تاريخ القرد الغامض!
كشف تحليل الحمض النووي لقرد غامض منقرض له خصائص جسمانية مختلفة عن أى قرد حي، وقد سُمي زينوثريكس “Xenothrix”، وهو في الحقيقة أكثر ارتباطًا بقرود من فصيلة “Callicebinae” أو كما تُدعى بقرود التيتي “Titi Monkeys” والموجودة بأمريكا الجنوبية. وهذه القرود قد انتقلت إلى جاميكا “Jamaica”، وعلى الأغلب انتقلت فوق الغطاء النباتي العائم فوق سطح الماء، وتكشف عظامها أنها قد خضعت لتغير تطوري ملحوظ.
يشير تاريخ نيويورك إلى أن القرود قد استعمرت جزر الكاريبي أكثر من مرة، وهذا اكتشاف مذهل يوضح كيفية تأثير البيئة غير الاعتيادية للجزر على تطور الحيوانات بشكل كبير. كان الزينوثريكس مختلف عن بقية القرود، فقد كان يتحرك ببطء ويمتلك عدد قليل من الأسنان وكانت عظام الساق الخاصة به مشابهة إلى حد كبير لتلك الخاصة بالقوارض، وهذا المظهر الغريب قد وضع العلماء في حيرة حيال أمرها، وبالتالي صعب عليهم معرفة ما يتعلق بها وبتطورها. ومع ذلك، فقد نجح الفريق البحثي في استخلاص أول DNA قديم من حيوان كاريبي منقرض تم الكشف عن عظامه في كهف جامايكي وبذلك فقد تم تقديم شكل تطوري جديد.
قال البروفيسور صامويل تورفي “Samuel Turvey” وهو مؤلف مشارك في الصحيفة:”هذا الفهم الجديد للتاريخ التطوري للزينوثريكس يُظهر أن التطور يمكن أن يأخذ مسارات غير متوقعة عندما تستعمر الحيوانات الجزر وتتعرض لبيئات جديدة. ومع ذلك، فإن انقراض الزينوثريكس التي تطورت على الجزيرة تسلط الضوء على التأثير الكبير للتنوع البيولوجي الفريد للجزر في مواجهة الآثار البشرية”.
وقال البروفيسور إيان بارنز “Ian Barnes”، الذي يدير مختبر الحمض النووي القديم “NHM”، والمؤلف المشارك:”إن استعادة الحمض النووي من عظام الحيوانات المنقرضة أصبح شائعًا بشكل متزايد في السنوات القليلة الماضية. ومع ذلك، فإنه لا يزال من الصعب مع العينات الاستوائية، حيث درجة الحرارة العالية والرطوبة التي تدمر الحمض النووي بسرعة كبيرة، ويسعدني أننا استطعنا استخراج الحمض النووي من هذه العينات وحل التاريخ المعقد لرئيسيات منطقة البحر الكاريبي”.
ومن المرجح أن أسلاف الزينوثريكس قد استعمروا جامايكا من أمريكا الجنوبية منذ حوالي 11 مليون سنة، كما أن العديد من الحيوانات الأخرى، مثل القوارض الكبيرة تسمى الهوتياس”hutias” أو ال”Capromyidae” التي لا تزال حية في بعض الجزر الكاريبية اليوم، ربما تكون قد استعمرت المنطقة بنفس الطريقة.
وقال روس ماكفي “Ross MacPhee” من المتحف الأمريكي لعلم الثدييات في المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي، وهو مؤلف مشارك للدراسة:”الحمض النووي القديم يشير إلى أن القرد الجامايكي هو في الحقيقة من قرود التيتي، لكنه يتمتع ببعض الصفات الظاهرية غير المعتادة، وليس فرعًا مميزًا تمامًا من العالم الجديد، فالتطور يمكن أن يعمل بطرق غير متوقعة في بيئات الجزر، ويؤدى لإنتاج فيلة مصغرة، وطيور عملاقة، وحيوانات رئيسية تُشبه حيوان الكسلان، مثل هذه الأمثلة تضع محورًا مختلفًا تمامًا على الفكرة القديمة التي تقول “التشريح هو المصير”.
وعلى ما يبدو أن الزينوثريكس قد نوقش إلى حد كبير، مع اقتراحات أنه بدا وكأنه كنكاج “kinkajou” (الاسم العلمي له Potos) أو أنه قرد ليلي يسمى (Aotus).
وتتميز قرود التيتي بأنها تعيش في الأشجار في جميع أنحاء أمريكا الجنوبية الاستوائية، وتتمتع بالفراء الطويل الناعم بألوان الأحمر والبني والرمادي والأسود، وهي تنشط خلال النهار، وتعيش ما يصل إلى 12 عامًا في البرية، مع رعاية الآباء.
على الرغم من شهرة جزر جالاباجوس “Galapagos” بأنها قد ألهمت نظرية التطور التي وضعها تشارلز داروين “Charles Darwin”، إلا أن جزر الكاريبي كانت موطنًا لبعض الأنواع غير المعتادة والغامضة التي تطورت بشكلٍ كبير. ومع ذلك، فقد شهدت منطقة البحر الكاريبي أيضًا على أعلى معدل في العالم لانقراض الثدييات منذ نهاية العصر الجليدي الأخير، ومن المحتمل أن يكون ذلك بسبب الصيد وفقدان الموائل من قبل البشر، وافتراس الثدييات الغازية التي جلبها المستوطنون الأوائل.
كتابة: الاء عمارة
مراجعة: سيلفيا امير
تصميم: نهي عبدالمحسن
تحرير: رنا ممدوح