نسمع كثيرًا عن النظرية النسبيَّة لأينشتاين، ونعرف مدى تعقيدها، وكل الأقاويل التي أُثيرت عن تلك النظرية، وهي بالفعل تُعتبر إحدى أهم إنجازات وإبداعات العقل البشري في التاريخ، ومن تطبيقات تلك النظرية واستكشافاتها هو “الزمكان”، فما هو الزمكان؟ ومما يتكون؟
-
ما هو الزمكان؟
الزمكان هو دمج لمفهومي الزمان والمكان، هو الفضاء بأبعاده الأربعة، الأبعاد المكانية الثلاثة التي نعرفها {الطول، العرض، الارتفاع} بالإضافة إلى البُعد الرابع وهو الزمن، هذا الفضاء رباعي الأبعاد يشكِّل نسيج يحمل كل شيء في الكون.
كل جسم مهما كان حجمه، وكل حدث يخضع له، فلا وجود لأي شيء أو حدث خارج نطاقي الزمان والمكان، وهو يفسر التأثيرات النسبية غير العادية التي تنشأ عن السفر بالقرب من سرعة الضوء، وكذلك حركة الأجسام الضخمة في الكون.
-
من اكتشف الزمكان؟
ساعد الفيزيائي الشهير ألبرت أينشتاين (Albert Einstein) في تطوير فكرة الزمكان كجزء من نظريته النسبية. قبل النسبية، كان هناك نظريتان منفصلتان لشرح الظواهر الفيزيائية، قوانين الفيزياء لإسحق نيوتن التي وصفت حركة الأجسام الكبيرة، والنماذج الكهرومغناطيسية لجيمس كليرك ماكسويل (James Clerk Maxwell) لتوضيح خصائص الضوء.
لكن التجارب التي أُجريت في نهاية القرن التاسع عشر، أشارت بوجود شيء خاص بالضوء. أظهرت القياسات أن الضوء يسير دائمًا بنفس السرعة في كل الظروف.
في عام 1898، تكهَّن الفيزيائي وعالم الرياضيات هنري بوانكاريه (Henri Poincaré) بأن سرعة الضوء لا يمكن تجاوزها. في نفس الوقت تقريبًا، كان باحثون آخرون يفكرون في إمكانية تغير الأشياء من حيث الحجم والكتلة، اعتمادًا على سرعتها.
جمع أينشتاين كل هذه الأفكار معًا في نظرية النسبية الخاصة في عام 1905، التي افترضت أن سرعة الضوء ثابتة. ولكي يكون هذا الافتراض صحيحًا، يجب الجمع بين الزمان والمكان في إطار واحد؛ للحفاظ على سرعة الضوء كما هي للمراقبين.
لو افترضنا وجود شخص في صاروخ فائق السرعة، فإن الوقت سيمر أبطأ مقارنةً بالشخص الذي لا يركب صاروخًا فائق السرعة، ومعنى هذا أن الزمان والمكان نسبيان، أي يعتمدان على سرعة المراقب.
الاستنتاج بأن الزمكان هو نسيج موحَّد لم يصل إليه أينشتاين بنفسه، بل جاء بهذه الفكرة عالم الرياضيات الألماني هيرمان مينكوفسكي (Hermann Minkowski).
الزمكان الذي وصفه مينكوفسكي لايزال يُعرَف ب “زمكان مينكوفسكي”، ويساعد في الحسابات في نظريات النسبية والمجال الكمي.
-
كيف يعمل الزمكان؟
في الوقت الحاضر، عندما يتحدث الناس عن الزمكان، غالبًا ما يصفونه بأنه يُشبه قطعة من المطاط، وهذا اعتمادًا على قول أينشتاين، الذي أدرك أن وجود الجاذبية هو بسبب الانحناءات الموجودة في نسيج الزمكان.
للتوضيح؛ عندما تضع كُرة ثقيلة في نسيج مطاطي، سيحدث تشوه وانحناء في النسيج، وبالتالي عند وجود أي جسم آخر أقل كتلة من الجسم الأول، سوف يسقط وينجذب نحو الجسم الأول الأكبر في الكتلة.
فمثلًا، الأجسام الضخمة مثل الأرض والشمس، تخلق تشوهات في نسيج الزمكان وتجعله ينحني، هذه التشوهات بدورها تقيِّد الطرق التي يتحرك بها كل شيء في الكون، لأن الأجسام يجب أن تتبع مسارات على طول هذا الانحناء المشوَّه.
لذا نستنتج أن الجاذبية في الواقع هي الحركة على طول الانحناءات الموجودة في نسيج الزمكان التي تسببها الأجسام الضخمة. الكثير يجد صعوبةً كبيرةً في تصور هذا النسيج،
على الرغم من أنه يمكننا تشبيهه بقطعة من المطاط، فإن هذا التشابه ينهار في النهاية، لأن قطعة المطاط ثنائية الأبعاد، في حين أن نسيج الزمكان رباعي الأبعاد. إن المعادلات صعبة ومعقدة حتى بالنسبة للفيزيائيين.
فلا تحزن أو يصيبك الإحباط من عدم فهمك جيدًا لهذا المقال، ولكن على الأقل عزيزي القارئ عليك المحاولة.
كتابة: أحمد مغربي
مراجعة: عمر مبارك
تحرير: سعاد حسن