الجلوكوما | عندما يُسرق بصرك على غفلةٍ منك!
هل سمعت من قبل مصطلح الزرَّق أو الجلوكوما أو المياه الزرقاء أو الماء الأزرق أو الزرَّاق أو حتى سارق البصر المتسلل؟ وهل تعرف أن كل المصطلحات السابقة جميعها تُعبّر عن مرض واحد فقط!
نعم؛ لا داعي للتعجب -ياعزيزي- جميعها مصطلحات لمرض يدمر العصب البصري للعين، بل إنه السبب الرئيسي للعمى الذي يصيب كبار السن (الذين تزيد أعمارهم عن 60 عامًا).
فهلم بنا -ياعزيزي- نتعرف عن قرب على هذا المرض…
ما هي الجلوكوما (Glaucoma)؟
هو مرض يصيب العين ويضر العصب البصري لها (المسؤول عن الرؤية) ويدمره، وغالبًا ما تتدهور الحالة مع مرور الوقت إذا لم تُعالج؛ مما يؤدي إلى فقدان البصر في غضون بضع سنوات.
يحدث عادةً بسبب تراكم سائل العين (الخلط المائي) في الجزء الأمامي منها؛ فيزداد الضغط داخل العين؛ مما يؤدي إلى تدمير العصب البصري.
عادةً ما يصيب كلتا العينين، ولكنه قد يكون أسوأ في عين واحدة عن الأخرى.
أسباب الإصابة بالجلوكوما
هناك سائل موجود داخل العين يُسمى “الخلط المائي” وهو المسؤول عن توفير التغذية للعينين والمحافظة عليها.
يُنتج هذا السائل من الجسم الهدبي ثم يخرج عن طريق نسيج اسفنجي -الشبكة التربيقية- إلى زاوية العين ومن ثَّم إلى قناة التصريف.
عند الإصابة بالجلوكوما أو الزرَّق، لا يتدفق هذا السائل جيدًا من خلال الشبكة التربيقية كما يحدث في الزرَّق مفتوح الزاوية، أو قد يحدث انسداد كامل لقناة التصريف؛ فيتراكم السائل بها كما يحدث في الزرّق مغلق الزاوية، وفي كلتا الحالتين، يرتفع ضغط العين ويتلف العصب البصرى ومع تدهور الحالة يحدث فقدان للرؤية.
حتى الآن، لم يتوصل الباحثون للسبب الأساسي لحدوث هذا المرض ولكن هناك بعض الأسباب التي من المحتمل أن تكون سببًا في بعض الحالات، منها:
1- العامل الوراثي: قد يلعب دورًا بمعنى أنها قد تنتقل من الآباء إلى الأبناء.
2- تعرُّض العين لإصابة حادة أو لمواد كيميائية.
3- إصابة العين بعدوى شديدة.
4- انسداد الأوعية الدموية داخل العين.
5- حدوث التهابات شديدة للعين.
6- الخضوع لعملية جراحية لإصلاح مشكلة ما في العين قد يسبب ذلك، ولكن نادرًا ما يحدث هذا الأمر.
أنواع الجلوكوما
يوجد نوعان رئيسان للزرَّق وهما:
1- الزَّرق الأوَّلي مفتوح الزاوية (Open angle glaucoma)
يُعد النوع الأكثر شيوعًا وحدوثًا من مرض الجلوكوما، ويحدث تدريجيًا، كما أنه غير مؤلم ولا يؤثر على الرؤية في البداية.
في هذا النوع تبدو الشبكة التربيقية في حالة جيدة، ولكن السائل (الخلط المائي) لا يتدفق بشكل جيد.
2- الزرَّق مغلق الزاوية (Angle closure glaucoma)
يُعرف أيضًا باسم “زرَّق انسداد الزاوية” أو “زرَّق ضيق الزاوية” أو انسداد الزاوية الحاد أو المزمن، وهو النوع الأكثر شيوعًا في دول قارة آسيا.
يحدث هذا النوع عندما تكون قزحية العين قريبة جدًا من زاوية العين الموجود بها قنوات تصريف سائل العين؛ فتصبح مساحة التصريف بين قزحية العين والقرنية ضيقة جدًا؛ مما يؤدي إلى ارتفاع ضغط العين بشكل مفاجئ وهذا ما يسمى “بالهجوم الحاد”، ولابد من التدخل الطبي السريع وإلا فقد يؤدي إلى العمى.
حدوث هذا النوع مرتبط بإعتام عدسة العين (ضبابية) وطول النظر.
أنواع الجلوكوما الأقل شيوعًا
1- الجلوكوما الثانوي
يحدث هذا النوع عندما تُسبب حالة أخرى ضغطًا إضافيًا داخل العين مثل إعتام عدسة العين (المياه البيضاء) أو مرض السكري.
2- زرّق التوتر الطبيعي
يحدث هذا النوع بسبب تلف العصب البصري على الرغم من أن معدل ضغط العين متوسط، أو بسبب ضعف تدفق الدم وبالتالي تلف الخلايا التي تنقل الإشارات من العين للمخ فيحدث عمى جزئي.
