نجم عملاق يختفي دون أن يترك أثرًا!
يُمكن لأي شيء أن يختفي، مفاتيح سيارتك، أقلامك، حذائك المفضل. كل هذا مألوف للغاية، لكن أن يختفي نجم، هذا ما لم نألفه أبدًا!
في مجرة تبعد عن الأرض مسافة 75 مليون سنة ضوئية، وجد العلماء نجمًا ضخمًا ساطعًا، يزيد سطوعه عن الشمس بقرابة 2.5 مليون مرة. وهو نجم عملاق يشع باللون الأزرق البرّاق.
استمر العلماء في دراسة هذا النجم طوال الفترة بين 2001-2011، وكان نموذجًا لنجم ضخم، نادر، وغير مستقر في نهاية حياته.
الغريب أنه وبعد ما يقرب من عقدين من الزمن من محاولة دراسته، صُدِم العلماء من اختفائه عند البحث عنه في عام 2019. لم يترك هذا النجم أي أثر خلفه ليستدل به العلماء عما حدث له.
فسّر العلماء اختفائه بأحد الاحتمالات الآتية:
1- إما أنه محاط بسحابة كبيرة من الغبار، ربما بسبب قذفه لبعض المواد لأنه في نهاية حياته.
لم تكن تلك أول مرة يحدث فيها مثل هذا، فقد حجبت سُحب الغبار العملاق الأحمر، نجم مجرة درب التبانة. يمكن أن يبقى النجم هكذا ويستمر في الاختباء خلف هذه السُحب ولا نتمكن من رؤيته مرة أخرى.
بين عامي 2009-2019، لم ترصد الأشعة الحمراء أيًا من سُحب الغبار الساخن، ولكن لا يزال هذا الاحتمال مطروحًا؛ حتى يتم أخذ ملاحظات منتصف الأشعة تحت الحمراء والتي سوف تؤكد أو تنفي وجود النوع الآخر من سُحب الغبار وهي سُحب الغبار الأكثر برودة.
وبالتالي فإن هذه الملاحظات هي التي تستطيع تأكيد أو نفي وجود النجم خلف سُحب الغبار.
2- أما الاحتمال الثاني هو موت النجم.
يتوقع العلماء أن النجم قد انتهت حياته فجأة بعد عام 2011 ثم انهار إلى ثقب أسود. ربما يكون قد انفجر وتحول لأجزاء صغيرة بدلًا من الانهيار. ولكن عند انفجار نجم بهذه الكتلة فإنه يخضع لما يطلق عليه اسم مستعر أعظم أو (Supernova)، ولكن هذا لم يحدث في حالة هذا النجم، أو ربما نحن من لم نستطع اكتشافه حتى الآن.
من المتوقع أن يبعث انفجار هذا النجم توهجًا يضيء في السماء لمدة خمس سنوات على الأقل، وتحول اللب إلى ثقب أسود كبير تُقدّر كتلته بحوالي 85:120 كتلة الشمس.
يقول الباحث الرئيسي أندرو آلان (Andrew Allan)، طالب دكتوراه في جامعة ترينتي (Trinity) بإيرلندا: “إذا كان هذا صحيحًا، سيكون هذا أول اكتشاف مباشر لنجم ضخم تنتهي حياته بهذه الطريقة”.
كما قال جوزيه جرو (Jose Groh)، عالم فلك في جامعة ترينتي، وهو مؤلف مشارك في ورقة بحثية جديدة عن النجم: “ربما اكتشفنا واحدًا من أضخم النجوم في الكون يتجه بهدوء للظلام”.
يقول العلماء إنه إذا كان هذا الاحتمال صحيحًا، فإن هذا شيء نادر الحدوث. فقد حدث ما يشبه ذلك في عام 2009 عندما ظهر نجم ساطع في مجرة معروفة بالانفجارات النجمية.
كان هذا النجم قريبًا من مرحلة الانفجار، فقد كان متوهجًا أكثر من الشمس بمليون مرة. ولكنه بدلًا من السيناريو المتوقع له وهو الانفجار، فإنه اختفى بحلول عام 2015 ولم تتمكن أقوى التلسكوبات وأكثرها دقة من الوصول إليه، ربما تلاشى وتحول إلى ثقب أسود دون المرور بمرحلة المستعر الأعظم.
3- كما قدّم التفسير الثالث فريق مختلف من علماء الفلك الذين يقولون سواء كان هذا النجم اختفى أم لا، ربما لم يكن نجمًا على الإطلاق، ربما كانت التلسكوبات ترصد في هذه الفترة ضوء مستعر أعظم طويل العمر ليس إلا.
بعد كل هذه التفسيرات والاقتراحات، لم تثبت صحة أي منها حتى الآن. ويخطط العلماء لمتابعة عملهم في الرصد عندما يكون التلسكوب الجديد جاهزًا بحلول عام 2025. سيحتوي هذا التلسكوب على مرآة واحدة بطول 39 مترًا، وفتحة مدمجة بمساحة 32 مترًا عبر أربعة تلسكوبات. هذا سيجعله كبيرًا بما يكفي لرصد المجرات البعيدة والنجوم الفردية.
ولكن الآن ستبقى قضية النجم المختفي في سجل الألغاز النجمية التي لم يتم حلها إلى الآن.
كتابة: سارة محمد
مراجعة: أحمد مغربي
تحرير: شدوى محمود