كيف بدأ ال Overthinking؟
الآن انتصف الليل، وبينما أنت منشغل بمذاكرتك لامتحان الغد، يتبادر لذهنك سؤال ويتحول من مجرد خاطر إلى دخولك في حلقة لامُتناهية من التفكير للحصول على الإجابة. سؤال “كيف بدأ الخلق؟” لكن سرعان ما تطرد ذلك السؤال لتغرق في دوامة سؤال آخر وهو “ماذا سيحدث إذا رسبت في امتحان الغد؟”
فتظل ساهرًا مستغرقًا في التفكير، تفكير ممتد مصحوب بالقلق.
إنها لعنة ال””Overthinking، والسؤال هنا لماذا نصاب بتلك اللعنة؟
مفهوم ال”overthinking” هو ببساطة التحليل والتفكير في أحد المواضيع المختلفة بشكل مبالغ فيه، ويمكن تقسيم ذلك التفكير الزائد “overthinking” إلى نوعين:
النوع الأول: يقوم الشخص بالتفكير في أسئلة تراوده ويظل يبحث عن إجابات لها، إما أسئلة وجودية مثل “كيف بدأ الخلق؟” أو “لماذا نحن احياء؟ وما هو مغزى الحياة؟” أو”ما هو هدفي الذي من المفترض أن أطمح إليه؟” أو قد تكون أسئلة غريبة جدًا بطريقة مُحيرة مثل “إذا كنا نرى الماء ولا نرى الهواء فهل للسمك القدرة على رؤية الهواء وعدم رؤية الماء؟” على افتراض كوننا نعيش في بيئتين متضادين.
والنوع الثاني هو التفكير في مواقف حدثت لنا في الماضي ولوم النفس على ارتكاب الأخطاء فيدور حديث بين الشخص ونفسه على شاكلة “كيف تصرفنا هكذا؟” أو “لماذا لم نرد الرد المناسب على الشخص الذي أهاننا؟”
كلها أسئلة ومواضيع قد تراودنا -ويمكن القول أن أحد تلك الأسئلة على الأقل قد شغلنا من قبل- والملفت للنظر أنه إذا تأملنا النوع الأول -وهو الأسئلة الوجودية أو الغريبة- فالبعض منها لها إجابات بالفعل.
فعلى سبيل المثال سؤال “ما هو الهدف من كوننا أحياء؟” فالأديان تخبرنا بإجابة هذا السؤال وهي لتعمير الأرض وعبادة خالق هذا الكون، وبعيدًا عن الأديان فبعض الناس يؤمنون أننا أحياء اليوم نتيجة سلسلة من التطور الذي حدث في الطبيعة، وأنه يجب علينا الاستمرار في التقدم والحياة إلى فناء الحياة.
والإجابتين في واقعهما قد تكون مُرضية لكل طرف ولكن بالرغم من ذلك نظل نفكر في صحة تلك الإجابة أو نحاول إيجاد إجابة أخرى.
والبعض الآخر من الأسئلة قد يخيل للمرء أنها بلا أجوبة، وحتى لو كان ذلك صحيحًا فهي أسئلة عديمة النفع ومعرفة إجابتها لا يقيدنا بأي شيء. فمثلًا إذا تناولنا أكثر تلك الأسئلة التي ترادونا وهو سؤال “كيف بدأ الخلق؟” فلو أخبرتك أنه بدأ بحسب أدق النظريات المطروحة وهي نظرية الانفجار العظيم “Big Bang Theory” أن انفجار عظيم قد حدث منذ زمنٍ سحيق وبالتدرج تكونت المجرات ثم مجموعتنا الشمسية وكوكبنا بعدها بملايين السنيين إلى أن نشأ الانسان واستمر هذا التتابع من الأحداث إلى أن جئت إلى هذه الحياة. فالآن بعد أن علمت إجابة السؤال قلى لي : ماذا استفدت من تلك الإجابة؟ بالتأكيد لا شيء!
وأما النوع الثاني من ال overthinking”” وهو التفكير في أخطاء الماضي فأنا أعلم وأنت تعلم والشخص الذي يلوم نفسه كثيرًا أيضًا يعلم أن ذلك بلا جدوى وأنه يُرهق نفسه بهذا الفعل، وهذا يقودنا إلى حتمية معرفة سبب هذا التفكير الزائد من البداية، فهو ليس دائمًا رغبة وراء استقصاء الحقائق وقد نُصاب به في وقتٍ حرج وبدون أي قصد، فما هو سببه؟ وهل يوجد فعلًا أضرار بالغة له؟ وإلى أي مدى قد تصل؟ والأهم من كل هذا هو كيف نتخلص منه؟
كتابة: مصطفي طنطاوي
مراجعة: محمود وحيد
تصميم: عمر حسن
تحرير: اسراء وصفي