الطب

داء الملوك

كان المصريون القدماء أول من عرفوا مرض النقرس، وأُطلق عليه آنذاك اسم “بوداجرا-Podagra”، أو التهاب المفصل المشطي السلامي. لاحظه أبقراط -الملقب بأبي الطب- لاحقًا في القرن الخامس قبل الميلاد، ولاحظ مدى ارتباطه بكثرة تناول اللحوم واستهلاك الكحول.

كان ذلك نمط حياة. وحدهم الأثرياء وعلية القوم من تمكنوا من تحمل ذلك، حتى أنه في بعض العصور كانت الإصابة بالنقرس أمر مرغوب فيه اجتماعيًا بسبب انتشاره بين الأثرياء وحدهم: لذا أُشير إليه باسم “داء الأثرياء” أو “داء الملوك”، على عكس التهاب المفاصل الروماتيزمي أو “داء الفقراء”.

النقرس هو أحد الأمراض التي تصيب المفاصل نتيجة حدوث خلل في معالجة حمض اليوريك (الناتج النهائي لتكسير البيورينات) وتراكم كريستالات منه، مما يؤدي إلى العديد من المشاكل أبرزها التهابات المفاصل، بالإضافة إلى تكون حصوات الكلى، وانسداد قنوات التنقية والذي قد ينتهي بالفشل الكلوي. أكثر المفاصل تأثرًا بالنقرس هي إبهام القدم، تليه بعض المفاصل الأخرى كمفصل الركبة، مفصل الذراع، مفصل الكف ومفصل القدم.

نوبة النقرس الحادة تتمثل في ألم يتبعه احمرار وتورم وسخونة، الألم يصبح شديدًا جدًا لدرجة أن مجرد لمس الفراش يصبح غير محتمل. قد تأخذ النوبات من أيام لأسابيع، وفي معظم الحالات تهدئ من نفسها دون الحاجة للعلاج أو اللجوء لاستشارة طبية، ولكن ذلك لا يمنع من تكرار الإصابة بنوبات حادة مرة أخرى من النقرس والتي قد تؤدي كثرتها وإهمالها إلى بعض التغيرات في الهيئة التشريحية للمفصل.

النقرس إذا ذُكر أخاف الرجال ولم تُبالِ به النساء؛ فهو أكثر شيوعًا بين الرجال عنه في النساء، وتزداد فرص الإصابة به مع تقدم العمر، والنساء فرحتهن لا تدوم؛ فعند انقطاع الطمث يصبحن عرضة للإصابة به كالرجال، بالإضافة لبعض العوامل الأخرى التي تساهم في الإصابة بالنقرس، ومنها: السمنة، ضغط الدم المرتفع، الإصابة بأحد أمراض الكلى، تناول الكحول، الأمراض التي ترفع معدل حمض اليوريك بالجسم، بالإضافة إلى بعض الأدوية والمشاكل الأخرى كنقص إفراز الغدة الدرقية.

تشخيص المرض يعتمد على الأعراض بجانب بعض التحاليل المختلفة، كأخذ عينة من المفصل الملتهب وفحصها تحت الميكروسكوب، وفي بعض الأحيان يلجأ الطبيب إلى إجراء تحليل للدم بجانب أشعة إكس للتأكد من عدم حدوث مضاعفات.

النقرس داء، ولكل داء دواء ووقاية. وقاية النقرس تتمثل في الإكثار من شرب السوائل ولكن ليس الكحوليات منها، فكما ذكرنا هي إحدى عوامل الإصابة بالنقرس؛ فالكحول له آثار مدرة للبول مؤديًا للجفاف مما يبطيء عملية التخلص من حمض اليوريك عن طريق الكلى، وبالتالي ترسبها في المفاصل مما يساهم في إحداث نوبات النقرس الحادة.

كما ينصح بالمحافظة على صحة الكلى، وذلك يتمثل في الغذاء المتوازن، وشرب الماء بشكلٍ كافٍ، بالإضافة إلى إنقاص الوزن، وبالطبع تقليل الأطعمة التي تحتوي على كميات كبيرة من البيورين كالمحار، وأعضاء الحيوانات كالكبد والكلى والمخ؛ فقد أثبتت الدراسات أن هذه الأطعمة تلعب دورًا في الإصابة بالنقرس.

المصادر 1 2 

 

كتابة: نهاد عادل 

مراجعة: ياسمين محمد 

تحرير: زياد محمد 

تصميم: أمنية عبد الفتاح 

اظهر المزيد

نهاد عادل

كاتبة بقسم الطب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى