الطب

أمراض المناعة الذاتية

كنا قد تحدثنا سابقًا عن الجهاز المناعي وآلية عمله، وختمنا سائلين: هل يمكن لخلايا الجهاز المناعي أن تهاجم الجسم نفسه بدلًا من الدفاع عنه؟ والإجابة نعم، وتعرف بأمراض المناعة الذاتية أو (Autoimmune diseases) وفيها تقوم الخلايا بالفعل بمهاجمة خلايا الجسم مسببة عدة أمراض مزمنة.

السبب الفعلي وراء ذلك مازال غير معروف، ولكن وجد العلماء أن نسبة هذه الأمراض عند النساء أكثر من الرجال مما يرجح علاقة الهرمونات الجنسية بهذه الأمراض، كما أن هذه الأمراض تتوارثها العائلات. ليس بالضرورة أن يصاب أفراد العائلة بنفس المرض، إنما تورث إليهم زيادة القابلية للإصابة لأي مرض من هذه الأمراض.

كما توجد نظرية أخرى تسمى بـ(فرضية النظافة)، وفيها افترض العلماء أنه بسبب عدم تعرض الأطفال لكميات كبيرة من البكتيريا والجراثيم كما كان في الماضي -بسبب المطهرات ومضادات البكتيريا- جعل الجهاز المناعي يبالغ في رده. هذه الأمراض منبعها هو خلل في الجهاز المناعي للإنسان، هذا الخلل لا ينتقل من المريض لغيره، أي أن هذه الأمراض ليست معدية. كما أنها غير قابلة للعلاج تمامًا، حيث أن السبب الرئيسي غير معروف، لكن الهدف هو فقط تقليل حدة الأعراض المصاحبة للمرض. وفيما يلي نستعرض أكثر هذه الأمراض شيوعًا.

1) التهاب المفاصل الروماتيزمي (Rheumatoid arthritis):

وفيها يهاجم الجهاز المناعي خلايا المفاصل مسببًا التهابات مزمنة بها في صورة احمرار وآلام وانتفاخ المفاصل وعدم القدرة على تحريك المفصل جيدًا ويمكن أن يصل إلى تغير شكل المفصل وحدوث تدمير كبير به، كما يمكن أن تؤثر على أعضاء أخرى كالرئة والعينين. المرض شائع بين النساء أكثر بثلاثة أضعاف عن الرجال. أعراض المرض غير مستمرة وإنما تنشط أحيانًا وتخمل أحيانًا أخرى. وله مضاعفات خطيرة على العينين (جفاف العينين، التهاب القزحية) والرئة ( آلام في الصدر، سعال) كما أنه مرتبط بزيادة معدل الإصابة بالأزمات القلبية وسرطان الغدد الليمفاوية، كما يقلل من كريات الدم الحمراء والبيضاء مسببًا فقر الدم. علاج المرض يكون على مرحلتين: النوع الأول من الأدوية وهو مضادات الالتهاب الغير ستيرويدية NSAIDs (non-steroidal anti-inflammatory drugs) لعلاج الالتهابات في فترات ظهور الأعراض، والنوع الثاني وهو الأدوية المضادة للروماتيزم DMARDs (disease-modifying antirheumatic drugs) للتحكم في المرض ومنع حدوث تدمير أو تغيير في شكل المفاصل.

2) الصدفية (Psoriasis):

في هذا المرض تنمو خلايا البشرة بمعدل أسرع بكثير من الطبيعي بسبب بعض المواد الكيميائية التي تفرزها خلايا الدم البيضاء، وهذه الطبقات الزائدة المتكونة تتجمع معطية شكل قشور مثيرة للحكة وتظهر في الغالب على البشرة المغطية للمرفقين والركبتين وفروة الرأس. يعتمد علاج الصدفية على مدى حدة المرض حيث يتراوح بين الدهانات والبخاخات أو الحقن الموضعية وصولًا إلى العلاج بالأشعة فوق البنفسجية أو الأدوية النظامية ( تعمل على الجسم كله).

3) الذئبة الحمراء (Systemic lupus erythematous):

يقوم الجهاز المناعي في هذا المرض بتكوين أجسام مضادة ذاتية (autoantibodies) تقوم بمهاجمة بعض الأعضاء منها المخ والقلب والكليتين والمفاصل أو الجهاز العصبي مسببة التهابات حادة أو مزمنة. شائع بين النساء بثمانية أضعاف أكثر من الرجال. يصاحب المرض إرهاق وحمى والتهاب المفاصل وفقدان الشعر وتقرحات بالفم والأنف وطفح جلدي في الوجه (على شكل فراشة) و زيادة الحساسية للضوء وآلام في الصدر بسبب الالتهابات في الرئتين والقلب كما يزداد احتمال حدوث الأزمات القلبية وأمراض الشريان التاجي. للمرض تأثير على الدم حيث يقل عدد كريات الدم البيضاء والصفائح الدموية (التي تشارك في عملية تجلط الدم عند الجروح) كما يؤثر على المخ مسببًا تغيرات نفسية وعصبية كالصرع ويمكن أن يصل إلى غيبوبة. العلاج يعتمد على مضادات الالتهابات غير الستيرويدية وعلاج الأعراض بشكل عام، كما يجب توفير الراحة للمريض في فترات زيادة حدة أعراض المرض.

المصدر 1 2 3 4 

 

كتابة: ياسمين محمد 

مراجعة: نوران جودي

تصميم: محمد بركات

تحرير: أحمد عبدالستار 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى