البيئة والطاقة

اكتشف الباحثون كيفية صنع الحفريات في يوم واحد

أتريد صناعة حفرية في يوم واحد؟

إذا سألتك هذا السؤال ربما تظن أني أمازحك، ومن الصعب أن تصدق جديتي في طرح السؤال، لكن إذا كانت إجابتك بنعم، فتابعني في السطور التالية.

 

إن أحد أكبر المكونات في إنشاء الحفريات هو الوقت، فقد تتطلّب الكثير والكثير من الوقت من آلاف إلى ملايين السنين، لذلك دراسة عملية التحجر أثناء تكوين الحفريات تُعَد أمرًا صعبًا بعض الشيء.

 

لكن الآن توصل فريق من الباحثين إلى طريقة لدراسة هذه العملية، وذلك بضغط تلك العملية الطويلة بشكل لا يصدق إلى يوم واحد، إذ أن هناك بالفعل نهج تجريبي يُستخدَم عادة لمحاولة فهم عملية التحجر، يُطلَق عليه النضج الاصطناعي “artificial maturation”، ويتطلّب الحرارة والضغط كما أنه لا يختلف عن طريقة استخدام درجة الحرارة المرتفعة في صنع الماس الاصطناعي.

هذه محاولة لتكرار ما يَحدُث عادة على مدى ملايين السنين، حيث يتم دفن قطعة من المادة العضوية في الرواسب -والتي تتطلب الضغط- في حين أن الحرارة الأرضية البطيئة تساعدها على التحجر داخل الأرض، تاركة وراءها أحيانًا موادًا كربونية.

 

ومع ذلك وقد اكتشف عالم الأحياء القديمة في المتحف الميداني “إيفان سايتا” (Evan Saitta)، أنه يمكن أن تكون نتائج هذه العملية غير متناسقة. عندما جربه بالريش، لم تكن النتيجة تمثل أحفورة مرغوبًا بها، بل طين نتن.

ويقول “جاكوب فينثر” (Jakob Vinther) عالم الأحياء القديمة في جامعة “Bristol”: “ما نحن في طريق إدراكه هو أن الأحافير ليست فقط ناتجة عن تدهورها، بل التركيب الجزيئي للأنسجة المختلفة، ومع ذلك فإنه بسبب طبيعتها من الصعب أخذ قفزة في المفاهيم من فهم الاستقرار الكيميائي إلى فهم الكيفية التي قد تستطيع بها الأنسجة والأعضاء أن تنجو أو لا تنجو”.

ويعتقد “سايتا” أن العنصر المفقود قد يُكوّن رواسب، حيث تتشكل الحفريات بشكل طبيعي. وقد تسمح مسامية المادة لسحب أي سوائل نتنة بعيدًا، تاركة وراءها حفرية جافة.

وقد تعاون “سايتا” مع “توم كاي” (Tom Kayee) من مؤسسة التقدم العلمي لإيجاد طريقة لإنشاء حفريات كربونية من العينات النباتية والحيوانية الحالية. اخذوا عينات من السحالي في العصر الحديث وريش الطيور وأوراق النباتات وراتنج، واستخدموا لأول مرة مكبس هيدروليكي لضغطها بإحكام إلى أقراص صغيرة من الرواسب، قطرها حوالي 19 ملليمترًا (0.75 بوصة).
ثم وُضِعت هذه في أنبوب معدني، و سُخِّنت في فرن المختبر عند درجة حرارة حوالي 483 كلفن (210 درجة مئوية أو 410 فهرنهايت)، مع الحفاظ على ضغط يبلغ حوالي 240 بار، تم إنشاء هذا الجزء للنضج الاصطناعي.

كانت الأحافير الناتجة محفوظة جيدًا بشكل مذهل، وقال سايتا:: “شعرنا بسعادة بالغة”، “ظللنا نتجادل حول من سيفتح الأقراص ليكشف عن العينات. كانت تبدو وكأنها أحافير حقيقية، كانت هناك أغشية داكنة من الجلد والقشور، وأصبحت العظام بنية اللون، وبدوا وكأنهم حفريات حقيقية حتى بالعين”.
ولم يكتفوا بالفحص بالعين المجردة بل قاموا بالفحص بالمجهر الإلكتروني أيضًا: وكانت النتيجة كما في الأحافير الحقيقية تمامًا، وكانت الأغشية مكونة من الميلانوسومات، وهي العضية الموجودة في الخلايا الحيوانية التي تنتج وتخزن صبغة الميلانين، التي تعطي الحيوانات لونها.

 

وكما أن الأحافير الحقيقية لا تحتوي على البروتينات والأنسجة الدهنية، وكذلك كانت الحفريات المُصنّعة.
وقد سمح المُكوِّن الجديد الذي أضافه الباحثون وهو الصلصال، لهذه الجزيئات الحيوية غير المستقرة بالتسرب إلى رواسب، بدلًا من تحويل الحفرية بالكامل إلى عصيدة.
وهذا يمكن أن يكون لا يُقدَّر بثمن إذ أن الأحافير التي تحافظ على أجزاء من العظام أو الصدفة عن طريق الترميم المعدني أو الصب شائعة، لكن الأحافير الكربونية التي تحافظ على الأنسجة مثل الجلد والريش، يمكن أن تخبرنا الكثير عن كيفية تطور الحيوانات.

 

وقال “سايتا” إن النهج الذي نتبعه لمحاكاة التحجر ينقذنا من الاضطرار إلى إجراء تجربة تمتد إلى سبعين مليون عام.
“إن طريقتنا التجريبية تشبه ورقة الغش، إذا استخدمنا هذا لمعرفة أنواع الجزيئات الحيوية التي يمكنها تحمل ضغط وحرارة الأحفورة، فعندئذ نعلم ما الذي نبحث عنه في الأحافير الحقيقية”.

المصدر

 

كتابة: آلاء عمارة

مراجعة: آية أحمد

تصميم: أميرة فيصل

تحرير: إسلام حمدي

اظهر المزيد

ميار محمد

المدير التنفيذي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى