية المهولة للقنبلة الهيدروجينية.
في القنبلة الهيدروجينية، تبدأ عملية التفجير بمرحلة التفجير الأولية. يتكون هذا التفجير من كمية صغيرة نسبيًا من المتفجرات التقليدية، حيث يجمع تفجيرها ما يكفي من اليورانيوم القابل للانشطار لإنشاء تفاعل تسلسلي انشطاري، والذي ينتج بدوره انفجارًا آخر، ودرجة حرارة تصل إلى عدة ملايين من الدرجات المئوية. تنعكس قوة وحرارة هذا الانفجار مرة أخرى بواسطة حاوية يورانيوم محيطة بها، ويتم توجيهها نحو المرحلة الثانوية التي تحتوي على “ديوتريد الليثيوم -6” (lithium-6 deuteride). تبدأ الحرارة الهائلة في الاندماج، ويحدث الانفجار الناتج في المرحلة الثانوية حاوية اليورانيوم. تتسبب النيوترونات المنبعثة من تفاعل الاندماج في انشطار حاوية اليورانيوم ، والتي غالبًا ما تمثل معظم الطاقة المنبعثة.
الفرق بين القنبلة الهيدروجينية والقنبلة الذرية
القنابل الهيدروجينية، أو القنابل النووية الحرارية، أقوى من القنابل الذرية أو القنابل “الانشطارية”. يبدأ الفرق بين القنابل النووية الحرارية والقنابل الانشطارية على المستوى الذري.
تعمل القنابل الانشطارية، مثل تلك التي استخدمت لتدمير مدينتي “ناغازاكي وهيروشيما” اليابانيتين خلال الحرب العالمية الثانية، عن طريق انشطار نواة الذرة. عندما تنفصل النيوترونات، أو الجسيمات المحايدة، لنواة الذرة، يصطدم بعضها بنوى الذرات القريبة، ويقسمها أيضًا. والنتيجة هي تفاعل متسلسل شديد الانفجار. انفجرت القنابل التي ألقيت على هيروشيما وناغازاكي بقوة ما يعادل 15 كيلو طن و 20 كيلو طنًا من مادة تي إن تي، على التوالي.
في المقابل، أسفر الاختبار الأول لقنبلة هيدروجينية، في الولايات المتحدة في نوفمبر 1952 عن أن انفجارها يعادل حوالي 10000 كيلو طن من مادة تي إن تي. تبدأ القنابل النووية الحرارية بنفس التفاعل الانشطاري الذي يُستخدم في صنع القنابل الذرية، لكن غالبية اليورانيوم أو البلوتونيوم الموجود في القنابل الذرية لا يتم استخدامه في الواقع. في القنبلة النووية الحرارية، تعني الخطوة الإضافية توفير المزيد من القوة التفجيرية للقنبلة الهيدروجينية.
تستخدم الحكومات في جميع أنحاء العالم أنظمة المراقبة العالمية للكشف عن التجارب النووية كجزء من الجهود المبذولة لفرض معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية لعام 1996 (CTBT). هناك 183 موقِّع على هذه المعاهدة، لكنها ليست سارية؛ لأن الدول الرئيسية، بما في ذلك الولايات المتحدة، لم تصدق عليها. منذ عام 1996، أجرت باكستان، والهند، وكوريا الشمالية تجارب نووية. ومع ذلك، وضعت المعاهدة نظامًا للرصد الزلزالي يمكن أن يفرق بين الانفجار النووي والزلزال.
التقدم المذهل للبشرية في هذا العصر تعم فائدته على العالم كله، ولكن التقدم العسكري مقتصر فقط على بعض من الدول التي تحاول فرض هيمنتها وسيطرتها على العالم، ولكن الشاهد من هذا أن العلم هو سلاح البشرية الحقيقي.
كتابة: أحمد مغربي
تحرير: إسراء وصفي