يوجد بأجسامنا حوالي 14 تريليون خلية، كل منها يحتوي على نواة ذات الحمض النووي DNA طوله مترين، وبعرض يقدر بحوالي 20 ذرة، لكن لكي يكون من المناسب وضع هذا الحمض النووي داخل النواة، فإنه يتم لفه حول بروتينات متخصصة، وهذا اللف يمنع ارتباط البروتينات التنظيمية بالجينوم، مما يساعد على إبقاء الجينات في وضع الإيقاف “Off” عندما لا تكون هناك حاجة إليها.
وهذه التعبئة للحمض النووي لم تكن مفيدة في عملية تنظيم الجينوم فقط، وإنما كان لها أثرًا على نمو الأجنة المبكرة، فقد وجد باحثون من كلية بيرلمان “Perelman” للطب في جامعة بنسلفانيا “Pennsylvania” أنه في أجنة الفئران بعد ثمانية أيام فقط من عملية الإخصاب، تضاعفت المناطق المضغوطة على طول الجينوم التي تحتوي على جينات مشفرة، وبعد أيام في مرحلة التمايز الخلوي (وهي عملية تأخذ فيها كل خلية نمطها الخاص) فإنه يتم قراءة جينات معينة من تلك الجينات المشفرة وتحويلها لبروتينات.
ويعتقد الباحثون أنه خلال المراحل الأولى من النمو، تنشأ مناطق تشفير جينية مضغوطة أكثر بحيث يمكن للخلية أن تتخذ بعض القرارات السريعة حول أي الجينات يجب أن تكون بروتينات، لكن في حالة ما إذا لم تكن الجينات مفتوحة في المناطق الصحيحة ليتم قراءتها وترجمتها في بروتينات مناسبة، فإن الخلايا تفقد هويتها الصحيحة وتؤدي إلى تلف الأنسجة، وتكون النهاية هي الموت.
كما وجد الباحثون أن المناطق المضغوطة يتم تمييزها بثلاثة جزيئات من الميثيل “methyl”، وهي تقع في أماكن محددة على البروتين المرتبط على طول الجينوم، وبإضافة المزيد من مجموعات الميثيل للمناطق المضغوطة، فهذا يعني أن الجينوم المتاح غير كافي لكي يقوم الmRNA بتكوين بروتين كامل، من ناحية أخرى فإن القليل من الميثيل يعني القليل من المناطق المضغوطة، لذا فإن المزيد من الجينوم يكون متاحًا لتكوين بروتينات كاملة تعمل بكفاءة.
وكشف الباحثون عن أنه إذا قاموا بإلغاء تنشيط الإنزيمات التي تضيف مجموعات الميثيل إلى الكروموسومات، فإنها تتسبب في تعبير غير مألوف عن جينات غير ملائمة للخلايا مما يؤدي إلى موت الأنسجة في النهاية. على سبيل المثال، وجدوا أن الجينات التي لا يتم تنشيطها عادة في خلايا الكبد يتم تنشيطها، مما أدى إلى موت الخلايا، والكبد يؤدي وظيفته بغير كفاءة.
كتابة: ألاء عمارة
مراجعة: آية أحمد
تصميم: أمنية عبد الفتاح
تحرير: رنا ممدوح
