الفلسفةعلم النفس

الأطفال والكورونا، بين الحظر والقلق!

ڤيروس كوڤيد 19 اجتاح العالم أجمع، أبعد الناس عن بعضهم، أفقد البعض وظائفهم، أصاب الكثيرين، منهم من نجا، ومنهم من وافته المنية.
نسمع يوميًا أخبارًا مثل هذه وأكثر، فيعتمرنا القلق من كل ما يحدث حولنا، ونرى الكوابيس في المنام، ونتوجس من مقابلة الغرباء، ونسير بالكمامات حاملين المطهرات لعلها تنجينا من هذا العدو الغير مرئي.
كل ذلك ونحن كبار ناضجين، فماذا عن الأطفال الأبرياء؟
يسمعون ويرون كل ذلك يحدث من حولهم، يرون القلق في أعينكم ويصل لهم خوفكم، فيخافون أيضًا.

يبدأ الأمر عادةً بالقيل والقال بين الأطفال، سواء كانوا إخوةً في منزل واحد، أو أقارب وأصدقاء يتحدثون عبر الهاتف.
يقول أحدهم للآخر: “سمعتُ أن عمي أصيب به”.
فيرد الآخر: “يقولون أنه المرض الأسوأ على الإطلاق”.
وبعد لحظة صمت يُفضي أحدهم -بالخوف الذي لا يرغبون في التصريح به-: “إنه يصيب الأطفال أيضًا!”

إن كان لديك أطفال وسمعتَ منهم مثل هذه الكلمات، فلا تجزع، إنما هي محاولة منهم للتعبير عن قلقهم، إذ يرون الكبار عاجزين عن إيجاد حلٍ لهذه الجائحة.
فكيف نساعدهم على تجاوز هذه المرحلة الحرجة في تاريخ العالم؟ هل من طريقة لطمأنتهم واحتواء خوفهم؟ نعم، بالطبع.
سنتعرف في الأسطر القادمة على خطوات بسيطة بإمكاننا اتباعها مع أطفالنا.

  • أصغ إليهم

اسألهم عما سمعوه وعن مشاعرهم، واستمع لهم، أعطهم مساحتهم للتعبير عن خوفهم وقلقهم بكلمات واضحة، واجعلهم يشعرون أنك تهتم حقًا بما يقلقهم.

  • صحّح لهم

ستكتشف من استماعك لهم أن الكثير من معلوماتهم مغلوطة، ربما وصلت إليهم بهذا الشكل، وربما عقولهم الصغيرة حوّرتها للتناسب مع فهمهم.
وهنا دورك في تصحيح تلك المعلومات، وشرحها وتبسيطها بما يتناسب مع أعمارهم، ذاكرًا لهم طرق انتقال العدوى وكيف نحمي أنفسنا، مع مراعاة الصدق، كما يُفضل مراجعة صحة ما تعرفه عن الجائحة عن طريق مواقع موثوقة قبل البدء في هذه الخطوة.

  •  اشعرهم بالأمان

لا يكمن قلق الأطفال في كون الوباء عالمي ويصيب الآلاف حول أنحاء العالم، ولا في أنه أضرّ بالاقتصاد العالمي والمحلي، إنما تقلقه أمورًا أبسط داخل دائرته الصغيرة.
فقد يقلق من أن يُصاب هو، أو أحد أحبائه، فذكّره أن اتباع تعليمات الوقاية يقلل جدًا من احتمالية الإصابة، وأن هذا تمامًا ما تسعى له مع باقي أفراد المنزل.
وربما إغلاق مدرسته أقلقه، فوضِّح له برفق أن هذا لتقليل التجمعات المسببة لانتشار العدوى.
من المهم أن يدرك طفلك أنك تسعى لحمايته وحماية أسرته.