3- الجلوكوما الصبغي
يحدث بسبب دخول أجزاء من صبغة قزحية العين (الجزء الملون للعين) في سائل العين (الخلط المائي)؛ فيحدث انسداد لقنوات الصرف.
أعراض الزرَّاق
لا تظهر أي أعراض على معظم الأشخاص المصابين بالزرَّق مفتوح الزاوية، وغالبًا ما تظهر الأعراض في المراحل الأخيرة للمرض، لذا؛ يطلق على الجلوكوما اسم “سارق البصر المتسلل”، وعادةً ما يكون العرض الأساسى فقدان الرؤية الجانبية أو المحيطة.
بينما تظهر أعراض زرَّق انسداد الزاوية بشكل أسرع، وتكون أكثر وضوحًا، وعادة ما يحدث الضرر بسرعة ويصاب المريض بالعمى، لذا؛ عليك بسرعة التوجه للطبيب إذا كنت تعاني من أحد الأعراض التالية:
1- ضبابية العين (وخاصة في الرضع).
2- ألم شديد في العين.
3- صداع.
4- الشعور بالغثيان والقيء.
5- رؤية هالات على شكل قوس قزح حول الأضواء.
6- احمرار العين.
العوامل التي تزيد خطر الإصابة بالزرَّق
1- السن: غالبًا ما يصيب البالغين (تزيد أعمارهم عن 40 عامًا) ولكن يمكن أن يصيب الشباب والأطفال وحتى الرضع.
2- العِرق: يصيب الأشخاص من أصل أفريقي أمريكي أو أيرلندي أو روسي أو ياباني أو أسباني.
3- الوراثة: قد تلعب دورًا أيضًا.
4- أكثر حدوثًا لمرضى السكر، والقلب، وفقر الدم المنجلي، وأولئك الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم بسبب قرنية العين الرقيقة عن المعتاد.
5- تناول بعض الأدوية الستيرويدية مثل بريدنيزون.
6- ارتفاع ضغط العين.
7- ضعف البصر (طول أو قصر النظر).
علاج الجلوكوما
هناك العديد من الحلول التي قد يلجأ إليها الطبيب منها:
1- قطرات العين
وذلك لتقليل تكوين السائل داخل العين أو زيادة تدفقه؛ مما يقلل ضغط العين.
قد يكون للقطرات بعض الآثار الجانبية على العين مثل الحساسية والاحمرار والحرقان وضبابية الرؤية وتهيج العيون، وقد تضر أيضًا بالرئتين والقلب.
يجب عليك مراجعة الطبيب قبل استخدام أي قطرة وإخباره بالأدوية التي تتناولها أو لديك حساسية تجاهها.
2- الأدوية الفموية
مثل مثبطات الكربونيك انهيدراز وحاصرات بيتا، فهذه الأدوية قد تساعد على التصريف أو تبطيء تكوين السوائل في العين.
3- الجراحة بالليزر
إما لزيادة تدفق السائل في العين، وذلك في حالة زرَّق مفتوح الزاوية.
أو لمنع تراكم السوائل، إذا كان زرَّق انسداد الزاوية.
غالبًا ما يُعالج زرَّق مفتوح الزاوية بمجموعة من قطرات العين أو بالليزر أوالجراحة المجهرية ولكن يميل الأطباء إلى البدء بالأدوية.
بينما تُعالج الجلوكوما عند الرضع أو الجلوكوما الخلقي بالجراحة؛ لأن السبب هو وجود مشكلة في نظام الصرف.
كيفية الوقاية من الجلوكوما
لا يمكن منع الإصابة بالزرَّق، ولكن كلما اكتُشف مبكرًا قل خطر الإصابة بالعمى.
يجب عليك الخضوع لفحوصات العين باستمرار وخاصة إذا كنت مصابًا بمرض السكري أو لديك مشاكل صحية أخرى في العين.
اتبع تعليمات الطبيب إذا اكتشف أنك تعاني من ارتفاع ضغط العين.
حافظ على ممارسة الرياضة، فقد يساعدك النشاط المعتدل مثل المشي أو الركض ثلاث مرات على الأقل أسبوعيًا على خفض ضغط عينيك.
استخدم النظارات الواقية عند ممارسة الرياضة أو العمل المنزلي.
وختامًا -عزيزي القارئ- يجب عليك المداومة على إجراء فحوصات العين؛ بهدف التشخيص المبكر لأي زيادة قد تحدث في ضغط عيناك، ولتجنّب التدهور الذي يحدث بسبب الجلوكوما مع مرور الوقت، والذي قد يؤدي إلى تفاقم الأمر وخروجه عن السيطرة وفقدان الرؤية في نهاية الأمر؛ وذلك نظرًا لغياب الأعراض في معظم الحالات.
فيمكن علاج ارتفاع ضغط العين، بينما لا يوجد أي علاج للعمى.
كتابة: رباب جبل
مراجعة: تقى عوف
تدقيق لغوي: محمد لطفي