طريقة ذكية لجمع وتنقية المياه والورد مصدر الإلهام
لطالما اعتُبِرَت الورود رمز ودلالة على الحب والرومانسية، ولكن هناك مَن نظر إليها بصورةٍ مُختلِفة ورأى فيها أكثر من مُجرَد رمز.
فريق من العُلماء من جامعة تكساس كانت الورود مصدر إلهام لهم، فسُحِروا ببنيتها الهندسية التي تُساعدها على تنقية وجمع المياه بطريقة مثالية، فابتكروا أداة لها هيكل شبيه بالورود تتكلف أقل من 2 سِنت، وتُنتِج أكثر من نصف جالون من الماء في الساعة لكل متر مُربع.
قام الفريق بقيادة الأستاذة المُساعِدة “دونجلي فان” في قسم ووكر للهندسة الميكانيكية، بتطوير طريقة جديدة تعتمد على الطاقة الشمسية لإنتاج المياه -وهي تقنية تستخدم الطاقة من ضوء الشمس لفصل الملح والشوائب الأُخرى عن الماء من خلال التبخير-.
وفي ورقة بحثية نُشِرَت في العدد الأخير من مجلة “Advanced Materials”، أوضح المُؤلفون كيف أنَّ (وردة الأوريجامي) كانت مصدر إلهام لتطوير نوع جديد من أنظمة التبخير الشمسي “solar-steaming system”، وهي عبارة عن صفائح ورقية سوداء ذات طبقات في شكل بتلات مُثبَّتة على أنبوب يشبه الجذع، لتقوم بجمع المياه غير المُعالَجَة من أي مصدر للمياه، وهذا الشكل يجعل من السهل تجميع المزيد من السوائل والاحتفاظ بها.
عادةً ما تكون تقنيات تبخير الطاقة الشمسية باهظة الثمن وذات نتائج محدودة، أمّا هذه الطريقة فتستخدم مواد غير مُكلّفة خفيفة الوزن وقابلة للحمل، كما أنَّها أنيقة وتبدو تمامًا مثل وردة ذات بتلات سوداء في جرة زجاجية، ولوصف أكثر دقة فهي عبارة عن نظام تجميع مُتنقِّل بالبخار الشمسي يتم التَحكُم فيه بالضغط المُنخفِض.
وقالت فان: “كُنا نبحث عن طرق أكثر فاعلية لتطبيق تقنية التبخير بالطاقة الشمسية لإنتاج المياه باستخدام ورق مصقول أسود مَطليّ بنوع خاص من البوليمرات يُعرَف باسم بولي بيرول”. Polypyrrole هي مادة معروفة بخصائصها الحرارية، مما يعني أنَّها جيدة في تحويل ضوء الشمس إلى طاقة حرارية.
وتحكي “فان” وفريقها كيف قامت بتجربة عدد من الطُرق المُختلِفة لتشكيل الورقة بطريقة تسمح بجمع أكبر كمية من المياه، فبدأت بوضع طبقة واحدة مُستديرة من الورق المُقوَّى على الأرض تحت أشعة الشمس مباشرة، وأظهرت الصفائح المُفرَدة قُدرة جيدة على حفظ وجمع الماء لكن بكميات غير كافية، فبدأت بتشكيل أشكال مُختلِفة من الورقة -مثل الأوريجامي- مُستوحِية ذلك من كتاب قرأته في المدرسة الثانوية، وعلى الرغم من عدم تَعلُقها بالورود بحد ذاتها إلا أنَّ رواية “The Black Tulip” للمخرج”Alexandre Dumas” أعطاها فكرة مُحاولة استخدام شكل يشبه الأزهار، واكتشفت أنَّ الورود تمتلك هيكل مثالي يسمح لمزيد من أشعة الشمس بالوصول إلى المواد الحرارية المُغلِّفة للبتلات مع انعكاسات داخلية بين البتلات أكثر من الأشكال الزهرية الأُخرى، وكذلك توفير مساحة سطح أكبر تسمح لبخار الماء أنْ يتبدد عن الشوائب.
تقوم هذه الأداة بتجميع المياه من خلال أنبوب يشبه الجذع -يُغذي بتلات الوردة في الأعلى-، ويُمكِن أيضًا جمع قطرات المطر القادمة من فوق، يجد الماء طريقه إلى الوردة المُغلَّفَة بمادة البولي بيرول ليتبخر وتبقى الشوائب مُنفصِلة عن الماء عند تكثيفه بهذه الطريقة.
وعَلَّق “Weigu Li” مُشارِك في الورقة البحثية: “لقد صممنا نظام التنقية unisystem لجمع الماء، بحيث يشمل نقطة اتصال لمضخة ذات ضغط مُنخفِض للمُساعَدة في تكثيف المياه بشكل أكثر فاعلية، وبمُجرَد تكثيفه يأتي دور الجَرّة الزجاجية المُصمَمة لتُدمَج بالوردة، وتكون قوية وآمنة لتخزين المياه النظيفة”.
يُزيل الجهاز أي تلوث من المعادن الثقيلة والبكتيريا، ويفصل الملح عن مياه البحر، ويُنتِج ماء نظيف يُلبِّي معايير مياه الشُرب القياسية التي وضعتها مُنظمَة الصحة العالمية، وعَلَّق “Weigu Li”: “إنَّ التصميم الذكي والتصنيع مُنخفِض التكلفة للمواد الحرارية المُغلِّفَة لأشكال الأوريجامي ثُلاثية الأبعاد، يُمثِّل أول نظام فريد من نوعه لتجميع البخار بالطاقة الشمسية، مما يُمكِن أنْ يُلهِم نماذج جديدة من تقنيات التبخير بالطاقة الشمسية في إنتاج المياه النظيفة للأفراد والمنازل”.
كتابة: كاميليا محمد
مراجعة: داليا الشريف
تحرير: أسماء مالك
تصميم: أمنية عبد الفتاح