الطب

اكتشاف مصل تطعيم مضاد للسرطان!

استحوذت الأورام السرطانية على قدر كبير من الدراسات والأبحاث خلال الفترة الأخيرة، أحد أحدث الأبحاث الجديدة هو اكتشاف تطعيم مضاد للأورام السرطانية بأنواعها المختلفة. فطبقًا للدراسة الجديدة من كلية الطب بجامعة ستانفورد فإن القيام بحقن اثنين من العوامل المستحثة للجهاز المناعي بشكل مباشر في الأورام الصلبة يمكنه إزالة جميع آثار السرطان من الحيوانات متضمنة الانبثاث البعيد وغير المعالج “metastases” -وهوالانتشار إلى مناطق متباعدة من الجسم-، ووجدت الدراسة أن هذا المنهج يعمل على الأنواع المختلفة من السرطان تشمل تلك السرطانات التي تنمو تلقائيًا.

يؤمن الباحثون بأن تقديم كميات موضعية صغيرة من هذه المستحثات يساهم في إزالة الأورام من الجسد ككل بشكل سريع وأقل تكلفة، ومن غير المرجح حدوث أعراض جانبية كالتي تحدث مع العلاج واسع الانتشار. يقول رونالد ليفي Ronald levy أستاذ علم الأورام: عند استخدام هذين العاملين، نرى إزالة الأورام من كامل الجسد، هذا المنهج يتجاوز الحاجة إلى التعرف على الأهداف المناعية المتخصصة للورم ولا يتطلب تنشيطَ الجهاز المناعي بأكمله أو استهلاك خلايا المريض المناعية. وبالفعل تم الموافقة على استخدام واحد من هذين العاملين في البشر بينما يخضع الآخر للتجارب التطبيقية.

يعتبر البروفيسور ليفي أحد رواد مجال العلاج المناعيّ والذي يسعى الباحثون فيه إلى تسخير الجهاز المناعي لمحاربة السرطان، أدت الأبحاث في معمله إلى تطوير عقار ريتوكسيماب “rituximab”، وهو أحد أول الأجسام المضادة وحيدة النسل “monoclonal antibody”، والذي استُخدم كعلاج مضاد للسرطان.

تعتمد بعض برامج علاج السرطان على تنشيط الجهاز المناعي خلال الجسم بالكامل، مما يؤدي إلى تقليل نشاط الخلايا المناعية ضد السرطان، مازال بعض هذه البرامج مقبولًا مثل العلاج المسمى بـ “car T-cells”، والذي استخدم مؤخرًا في علاج بعض أنواع سرطان الدم والأورام الليمفاوية. يتطلب هذا النوع من العلاج إزالة خلايا المريض المناعية وإعادة هندستها جينيًا لمهاجمة الخلايا السرطانية. إن العديد من هذه البرامج نجحت بالفعل ولكنها تمتلك سلبيات تتراوح بين صعوبة تطبيقها وأعراضها الجانبية إلى جانب تكلفتها العالية وطول فترة الإعداد أو المعالجة.

يقول البروفيسور “ليفي”: “يستخدم برنامجنا تقنية تقديم العلاج لمرة واحدة وبكميات صغيرة جدًا من العاملين لاستحثاث الخلايا المناعية خلال الورم نفسه، وقد رأينا في الفئران تأثيرًا مدهشًا وواسع الانتشار خلال الجسم، حيث تمت إزالة الأورام من جسم الحيوان بالكامل”.

فكرة عمل التطعيم:
في الأشخاص المصابين بالسرطان، تقوم الخلايا المناعية بالتعرف على البروتينات غير الطبيعية الموجودة في الخلايا السرطانية، ومن ثم تقوم بمهاجمة تلك الخلايا، ومع زيادة نمو الورم تجد الخلايا السرطانية طرقًا لكبح هجوم الخلايا المناعية وتقليل تأثيرها. من هنا جاءت فكرة طريقة “ليفي”، وهي إعادة تنشيط الخلايا المناعية المضادة للسرطان عن طريق حقن كميات ضئيلة من العاملين المنشطين في موقع الورم مباشرةً وهما: امتداد قصير من الـDNA يسمي “CpG عديد نيكليوتيد oligonucleotide”، ويقوم هذا العامل بزيادة إنتاج نوع من المستقبلات المنشطة لخلايا T المناعية على أسطح هذه الخلايا، يرمُز لهذه المستقبلات ب “OX40″، والعامل الثاني هو جسم مضاد يرتبط بمستقبلات OX40، ويؤدي إلى تنشيط خلايا T. وبسبب الحقن الموضعي يحدث تنشيطٌ للخلايا في موقع الورم فقط ويتم تعيين هذه الخلايا بواسطة الجسم للتعرف على بروتينات الخلايا السرطانية فقط.

تهاجر الخلايا المُنشطة من مواقعها وتهاجم الأورام المُطابِقة في مواقع أخرى من الجسم. أدى هذا البرنامج إلى نتائج مذهلة في الفئران التي تم فيها زراعة أورام ليمفاوية في أكثر من موقع، حيث أدى العلاج إلى تراجع الورم في الموقعين المصابين وليس في موضع الحقن فقط! وتمت معالجة 87 فأرًا مصابًا بالسرطان من أصل 90. بينما أظهر الثلاثة فئران المنتكسون استجابةً للعلاج في المرة الثانية. وأظهر العلاج نتائج متشابهة أيضًا في العديد من أنواع الأورام الأخرى مثل
أورام الثدي، القولون والجلد.

المصدر 

 

كتابة: عبدالله طاهر

مراجعة: نهاد عادل

تصميم: أميرة فيصل

تحرير: إسراء وصفي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى