قد تصادف شخصًا قد تحول لون جلده للأزرق، وربما عينيه، أو أظافره، أو لثته، أو الأجزاء المعرََّضة للشمس بكثرة عمومًا، وتتساءل ما بهذا الشخص؟ حسنًا؛ هذا هو مرض الجلد الأزرق “Argyria”، أو ما يُعرف بمرض زيادة الفضة.
الجلد الأزرق أو “Argyria”، هي حالة تحدث عند تعرُّض الجسم للفضة، سواء التعرُّض لجرعة كبيرة أو التعرُّض المطوّل لكميات صغيرة منه، حيث تتحول البشرة إلى اللون الأزرق أو الرمادي. هذه الحالة نادرة ولا تهدد الحياة، ولكن في نفس الوقت يمكن أن يكون لها تأثير خطير على الحياة.
– أعراض حالة الجلد الأزرق:
نستنتج من اسم المرض أن العرض الأهم والرئيسي هو أن البشرة تتحول إلى اللون الأزرق، أو ربما الرمادي. في البداية، قد يُشكِّل منطقة صغيرة من الجلد، أو مجرد مسحة طفيفة فقط، لكنه يزداد مع الوقت، إلى أن يغطي الجسم بالكامل في النهاية.
لكن في بعض الحالات، قد تحدث أعراض أُخرى قبل تغيّر لون الجلد، مثل: تغير لون اللثة للون الرمادي أو البني، وقد يحدث أيضًا تغير في مناطق أخرى، مثل: الأظافر وأغشية العين.
وُجب التنويه أن درجة اللون تعتمد على كمية الفضة التي تدخل الجسم، فعند التعرُّض لكميات ضخمة من الفضة؛ تتطور الحالة بسرعة كبيرة، أما إذا كان الجسم يتعرض لكميات طفيفة من الفضة؛ مثل استخدام منتجات تحتوي على كميات صغيرة فقط من الفضة، فمن المرجح أن تتقدم الحالة ببطء، وأحيانًا قد تستغرق أشهرًا، أو حتى سنوات.
وُجد أيضًا أن مناطق الجلد المعرَّضة للشمس باستمرار أغمق بكثير من المناطق المغطاة بشكل عام.
– أسباب حالة الجلد الأزرق:
قد يتبادر إلى ذهنك سؤالٌ بديهي، من أين للجسم بتلك الكمية من الفضة التي قد تؤدي لذلك المرض؟
الفضة هي مادة طبيعية متواجدة حولنا في كل مكان، فمن الوارد أن تتعامل مع مستويات منخفضة من الفضة في الحياة اليومية. حيث يمكن العثور على جزيئات من الفضة في الطعام، والماء، بل وحتى في الهواء الذي نستنشقه.
لذلك، فيمكن للفضة أن تدخل إلى الجسم من خلال الفم، أو الأغشية المخاطية “Mucous membranes”، أو الجلد، ولكن في غضون أسبوع، تخرج معظم الفضة التي نستهلكها الجسم من خلال البراز، والبعض يخرج مع البول.
لكن في حالة مرض الجلد الأزرق، فإن الفضة تزداد في الجسم، والذي ينتج بشكل عام عند التعرُّض لفترات طويلة، حتى تصل الفضة إلى المعدة، فيحدث تفاعل كيميائي، تنكسر على إثره جزيئات الفضة، وتدخل مجرى الدم.
عندها يجد الجسم صعوبة في التعامل مع تلك الكميات الكبيرة، فيقوم بالتخلص بجزء منها، والباقي يتم ترسيبه في الجلد وبعض الأنسجة الأخرى، وعند تعرض البشرة للضوء، تتحول الفضة إلى اللون الأزرق أو الرمادي، فتُكسب الجلد ذلك اللون المميز لتلك الحالة.
رغم كل ما سبق، قد تظل تتساءل عن كيفية تعرض شخص لكمية كبيرة من الفضة تؤدي إلى إصابته بهذا المرض!
أحد أكثر الأسباب التي تؤدي إلى التعرض للكثير من الفضة وهو أكبر مسبب للخطر، أن تكون الوظيفة تستلزم التعرض المطول للفضة، مثل: العاملين في تعدين وتكرير الفضة، أو العمل في صناعة الفضة خاصةً، أو صناعة المجوهرات والسبائك بشكلٍ عام، أو في المعالجة الفوتوغرافية.
لكن ما هو غير واضح إلى الآن، هو مقدار التعرُّض للفضة بالضبط الذي يمكن أن يُعرض الشخص للخطر.
أيضًا توجد بعض المنتجات التي تُستَخدم تحتوي على الفضة، مثل: بعض الأدوية التي تحتوي على أملاح الفضة، والخيوط الفضية المستخدمة في الجراحة، وحشوات الأسنان الفضية.
يمكن أيضًا لقطرات العين، أو المكياج الذي يحتوي على الفضة أن يسبب ألمًا موضعيًا للعين، وكذلك يمكن للمكملات الغذائية التي تحتوي على الفضة أن تسبب خللًا في قدرة الجسم على امتصاص بعض الأدوية.
من جهتها؛ تقول إدارة الغذاء والدواء الأمريكية “FDA”، أن الأدوية والمكملات الغذائية التي تؤخذ بدون وصفة طبية، والتي تحتوي على أملاح الفضة ليست آمنة أو فعالة، فحتى الآن، لا توجد فوائد معروفة للفضة عند تناولها بدون ضرورة لجسم الإنسان.
الجدير بالذكر أن ارتداء المجوهرات الفضية أو استخدام الأواني الفضية، لا تتسبب عادة في حدوث المرض، ولكن هذا لا ينفي أنه في بعض الحالات النادرة قد تتسبب الإبر الفضية المستخدمة في علاج الوخز بالإبر “Acupuncture”، أو الأقراط الفضية في الإصابة بمرض الجلد الأزرق.
– تشخيص حالة الجلد الأزرق:
كيف إذًا يمكن معرفة ما إذا كان الشخص لديه زيادة في الفضة أم لا؟
تحتوي أجسادنا جميعًا على كميات ضئيلة من الفضة، وهناك عدة طرق لقياس تلك الكمية. تُعد عينات الدم والبول طرق جيدة لقياس نسبة تعرضك للفضة خلال الأسبوع السابق، كما يمكن أيضًا للطبيب قياس ذلك في عينة البراز.
أما عند تشخيص مرض الجلد الأزرق، يحتاج الطبيب لأخذ عينة صغيرة من أنسجة الجلد، فيما يُعرف بخزعة الجلد “Skin biopsy”، حيث يمكن لفحص خلايا الجلد مجهريًا أن يكشف عن وجود تغير للون الأزرق أو الرمادي.
لذلك إذا لاحظت تغير في لون جلدك أو عينيك أو أظافرك للون الأزرق أو الرمادي، فعليك باستشارة طبيبك على الفور.
الشيء السيء أنه لا يوجد علاج لتلك الحالة، وبالرغم من ذلك، فقد أثبتت بعض التجارب الأخيرة لاستخدام الليزر أنها مبشّرة للمساعدة في إعادة الجلد للون الطبيعي، ولكن يبقى استخدام العلاج بالليزر محدود، حيث لوحظت الفوائد مع علاج واحد فقط، ولا تزال هناك حاجة لمزيد من البحث لتحديد مدى فعاليتها.
لكن وبالرغم من ذلك؛ يمكن للواقي الشمسي أن يساعد في تخفيف درجة اللون قليلًا، كما يمكن أن يساعد المكياج في إخفاء آثار اللون من على البشرة.
فإذا كنت أحد الأشخاص السالف ذكرهم ممن يتعرضون للفضة بكثرة؛ فإليك بعض الخطوات التي يمكنك اتباعها لتقليل التعرض للفضة:
– إذا توجب عليك التعامل مباشرة مع الفضة، فاحرص على تغطية جلدك جيدًا، قم بارتداء قفازات اليد، وارتدي الملابس الواقية الأخرى.
– تجنب استخدام المكملات الغذائية، والأدوية التي تحتوي على مركبات الفضة.
– تجنب استخدام مستحضرات التجميل التي تحتوي على مركبات الفضة.
– ذكرنا سابقًا أن الشمس تسبب تغيرًا في لون الجلد، لذلك قم باستخدام واقي الشمس باستمرار، وحاول تغطية جلدك قدر الإمكان عند التعرض للشمس.
الجلد الأزرق حالة لا تهدد الحياة، فالفضة لا ترتبط بالسرطان، أو المشاكل العصبية، أو التناسلية، أو غيرها من الآثار السيئة.
الاهتمام الرئيسي بتلك الحالة هو بسبب الشكل الجمالي للجسم عند بعض الناس، وأيضًا قد يكون لهذا أثر عاطفي، ويؤثر على نوعية حياتهم بعض الشيء.
فإذا كنت تشعر بالقلق أو الاكتئاب من آثار الجلد الأزرق، فقم باستشارة طبيبك، حيث يمكنه تحويلك إلى معالج أو استشاري مناسب للمساعدة على التأقلم على تلك الحالة.