  • استمتع معهم بوقت الحظر

أنت وطفلك الآن تملكان الوقت لتقضياه معًا، فبدلًا من زيادة عدد ساعات مشاهدة التلفاز أو اللعب بالألعاب الإلكترونية، بإمكانكم ممارسة العديد من الأنشطة الممتعة معًا، نعرض لك بعضًا منها:
– الرسم بحبات الأرز الملونة بألوان المياه.
– زراعة بعض الحبوب ومراقبة نموها.
– ملئ حوض الاستحمام واللعب بالمياه.
– حرب مسدسات المياه، وهي مناسبة لهذا الجو الحار.
– شراء الرمال الملونة وبناء القصور والقلاع على سطح المنزل.
– مراقبة القمر والنجوم وشروق الشمس وغروبها من سطح المنزل.
– إعداد وجبة طعام من اختيار طفلك سويًا.
– فك إحدى أجهزة المنزل القديمة ومحاولة إعادة تركيبها مجددًا.
– الاطلاع على بعض التجارب العلمية المنزلية وتجربتها في المنزل.
كانت هذه بعض الأفكار، والأمر متروك لخيالك ولخيال طفلك، فبإمكانك دومًا سؤاله عما يحب ممارسته معك.

  •  احمهم من التنمر

جائحة كورونا شهدت بعض التفرقات العنصرية، والوصمات التي تلحق من يُصاب بالڤيروس المستجد، فعليك الانتباه ألّا ينخرط طفلك في التنمر على أحد زملائه، وألّا يتعرض هو للتنمر. يكون ذلك بتوضيح أن هذه الجائحة لا تفرق بين شكل الناس وألوانهم، وأن من حق كل إنسان أن يشعر بالأمان، وينال فرصة العلاج إذا أُصيب، وأنّه لا يشين أي إنسان إصابته بالڤيروس.

  •  انشر الروح الإيجابية

احكِ لطفلك عن العلماء، والجهات التي تعمل بقوة لإيجاد حل لهذه الجائحة، وعن الأطباء الذين يرعون المرضى بإخلاص، وكذلك الشباب الذين تطوعوا لمساعدة المحتاجين.
فمن المهم أن يشعر طفلك بحب الناس ومراعاتهم لبعضهم البعض.

  • متى يجب أن تقلق؟

قد ثبت أن إصابة الأطفال بڤيروس الكورونا ممكنة، فاستشر طبيبك إن لاحظت إحدى تلك الأعراض على طفلك:
– ارتفاع درجة الحرارة.
– التهاب الحلق.
– السعال الجاف.
– تسارع معدل التنفس.
– آلام في الجسم.
– الصداع.
– فقدان حاسة الشم أو التذوق.

راقب طفلك مع إبلاغ طبيبك بأي جديد، ولا تتردد في الذهاب لغرفة الطوارئ بأقرب مشفى إن لاحظت على طفلك أحد الأعراض التالية:
– فقدان القدرة على التنفس بشكل طبيعي.
– وجود آلام بمنطقة الصدر.
– تشوش الذهن وعدم التركيز.
– التعرق مع شحوب الوجه.
– حالته العامة تدل على شدة مرضه.

تجربة إصابة طفل في المنزل بڤيروس كورونا من أصعب التجارب التي يمر بها أي إنسان، ولا نتمناها أبدًا لكَ عزيزي القارئ، فإن حدث؛ فلا تجزع حتى تتمكن من اتخاذ التصرفات السليمة تجاه رعاية طفلك.
كما نطلبُ منك الحرص على اتباع وسائل الحماية من ڤيروس كورونا لحماية نفسك وطفلك وأسرتك، ونتمنى أن تقضي وقتًا ممتعًا مع أطفالك، حتى إذا انتهت الجائحة وعادت الحياة لطبيعتها، كُوّنت ذكريات سعيدة في المنزل سيتذكرها أطفالك لأعوام وأعوام.

المصادر 1 2 

كتابة: حماس عبد الغفار

مراجعة: فطوم طلحة

تحرير: هاجر هشام

اظهر المزيد

حماس عبد الغفار

كاتبة بقسم علم النفس والفلسفة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى