الحرب العالمية الثانية
تعتبر الحرب العالمية الثانية أسوأ كارثة مرت على الجنس البشري، منذ أن خلق الله الأرض ومن عليها. كان حجم الدمار مروعًا، اندلعت الحرب العالمية الثانية بعد اليوم الأول من الغزو الألماني لبولندا، فى الأول من سبتمبر (أيلول) عام 1939، وبحلول الوقت الذي انتهت فيه على ظهر سفينة حربية أمريكية في الثاني من سبتمبر 1945؛ تسببت الحرب العالمية الثانية في مقتل ما يقدر بنحو 60 إلى 80 مليون إنسان، أي ما يقرب من ثلاثة بالمائة من سكان الكوكب حينذاك، وذلك أكثر من قتلى الحرب العالمية الأولى.
الغالبية العظمى من الذين قتلوا في أكثر الحروب دموية في التاريخ كانوا من المدنيين، بما في ذلك 6 ملايين يهودي قتلوا في معسكرات الاعتقال النازية خلال الهولوكوست.
أحداث ما قبل الحرب وخرق هتلر لمعاهدة فرساي:
- قامت إيطاليا بغزو أثيوبيا في الفترة ما بين أكتوبر 1938 ومايو 1939، مما نتج عنه ضم أثيوبيا إلى المستعمرات الإيطالية. أظهر هذا فشل عصبة الأمم في الحفاظ على السلام الدولي؛ لأن كلًا من إيطاليا وأثيوبيا كانتا أعضاء في العصبة، لكن العصبة لم تفعل شيئًا، على الرغم من مخالفة إيطاليا الصريحة لقواعد العصبة.
- غزت اليابان الصين، واستطاعت أن تصل إلى نانجينغ عاصمة الصين في هذا الوقت، وقامت بارتكاب ما يعرف بمذبحة نانجينغ.
- في عام 1938، غزت اليابان الاتحاد السوفييتى، وبعد عدة معارك أخفقت فيها القوات اليابانية عن تحقيق أي نصر؛ أصبح لدى اليابانيين قناعة بعدم جدوى الحرب مع الاتحاد السوفييتي، وحولت الإمبراطورية اليابانية أنظارها تجاه المستعمرات الأوروبية في المحيط الهادئ.
- هنا نتحدث عن الفوهرر الذي بدأ بخرق معاهدة فرساي التي فرضت على ألمانيا إبان انتهاء الحرب العالمية الأولى. كانت المعاهدة تتضمن منع ألمانيا من زيادة عدد جنود الجيش عن مائة ألف، وأيضًا فرضت عليها شروطًا معينة للتسليح، كما وضعت عليها مبالغ مادية ضخمة جدًا، تسددها ألمانيا إلى الدول التى تضررت من الحرب.
- كان الألمان يرون أن هذه الشروط مجحفة بحقهم، وأن سبب ضيق عيشهم هى تلك المعاهدة البغيضة، وهتلر كان يشعر بضياع كرامة ألمانيا تمامًا؛ لأنها وافقت على شروط هذه المعاهدة.
- كل هذا دفع بالفوهرر إلى بدء الانقضاض على هذه الشروط، وبدأ في زيادة عدد الجيش، وزيادة تسليح الجيش. أيضًا نجح في ضم النمسا، ولم يلق هذا التحرك الأخير أي رد فعل من قبل بريطانيا أو فرنسا. كل هذا جعل الفوهرر يقدم على احتلال بولندا؛ لأنه كان يرى أن بولندا في غاية الأهمية لتأمين الحدود الألمانية.
بداية الحرب العالمية الثانية:
- شهد أواخر عام 1939 بداية إشعال فتيل الحرب العالمية الثانية، كانت تلك المعاهدة التي وقعها هتلر مع الزعيم السوفيتي ستالين، والتي تضمنت ميثاق عدم اعتداء بين الألمان والسوفييت؛ بمثابة نقطة انطلاق لهتلر الفوهرر الألماني لاجتياح أوروبا. كان هتلر وقتها يخطط لغزو بولندا، وكانت اتفاقيته مع ستالين تضمن له عدم فتح حرب على الجبهة الشرقية، وأيضًا سيدخل الاتحاد السوفييتي الحرب بذلك كحليف قوي للفوهرر قبل أن ينقلب هذا الأمر كما سنرى مستقبلًا.
- غزا هتلر بولندا من الغرب، وغزت القوات السوفيتية بولندا من الشرق، وتحت هجوم كلا الجانبين؛ سقطت بولندا بسرعة، وبحلول أوائل عام 1940، قسمت ألمانيا والاتحاد السوفيتي السيطرة على بولندا، وفقًا لبروتوكول سري مُلحق بميثاق عدم الاعتداء. كانت بولندا تحت الحماية البريطانية والفرنسية؛ وبمجرد إعلان هتلر الحرب على بولندا، أعلنت بريطانيا وفرنسا الحرب على ألمانيا، وبذلك اندلعت الحرب العالمية الثانية.
- في 6 أكتوبر، وبعد انتهاء الحملة على بولندا، قام هتلر بعرض معاهدة سلام على كل من بريطانيا وفرنسا، قائلًا إن مستقبل بولندا تحدده كل من ألمانيا والاتحاد السوفيتي، وفي 12 أكتوبر جاءه الرد من رئيس الوزراء البريطاني نيفيل تشامبرلين بأنه لا يمكن قبول شروط السلام والتغاضي عن العدوان.
- في 13 ديسمبر من نفس العام، وقعت أولى المعارك البحرية في الحرب العالمية الثانية، حيث هاجمت ثلاث طرادات تابعة للبحرية الملكية البريطانية سفينة أدميرال غراف شبي الألمانية عند مصب نهر لابلاتا قرب سواحل الأرجنتين في أمريكا الجنوبية، وأدى الهجوم إلى إغراق السفينة الألمانية بأمر من قائدها هانس لانغسدروف في ميناء مدينة مونتفيديو.
استسلام فرنسا:
- فى 17 ديسمبر، في غرب أوروبا، شنت القوات الألمانية حربًا ضارية على لوكسمبورغ وهولندا وبلجيكا، ونجحت في تدمير دفاعاتهم تمامًا. تقدمت القوات الألمانية إلى فرنسا، ونتيجة خطأ فادح من القيادة الفرنسية؛ استطاعت القوات الألمانية المرور من غابات الأردين والدخول إلى الأراضي الفرنسية.
- وصلت قوات الفوهرر إلى باريس وأسقطوها. هذا نصر عظيم تحقق لهتلر في السنة الأولى للحرب!
- استسلمت فرنسا، وقام هتلر بإنشاء حكومة فيشي التي كانت تسيطر على جنوب فرنسا، وكانت موالية لهتلر.
- وبسقوط فرنسا، أصبحت بريطانيا وحيدة في ساحات المعركة أمام العدو الألماني، الأمر الذي جعل رئيس الوزراء البريطاني تشامبرلين يقدم استقالته خلال المعارك المندلعة مع الألمان ليأخذ مكانه ونستون تشرشل، لحسن حظ البريطانيون، أن الكثير من الجنود قد استطاعوا الهرب من شمال فرنسا، وذلك باستخدام الآلاف من القوارب المدنية الصغيرة لتهريب الجنود إلى الشاطئ البريطاني.
- وهناك اعتقاد كبير حول تمكين الجنود من الهرب، بأن السبب الكامن وراء ذلك؛ هو أن هتلر هو الذي أمر بإيقاف وحدات المدرعات استنادًا إلى نصيحة وزير الجو، والذي نصح هتلر بإيقاف الهجوم لإعادة تهيئة الوحدات بعد استهلاكها، الأمر الذي فتح نافذة إلى بريطانيا لتهريب جنودها من ساحات المعركة في شمال فرنسا، كما يشار إلى أن بريطانيا قد استفادت كثيرًا، وذلك باستخدام نفس الجنود في يوم إنزال النورماندي.
غزو هتلر للاتحاد السوفيتي وبداية الهزيمة:
- كان هتلر يعرف أنه سيدخل في صراع مع أمريكا، ومن أجل ذلك، رأى أن يقوم بتوجيه قواته ناحية الاتحاد السوفييتي؛ لكى يستولى على القوة الصناعية الهائلة التي يملكها الاتحاد السوفييتي، ومن ثم يصبح جاهزًا للمواجهة مع العدو الأمريكى.
- جهز هتلر لأكبر غزو بري عرفه التاريخ في عملية تسمى بربروسا لاجتياح روسيا، وعلى الرغم من تحقيق قوات الفوهرر لبعض الانتصارات في بداية المعركة، لكن سرعان ما فشلت قواته فشلًا ذريعًا.
- بدخول هتلر الحرب مع الاتحاد يكون قد فتح الجبهة الشرقية أيضًا، وها هو الآن يقاتل على جبهتين. نجح إنزال النورماندي الذي قامت به القوات البريطانية بالاشتراك مع القوات الأمريكية، واستطاعوا تحرير فرنسا.
نهاية الحرب العالمية الثانية:
- تم قصف ألمانيا بعنف؛ مما أدى إلى احتراق دريسدن احتراقًا كاملًا، وتعرضت المدن الألمانية الأخرى أيضًا لقصف عنيف؛ أسفر كل هذا عن مقتل عشرات الآلاف من المدنيين. عبر الحلفاء الغربيون نهر الراين وتحركوا شرقًا باتجاه برلين.
- زحف الجيش الأحمر باتجاه برلين، واستطاع أن يصل إلى مقر المستشارية الألمانية (الرايخ ستاج) قبل وصول قوات الحلفاء، وهكذا سقطت ألمانيا أخيرًا. وانتحر هتلر في مخبئه العميق أسفل مستشارية الرايخ في 30 أبريل عام 1945.
- بدأ خليفة هتلر، الأدميرال الكبير كارل دونيتز، مفاوضات السلام. وفي 7 مايو سمح للجنرال ألفريد جودل بالتوقيع على استسلام غير مشروط لجميع القوات الألمانية ليصبح ساريًا في اليوم التالي.
- بعد انتصار الحلفاء في أوروبا، استمرت الحرب العالمية الثانية في المحيط الهادئ. قامت القوات الأمريكية بتحرك بطيئ ولكن ثابت نحو اليابان، بعد قلب مسار الحرب بالنصر في يونيو 1942 في معركة ميدواي.
- أذن الرئيس هاري ترومان، الذي صعد إلى الرئاسة قبل أقل من أربعة أشهر بعد وفاة فرانكلين روزفلت، باستخدام القنبلة الذرية ضد اليابان. على أمل إنهاء سريع للحرب.
- في 6 أغسطس 1945، أسقطت القاذفة الأمريكية من طراز B-29 Enola Gay قنبلة ذرية على مدينة هيروشيما الصناعية، مما أسفر عن مقتل ما يُقدّر بنحو 80000 شخص على الفور. مات عشرات الآلاف في وقت لاحق من التعرض للإشعاع.
- عندما رفضت اليابان الاستسلام فورًا بعد قصف هيروشيما، فجرت الولايات المتحدة قنبلة ذرية أكثر قوة في ناغازاكي بعد ثلاثة أيام؛ مما أسفر عن مقتل 35 ألفًا على الفور و50 ألفًا في أعقابها.
وباستسلام اليابان غير المشروط؛ تنتهي إحدى أسوأ الكوارث التي مرت على كوكب الأرض.
كتابة: مصطفي محسن مصطفى