علم النفس

هل هناك تشخيص بديل للمرض العقلي؟

في إحدى الندوات لعالم مختص بعلم النفس لاحظ أن عددًا من الطلاب يوجهون اتهامات لعلم النفس؛ لميله بوضع المرضى في الصندوق، أي أن العلاج والتشخيص يتم بشكل تقليدي جدًا بغض النظر عن شكوى المريض نفسه.

 

ورغم أن هذه الاتهامات متطرفة ولا صحة لها؛ وذلك بسبب أن علماء النفس لا يصلون إلى استنتاجات بهذه السرعة وأن التشخيص يتم بعناية ودقة، وعند الحصول على الأعراض يتم التشخيص وفقًا لما تم وصفه في الكتاب المقدس للأمراض العقلية. فمثلًا عند تشخيص المريض بالاكتئاب الحاد يجب على الأقل توافر خمسة أعراض من تسعة لإثبات المرض، الحزن الشديد، النوم طوال اليوم، فقدان الاهتمام، الشعور بلا قيمة والتفكير في وحل الانتحار.

 

ومن جهود العلماء “كريستوفر بيترسون” و”مارتن سليجمان” لتغيير وإثبات عدم صحة هذا الاتهام وبالتحديد في عام 2000، تم توسيع مفهوم “العلم النفسي الإيجابي” وأصوله، وذلك بالبحث عن نقاط القوة في جميع الديانات السماوية وغير السماوية كالإسلام، المسيحية، اليهودية، البوذية، الطاوية والهندوسية، كما تم قراءة كتابات قادة العالم لمعرفة نقاط قوتهم كشارلمان وبنجامين فرانكلين.

 

وبالفعل تم الوصول إلى معرفة ما هو علم النفس الإيجابي، وهو الدراسة التي تمكن الأفراد والمجتمعات من الازدهار، ويستند هذا المجال على الاعتقاد بأن الناس يسعون ليعيشوا حياة هادفة ومرضية وأن يزرعوا ما هو الأفضل داخل أنفسهم، وأن يعززوا خبراتهم في الحب، العمل واللعب أيضًا. وبالفعل وصلوا إلى 24 نقطة قوة تم وصفها بنظام التصنيف موجودة بجميع أنحاء وثقافات العالم المختلفة مثل: الإبداع ، الفضول، حسن التفكير، الشجاعة، اللطف والأمل. وبهذا الشكل تم توسيع نطاق التشخيص والتفكير في مشاكل المرضى بشكل مختلف لحلها بسهولة.

 

ولفهم المفهوم ونقيضه بين السخرية والعفوية، هناك نوعان من البشر: النوع الأول أناس متشككة تحب أن تسأل قبل أن تُطلِق أحكامها، والنوع الثاني ساذج يُطلِق أحكامه على الفور دون انتظار. ولذلك علينا فهم شخصية المتحدث لمعرفة قوته والوصول للاعتدال بين المفاهيم المتطرفة والسخرية والعفوية. وللعالم “كريستوفر بيترسون” نظرية “PREMA” ليوضح حقيقة تجاربه في مفهوم علم النفس الإيجابي، ولكل حرف في “PREMA” يرمز إلى شيء معين كالتالي:

فـ”P positive emotion”: أي المشاعر الإيجابية والتفاؤل المشروط بعوامل تدعو له.
و”R relationship”: أي مساعدة الأشخاص على بناء علاقات اجتماعية.
و”E engagement”: أي تكوين شخصيات قوية إيجابية.
و”M meaning”: أي التحفيز الإيجابي.
و”A achievement”: أي مساعدة الأشخاص على إنجاز الأشياء وتحقيق أهدافهم.

 

في النهاية كلنا نفقد الحيلة في مساعدة الأشخاص الذين في حاجة لإيجابية الصحة العقلية والتفكير السليم، ولا نملك إلا إظهار التعاطف معهم، ويمكن القول أن العلاج يكمن في معرفة قوة الشخص وتقديره للأمور، وبالتالي سيؤدي ذلك إلى خفض المشاكل وفهمنا للحياة وتصالحنا معها.

 

في الكتاب المقدس للأمراض العقلية يعطينا نموذجًا تقليديًا عن الأمراض وأعراضها، لكن نظام التصنيف يعطينا مفهومًا دقيقًا عن نقاط القوة لدى الأشخاص، فنحن البشر عبارة عن كتل من المشاكل مع كم من القوة يساعدنا للتغلب عليها ومقاومته! فالمكان الذي تنشر فيه الحب لا بد وأن تشعر به حولك.

المصدر

 

كتابة: محمود وحيد

مراجعة: آيات أحمد

تصميم: أميرة فيصل

تحرير: إسلام حمدي

اظهر المزيد

ميار محمد

المدير التنفيذي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى