تتأرجح مشاعر العديد منّا في هذه الحياة بين السعادة والحزن، فأحيانًا تنتابنا مشاعر غامرة من الفرحة والثقة بالنفس وكأنه قد ضحكت لنا الدنيا، وفي أحيان أخرى، تخيم على رؤوسنا سحابات من الألم والحزن وكأنها نهاية العالم.
حسنًا، على الرغم من أن تلك المشاعر هي مشاعر طبيعية، قد تكون ناتجة عن أسباب واقعية ملموسة، إلا أنه في نفس الوقت قد تكون مؤشرًا على الإصابة باضطراب خطير يسمى “اضطراب ثنائي القطب”.
في هذا المقال، سنسلط الضوء أكثر على تقلبات المزاج، ومتى تكون تلك التقلبات طبيعية، ومتى تكون دليلًا على الإصابة بـ”ثنائي القطب”.
-
ما هو اضطراب ثنائي القطب؟
هو نوع من الاضطرابات النفسية والعقلية التي تؤثر على المزاج، حيث يجد المريض نفسه في بعض الأوقات في مزاج جيد للغاية ولديه طاقة كبيرة من النشاط والرغبة في العمل والنجاح، وفي أوقات أخرى يجد نفسه حزينًا مكتئبًا وليس لديه رغبة في الحياة.
كما يؤثر أيضًا على النوم والطاقة والسلوك والتفكير.
سُمِّيَ هذا الاضطراب بثنائي القطب؛ لأن المريض به يكون دائمًا على حافة مزاج معين، فتارةً يكون سعيدًا للغاية، وتارةً أخرى يصبح حزينًا للغاية.
يطلق أيضًا على اضطراب ثنائي القطب “الهوس الاكتئابي”، وعادةً ما يكون المريض في مرحلة المزاج الجيد متهيجًا وغير متحكم في انفعالاته، وغالبًا ما يتخذ قرارات غير محسوبة. كما يعاني بعضهم من الهلوسة -وهي رؤية أو سماع أشياء غير موجودة-.
-
أعراض الاضطراب ثنائي القطب
كما ذكرنا سابقًا، فالمصابون باضطراب ثنائي القطب يمرون في بعض الأوقات بحالة من المزاج الجيد، وأوقات أخرى بحالة من المزاج السيء.
في السطور القادمة، سنوضح الأعراض والعلامات التي يشعر بها المريض في كل مرحلة من تلك المراحل على حدة.
المريض بالاضطراب ثنائي القطب في حالة المزاج الجيد:
– يشعر بالهياج وعدم السيطرة على المشاعر والانفعالات.
– ليس لديه رغبة في النوم.
– يفقد الشهية للطعام.
– يتحدث بسرعة عالية عن أشياء مختلفة في وقت واحد.
– يشعر وكأن لديه الكثير من الأفكار المتسارعة.
– يشعر بالقدرة على فعل أكثر من شيء في وقت واحد.
– يشعر بأنه مهم وموهوب وقوي على غير العادة.
المريض بالاضطراب ثنائي القطب في حالة الاكتئاب، أو المزاج السيء:
– يشعر بالحزن الشديد والقلق وفقدان الأمل.
– لديه صعوبة في النوم، وفي أحيان أخرى ينام أكثر من اللازم.
– تزداد شهيته للطعام، ويكتسب المزيد من الوزن.
– يتحدث ببطء شديد، وأحيانًا ينسى الكلام، أو يشعر أنه لا يجد ما يتحدث عنه.
– لديه مشاكل في التركيز واتخاذ القرارات.
– يشعر أنه لا يستطيع أن يفعل أبسط الأشياء.
– يشعر أنه عديم القيمة، وأحيانًا يفكر في الموت أو الانتحار.
-
أسباب الاضطراب ثنائي القطب
لا يعرف العلماء حتى الآن سببًا مؤكدًا للإصابة بالاضطراب ثنائي القطب، لكنهم يعتقدون أنه ينشأ نتيجة لاجتماع مجموعة من العوامل البيئية والجسدية والاجتماعية مع بعضها البعض.
-
العلاقة بين اختلال التوازن الكيميائي في المخ ونشأة الاضطراب ثنائي القطب
يعتقد العلماء بشدة أن عدم التوازن في كيمياء المخ يمكن أن يؤدي إلى ظهور أعراض الاضطراب ثنائي القطب.
من المعروف أن المواد الكيميائية المسؤولة عن وظائف المخ المختلفة تسمى “الناقلات العصبية”، وتشمل النورأدرينالين، والسيروتونين، والدوبامين. الاختلال في معدل أي من تلك المواد في المخ ينتج عنه أعراض ثنائي القطب. على سبيل المثال، لاحظ العلماء زيادة نسبة النورأدرينالين في نوبات المزاج الجيد، وقلتها في نوبات المزاج السيء.
-
العلاقة بين الجينات ومرض اضطراب ثنائي القطب
يعتقد العلماء أيضًا أن هناك رابطًا بين الجينات المتوارثة ونشأة اضطراب ثنائي القطب، وهذا يزيد من احتمالية إصابة أفراد الأسر التي لديها مرضى بثنائي القطب بهذا الاضطراب، مقارنةً بغيرهم ممن ليس لديهم تاريخ مرضي للإصابة به.
-
بعض العوامل التي تزيد من احتمالية الإصابة باضطراب ثنائي القطب
تزيد بعض المواقف المجهدة للأعصاب من احتمالية ظهور أعراض مرض ثنائي القطب، مثل:
- الانفصال عن شريك الحياة.
- التعرض للاعتداء الجنسي والانتهاكات الجسدية أو العاطفية.
- موت أو فقد شخص عزيز.
- المشاكل وضغوطات الحياة اليومية، مثل مشاكل العمل، أو المشاكل المالية.
-
علاج اضطراب ثنائي القطب
إذا شُخِّصَ المريض بإصابته بثنائي القطب من قبل الطبيب النفسي، فعليه البدء في رحلة العلاج فورًا.
وتعتمد الخطة العلاجية على عدة محاور:
1- الأدوية:
- أدوية للحد من التقلبات المزاجية.
- مضادات الاكتئاب.
- الأدوية المضادة للذهان.
- المهدئات والأدوية المنومة.
2- جلسات العلاج النفسي:
وفيها يساعد الطبيب المريض على وضع روتين يومي لحياته؛ لمساعدته على الاستقرار المزاجي ولتجنب مشاكل النوم. كما يتبع نوعًا من العلاج المعرفي السلوكي لمساعدة المريض على تغيير معتقداته وأفكاره السلبية بأخرى إيجابية.
يجري الطبيب بعض الجلسات العلاجية مع أفراد الأسرة أيضًا، لتعليمهم سبل التعامل المثالية مع المريض في أثناء النوبات المختلفة، وكيف يقدمون الدعم النفسي له بالطرق السليمة.
أخيرًا، فإن اضطراب ثنائي القطب من الأمراض التي قد تستمر مع المريض لفترات طويلة في حياته، لذا؛ فالمعرفة الجيدة بطبيعته وكيفية التعامل معه من الأمور الهامة لكل من المريض وأسرته، حتى تمر تلك الفترة بسلام.
كتابة: سارة شبل
مراجعة: يوسف أحمد
تحرير: محمد لطفي