الطب

هرمون الأوكسيتوسين.. أملٌ يلوح في الأفق لمرضى الزهايمر

نراهم مشوشين حائرين يكررون العبارات والأسئلة نفسها باستمرار، ينسون أسماء الأشخاص من حولهم، حتى أولئك المقربين كالإخوة والأبناء، يضيعون في أماكن كانت مألوفة لهم، وغير ذلك من الأعراض التي تجعل أفئدتنا تنفطر حزنًا عليهم. إنهم مرضى الزهايمر (Alzheimer’s Disease).
في هذا المقال، نسلط الضوء على ما قد يبدو بارقة أملٍ جديدة لأولئك المرضى، فهيا نتعرف معًا على علاقة هرمون الأوكسيتوسين بالذاكرة وما قد يقدمه لمرضى الزهايمر.

ما هو الأوكسيتوسين؟

الأوكسيتوسين هو هرمون يعمل كناقل عصبي في الدماغ، ولدوره الفعال في عملية التكاثر، وفي تعزيز الروابط والعلاقات البشرية بطرق مختلفة سُمي الأوكسيتوسين بهرمون الحب.

العلاقة بين الأوكسيتوسين والذاكرة

تبعًا للدراسات التي أُجريت على علاقة الأوكسيتوسين بالذاكرة، وُجد أنه قد يؤثر سلبًا أو إيجابًا على أداء الخلايا المرتبطة بالذاكرة.
قد يعتمد ذلك التأثير على شخصية كل فرد، إلا أن الدراسات لم تتوصل إلى الطريقة التي يؤثر بها الهرمون على الذاكرة بوضوح.
كما أجريت بعض الدراسات على الحيوانات، والتي أوضحت أيضًا أن للأوكسيتوسين تأثير إيجابي على الذاكرة في بعض الحالات.

ما هو مرض الزهايمر؟

هو اضطراب يضرب بعض خلايا الدماغ مما يؤدي إلى تلفها، ويؤدي تلف تلك الخلايا إلى العديد من الأعراض أبرزها تأثر الذاكرة وعملية التفكير، كما يؤثر على سلوكيات المصاب.

كيف يؤدي مرض الزهايمر لتدهور الذاكرة؟

المسببان الرئيسيان لتدمير الخلايا العصبية في أدمغة مرضى الزهايمر هما:


1- ترسب الأجسام النشوانية البائية (بيتا أميلويد):

تترسب في المشابك العصبية الواصلة بين خلايا الدماغ وتؤدي لتدميرها، مانعةً بذلك التواصل بين تلك الخلايا والحد من اللدونة المشبكية.
واللدونة المشبكية هي قدرة المشابك العصبية على تغيير قوتها، وأشكالها، وأعدادها لتؤدي وظائفها بكفاءة.
كما أثبتت دراسات أُجريت على الحيوانات والخلايا أن التعرض للأشكال السامة للبيتا أميلويد يستثير الجهاز المناعي في الدماغ، وينتج عنه استجابة مناعية مضادة تؤدي لتلف الخلايا العصبية.

2- تكدسات بروتين تاو داخل الخلايا العصبية:

تبدأ هذه الترسبات والتكدسات في المناطق المرتبطة بالذاكرة في الدماغ؛ مما يؤدي إلى فقدان الذاكرة، بعد ذلك تنتشر الترسبات والتكدسات في مناطق مختلفة من الدماغ.

العلاقة بين هرمون الأوكسيتوسين ومرض الزهايمر

بعد تشريح عددٍ من جثث مرضى الزهايمر ودراستها، اكتشف العلماء وجود مستويات مرتفعة من الأوكسيتوسين في المناطق المرتبطة بالذاكرة في أدمغة تلك الجثث، مما جعلهم يعتقدون أن هذا الارتفاع في مستوى الهرمون ساهم في حدوث الاضطرابات في الذاكرة.

أُجريت حديثًا دراسة على الفئران أشارت نتائجها إلى أن الأوكسيتوسين قد يساعد وبقوة على الحد من التأثير السلبي للأجسام النشوانية البائية السامة التي تؤدي لتدهور الذاكرة عند مرضى الزهايمر.

تأثير الأوكسيتوسين على البيتا أميلويد

أجرى الباحثون دراسة على عينات من أدمغة ذكور الفئران المعالجة بإضافة بيتا أميلويد السام للتأكد من التأثير السلبي لتلك الأجسام على المشابك والخلايا العصبية.
عولجت بعد ذلك العينات بإضافة الأوكسيتوسين والبيتا أميلويد السام معًا، وبدا لهم أن الأوكسيتوسين تمكن من منع ترسبات الأجسام النشوانية البائية من إفساد اللدونة المشبكية.
بعدها، عولجت عينات من الأدمغة بإضافة الأوكسيتوسين وحده؛ إلا أنه لم يبدو أن له تأثيرًا في تحسين اللدونة المشبكية.
من هذه الدراسة استنتج الباحثون أن الأوكسيتوسين يمكن أن يستخدم كعلاج إضافي لفقدان الذاكرة المصاحب للاضطرابات المعرفية كما في الزهايمر، ويعد هذا الاستنتاج مفتاحًا لباب أملٍ جديد للتوصل لعلاج فعال للاضطرابات العقلية التي تصاحب مرض الزهايمر.

ومع ذلك، لا يُعد دليلًا قويًا بما فيه الكفاية ليؤكد على إمكانية علاج مرضى الزهايمر بالأوكسيتوسين لعدة أسباب منها:
– أن أسباب مرض الزهايمر لا تقتصر فقط على ترسبات البيتا أميلويد.
– كل الدراسات السابقة التي أجريت لصناعة دواء يستهدف البيتا أميلويد انتهت بالإخفاق.
– أجريت هذه الدراسة على الفئران، وللاختلافات الفسيولوجية بين الحيوانات والبشر لا يمكن الجزم بأن ما ينطبق على الحيوانات ينطبق على البشر.
وتُعد تلك النتائج التي توصل إليها العلماء باعثة على الأمل، ومبشرة باقتراب التوصل لعلاج يداوي مرضى الزهايمر.

المصدر

كتابة: أحمد جمال

مراجعة: ميار محمد

تحرير: شدوى محمود

اظهر المزيد

أحمد جمال

كاتب بقسم الطب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى