السيانتولوجيا.. أغرب وأحدث دين عرفه العالم المعاصر
-
مؤسس الديانة
السيانتولوجيا، حركة دولية ظهرت في الخمسينيات استجابة لفكرة الكاتب “لافاييت رونالد هوبارد”، الذي وُلد عام 1911م في مدينة نبراسكا بالولايات المتحدة الأمريكية، وأمضى معظم طفولته في هيلينا بـ مونتانا، ثم التحق بجامعة جورج واشنطن، بعد ذلك التحق بالبحرية الأمريكية، وعُيّن ضابطُ بها أثناء الحرب العالمية الثانية؛ ولكن تم صرفه من الجيش لعدم كفاءته في القيادة، وأمضى آخر شهور خدمته في المستشفى للعلاج من قرحة الاثنى عشر.
بعد انتهاء الحرب، اتجه هوبارد إلى كتابة الفانتازيا والخيال العلمي، وهو من أسس ما سوف نتكلم عنه لاحقًا، كتب العديد من الكتب والروايات، حتى أنه دخل موسوعة جينيس أكثر من مرة لكوْن أعماله هي الأكثر مبيعًا وتوزيعًا، وخلال شتاء عام 1940 مُنح رخصة بوصفه رُبانًا للبحار والمحركات، ورقيبًا للسفن الشراعية؛ وستلعب السفن لاحقًا دورًا حاسمًا في ظهور كنيسة السيانتولوجيا.
بعد ذلك أصبح هوبارد مهتمًا بالعقل البشري، وأخذ يبحث محاولًا فك ألغازه وفهم الطبيعة الإنسانية، فَتوصّل في النهاية -مثل جميع المفكرين قبله- أن المبدأ الأساسي لوجود الإنسان هو (البقاء)؛ فَقام بتأسيس علم الديانتكس (يُساهم في المساعدة في التخفيف من الأحاسيس والعواطف غير المرغوب فيها، والمخاوف غير العقلانية والأمراض النفسية الجسدية).
-
بداية الفكرة
يقول هوبارد -محاولًا تفسير الروح- أن النفس البشرية التي يُسمّيها (تيتانس) قد عاشت قبل آلاف السنين حياةً مشابهة لتلك؛ ولكن غضب الإلهُ عليها وألقاها إلى الأرض، وبمرور الوقت والتطور تم حبس هذه الأرواح في الأجساد البشرية؛ التي تمنعها من تذكر ماضيها وتمنعها من التفكر والإبداع، وهذا ما تحاول ديانة السيانتولوجي معالجته عن طريق وضع تدريبات ودورات يتعلمها المنتسبين إلى كنيسة الساينتولوجي؛ فيرتقوا في المستويات حتى يصلوا إلى الفصل الكامل بين الروح والجسد، وكان ذلك من البداية هو هدف هوبارد الأسمى، فمن خلالها يدرك الفرد حياته من خلال فهم الديناميكيات الثمانية، ألا وهي:
• النفس: تشمل الجسد والعقل، فهي تشمل الفرد وحده ولا تشمل أشخاص آخرين.
• الإبداع: فهي تشمل الأسرة وتربية الأطفال، بالإضافة إلى أي شيء يمكن تصنيفه على أنه نشاط عائلي، وتشمل الجنس كآلية للبقاء.
• المجموعة: فهي تعني أن تكون ضمن مجموعة مجتمعًا (أصدقاء، شركة، دولة، أمة، عرقًا أو أي مجموعة، لا يهم حجمها.)
• الأنواع: هي أنواع الجنس البشري، والحفاظ على الفصيلة البشرية.
• أشكال الحياة: تشمل كل ما يحيط بنا من حيوانات وطيور وحشرات وأسماك ونباتات، وجميع الكائنات الحية سواء نباتية أو حيوانية.
• الكون المادي: للكون المادي أربعة مكونات، هم: المادة، الطاقة، الزمان، المكان.
• الروح: فهي تتضمن كيان المرء، والقدرة على الخلق، والقدرة على التسبب في البقاء أو البقاء، والقدرة على التدمير.
• الرغبة في الوجود (اللانهائية): وهي التي تُسمى أيضًا الله، إنها الأسمى والتي تضم جميع الديناميكيات.
وبحسب الكنيسة؛ عندما يُعلم علماء السيانتولوجيا الأفراد الديناميكيات الأربع العليا ويتعرفون على الإله، يُمكنهم أن يتوصّلوا إلى استنتاجاتهم الخاصة بشأن طبيعة الإله. لكنَّ هذه الحرية لا تعني أن الإيمان بالله غير مهم، وكما زعم هابرد: “لم تفشل أي ثقافة في تاريخ العالم، باستثناء المنحرفين تمامًا، في التأكيد على وجود كائن أعلى.”، ومن الملاحظ من واقع التجربة أن الرجال الذين يفتقرون إلى إيمان قوي ودائم بكيان أعلى هم أقل قدرة وأقل أخلاقية وأقل قيمة لأنفسهم وللمجتمع، ومع ذلك فإنّ الكنيسة لا توصي بتعاليم محددة عن الله، بل تركز على مساعدة أعضائها لتحقيق جوهرهم وقدراتهم الروحية المتأصلة.
هابرد الذي كان يرأس الكنيسة استقال من جميع المكاتب في عام 1966م، وركّز لبعض الوقت على تطوير مستويات ما بعد التطهير (ما بعد الديناميكيات الثمانية)، وقد أُجريت معظم هذه الأبحاث على متن سفينة تُدعى “أبولو”.
خلال هذه الفترة، شكّل هابرد أيضًا مجموعة من أعضاء الكنيسة المخلصين الذين عُهد إليهم بأكثر تعاليم السيانتولوجيا تقدمًا.
-
طرق الساينتولوجيا في التطهير
بجانب التدريبات والكتب التي يحصل عليها أعضاء الكنيسة؛ هناك أيضًا ممارسات يقوم بها أتباع السيانتولوجي، وهي استخدامهم لأجهزة تقيس مدى التلوث لدى الكائن البشري تُسمّى (e-meter)، وتسعى لتخليصه من السموم في جسمه؛ وذلك عن طريق إمرار شحنة كهربية منخفضة داخل جسده، ويقوم أحد المدربين بسؤاله أسئلة تحرك مشاعره؛ ليتخلص من أفكاره السلبية، إلى جانب جلسات ساونا مكثفة للتخلص مما يحمله من سموم، وتعاطي عقاقير خاصة موافق عليها طبيًا بوصفها مزيجًا مركزًا من الفيتامينات لتطهير الجسد.
-
العالم والسيانتولوجيا
على مر السنين، رفعت الكنيسة قضايا كثيرة في المحكمة، وفازت في عام 1993م بكفاحها من أجل الحصول على الإعفاء الضريبي لدى مصلحة الضرائب، وبذلك انتهى أطول تحقيق في مصلحة الضرائب في تاريخها، واعتبرت الكنيسة ذلك مبررًا للانتقادات العديدة التي واجهتها من قبل، بما في ذلك تهم سوء الإدارة المالية.
ومع ذلك لا تزال هناك مشاكل في السيانتولوجيا؛ فصار عدة أعضاء سابقين ينتقدون الكنيسة بشدة، متهمين إيّاها بالاحتيال المالي، والممارسة غير الشرعية للطب، ومضايقة الصحفيين الذين ينتقدون الكنيسة، واتخاذ إجراءات انتقامية ضد أعضائها السابقين. والواقع أن السيانتولوجيا تخضع لتدقيق خاص في ألمانيا وفرنسا، الدولتين الأكثر تضررًا من أنشطة القضية المعاصرة التي تتغذى على عمليات القتل والانتحار في عام 1994م بين 53 عضوًا في منظمة فرسان معبد الشمس، وهي المجموعة الناطقة بالفرنسية التي تؤمن بوقوع كارثة وشيكة.
في سنة 1997م ومرة أخرى في سنة 2007م، طلب وزراء داخلية الدول الألمانية من وكالة الاستخبارات المحلية في البلد أن تجري تحقيقًا بشأن الكنيسة، وفي سنة 2009م أدانت محكمة فرنسية مسؤولين في الكنيسة بتهمة الاحتيال، لكنها لم تأمر الكنيسة بتعليق أنشطتها، فكلا البلدين يرفض الاعتراف بالسيانتولوجي كدين، فلقد نشر السيانتولوجيون السابقون قضيتهم على شبكة الإنترنت، ليس فقط بمهاجمة الكنيسة؛ بل وأيضًا بنشر مواد محمية بحقوق الطبع والنشر على مواقعهم على شبكة الإنترنت، وكان مؤذيًا بشكل خاص في نظر الكنيسة نشر مواد تعليمية لمستويات التعليم السفلي، والتي تعتبر كتابًا مقدسًا سريًا.
تعتبر ديانة السيانتولوجيا من أغرب الديانات الحديثة؛ لما يحوطها من أسرار وقوة حملاتها، يُعتبر رئيس كنيسة السيانتولوجي الآن “ديفيد ميسكافج” من أنجح رجال الأعمال وهو ثاني رئيس للكنيسة بعد هوبارد، وأيضًا تستمد الكنيسة قوتها من مكانة منتسبيها؛ حيث يعتنق الديانة الفنان جون ترافولتا والفنان توم كروز الذي وصل إلى أعلى مستويات التطهير في الكنيسة.