الفيزياء والفلك

هل كهوف القمر آمنة لرواد الفضاء؟

من أجل التعرفِ على عالمٍ جديدٍ، لابد من أن نضعَ أقدامنا على سطحه، بل أيضًا تحت سطحه، ولكن كيف سيتم ذلك؟ هذا هو موضوعنا اليوم.
إذا كان روادُ الفضاء يريدون قضاء فترة طويلة على سطح القمر أو المريخ مثلًا، لابد من بقائهم تحت السطح؛ لأن ذلك من شأنه أن يحميهم من الإشعاعات المُدمرة، فإن بقائهم تحت السطح هو أكثر التقنيات أمانًا للرواد، لذلك يتمرّن الرواد على هذه التقنيات هنا على الأرض؛ ليتوقعوا ما سيشاهدونه داخل الأنابيب، وكان هذا التدريب في النصب التذكاري الوطني في كاليفورنيا.

قال كيلسي يونغ (Kelsey Young) الجيولوجي في وكالة ناسا، وهو محقق رئيسي في مشروع (TubeX) لفحص أنابيب الحمم الأرضية: “إنها متعةٌ هائلةٌ؛ فهي مختلفة جدًا عن بعضها البعض من حيث تشوشها، شكلها، حجمها، ما تبدو عليه مداخلها وأكثر من ذلك”. ثم أضاف: “لا توجد أبدًا أنبوبة تشبه تلك التي كنت فيها من قبل”.

نشأت تلك الأنابيب من خلال ثوران بركاني في بحيرة الدرع الطبي، والذي كان بين 10000 و65000 سنة. إن البراكينَ حول العالم متشابهة الخصائص حيث تتشكل الأنابيب حول أنهار الحمم؛ لأن حممَ التدفق عند الحواف تبردُ أسرع من المركز. بعد نهاية الثوران، يظل هذا الغلاف الخارجي ويُكون أنبوبًا، عادةً ما يمتد لعدة أميال، ومع مرور آلاف السنين تسقط مناطق من السقف مكونةً مداخل لشبكة الأنابيب تلك. بلغ عدد الكهوف حوالي 800 كهف، كما أن بعض هذه الكهوف كانت متعددة المداخل. قال يونغ: “إنها تتمتع بكثافة عالية من أنابيب الحمم في مكان واحد، البعض منهم ضخم مثل حجم نفق المترو!”، ومع ذلك فإن الرواد مجبرون على الزحف بداخلها.

قد يكون البقاء تحت الأرض هو التقنية الأكثر فعاليةً ضد الإشعاع، والتخييم في أنابيب الحمم سيكون أسهلَ بكثير من خلق مساحات جديدة تحت السطح، ولكن استكشافها دون أي معرفة مسبقة سيكون محفوفًا بالمخاطر، بدأت تُمارس هنا على الأرض تقنيات يُمكن أن تسمح لرواد الفضاء بتخطيط تلك الأنابيب من فوق السطح.
قال يونج: “لا يمكنك دائمًا أن تُخبرنا عن السطح بالطريقة التي ستذهب بها الأنبوب، فالبعض منهم يمكن أن يكون متشنجًا تمامًا، وهذه الأنابيب مظلمة بشكلٍ لا يصدق”.

اختبر العلماء ثلاثة أنواع من التقنيات المحمولة، وقاموا بتقييم ما إذا كانوا قد يسمحون للمستكشفين في المستقبل بتخطيط أنابيب الحمم من السطح، ليعرفوا ما الذي سيصلون إليه مسبقًا. وشملت تلك الأجهزة المحمولة رادارًا مخترقًا للأرض، مغناطيسًا ومقياسًا للجاذبية. وكان فريق البحث مسرورًا جدًا من عمل تلك الأجهزة الثلاثة، وصرّح يونغ: “بشكلٍ عام، هذه الأدوات قوية بشكلٍ لا يصدق في منحك نظرة في الوقت الحقيقي على ما إذا كنت واقفًا وما الذي تستكشفه”.

على القمر أو المريخ، يُمكن لمثل هذا النوع من الأجهزة أن يُخبر رواد الفضاء بأن مداخل النفق لا تُؤدي إلا إلى نهايات مسدودة، وتفتح على مساحات شاسعة تحت الأرض يُمكن أن تصبح مناطقَ معيشة. وبالمثل، يمكنهم رسم خرائط للمخاطر مثل: المداخل الصعبة والأرضيات المغطاة بالرُكام. ففي بيئة تكون فيها أي إصابة حدثًا خطيرًا، قد تكون رؤية أنابيب الحمم بدون أن تدخلها أداة ذات قيمة كبيرة لرواد الفضاء، ويتم كشف أسرار القمر أو المريخ بأمان.

المصدر 

 

كتابة: سارة محمد

مراجعة: نهاد حمدي

تصميم: نهى عبدالمحسن

تحرير: هدير رمضان

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى