البيئة والطاقة

الشعاب المرجانية تستغيث!

هل تحب الغوص من أجل مشاهدة الشعاب المرجانية بألوانها المتناغمة؟

مما لا شك فيه أن الكثير منا يهوى مشاهدة الشعاب المرجانية ومغرم بها، حتى الأسماك تهوى البقاء حول الشعاب المرجانية، فأكثر من 4000 نوع من الأسماك تستوطنها. ويعتمد نحو نصف مليار شخص في غذائه على الأسماك التي تعيش حول تلك الشعاب.

لكن لن يدوم ذلك كثيرًا؛ فالتهديدات البشرية والتغيرات المناخية تضع يديها على الشعاب المرجانية وتقلل من تنوعها البيولوجي طبقًا لدراسة نُشرت مؤخرًا في مجلة (Nature Ecology & Evolution) تشير إلى دلائل لأهمية التنوع البيولوجي للأسماك على صحة النظام البيئي للشعاب المرجانية.

يعد إلقاء النظر على التنوع البيولوجي للأسماك عاملًا رئيسيًّا للحفاظ على نظامنا البيئي. فكلما زادت كمية الأسماك والعناصر التي تتغذى عليها، كلما ساعد في إعطاء فرصة بقاء الشعاب المرجانية في النظام البيئي. ولكن طبقًا لتحذيرات الباحثين، فإن التنوع البيولوجي وحده لن يكفي إذا لم نسيطر على أفعال الإنسان تجاه البيئة وسلوكه. فالنظام البيئي غير حصين، وهش، ولن يصمد كثيرًا أمام توحش البشرية على نظامنا البيئي. والدليل هو تعرض الشعاب المرجانية مؤخرًا للإقصاء من قبل التغير المناخي وظهور تبييض المرجان.

في جزر “أرخبيل تشاغوس” التي تضم 60 جزيرة استوائية في المحيط الهندي والتي تبعد حوالي 500 كم من جزر المالديف، استهدف العلماء 10 جزر لإتمام الدراسة من خلال إجراء مسح لتعداد الأسماك حول الشعاب المرجانية كمقياس لمدى التنوع البيولوجي، بالإضافة لمقياس صحة النظام البيئي مقارنة بالتنوع البيولوجي للأسماك على جزر مختلفة. تم ذلك من خلال مؤشرين رئيسيين: الكتلة الحيوية للأسماك التي تعيش على الشعاب المرجانية، ومدى إنتاجيتها.

وكان المميز في هذه الدراسة هو إتمامها تحت الضغوط البيئية والبشرية ولم تتم بداخل المختبر كالمعتاد.

تأثرت الشعاب المرجانية في العقود الأخيرة بالاحتباس الحراري ونتج عنه ظاهرة تبييض الشعاب المرجانية وضعفها، وطبقًا لنتائج الدراسة فعلى الرغم من وجود علاقة قوية بين التنوع البيولوجي وصحة النظام البيئي إلا أن الخطر لا يزال قائمًا، ولا مفر منه إذا لم نتخلص من الضغوطات البشرية التي يتسبب فيها الإنسان كارتفاع درجات الحرارة، وزيادة نسبة الغازات المنبعثة.

طبقًا لـ نيك جرهام (Nick Graham) أستاذ مشارك في الدراسة، أصبح من المقلق تكرار ظواهر الاحترار البحري الذي يساهم في زيادة تبييض الشعاب المرجانية بدورها السلبي على التنوع البيولوجي، ولا توجد طريقة للحفاظ على نظام بيئي جيد ومزدهر سوى الحفاظ على التنوع.

تحلق الطيور البحرية في سماء جزر أرخبيل تشاغوس باحثة عن الغذاء، ومن ثَم تعود لتلقي بالروث الغني بالنيتروجين والفوسفور على الشعاب المرجانية مما يساهم في تخصيب وتغذية الشعاب المرجانية. ولكن لن تكتمل هذه المهمة، فعلى الفور تهاجم الفئران الطيور البحرية من أجل التغذية عليها أيضًا.

تقل الطيور البحرية القاطنة في الأماكن التي يملؤها الفئران بمقدار 670 مرة عن كثافتها في الأماكن الخالية، بالإضافة إلى زيادة الكتلة الحيوية والتي تعد من أهم العوامل، فهي تزيد بمقدار 48% بالجزر الخالية من الفئران مما يساهم في زيادة خصوبة التربة.

والآن تخيل معي، إذا اختفت الشعاب المرجانية، كم من آلالاف من الأسماك ستعيش بدون مأوى أو بيئة تحميها من أعدائها المفترسين أو وجود مصدر للغذاء!

وكم من مدن تعتمد في دخلها وغذائها على المأكولات البحرية ستفقد قوت يومها! وكم من تراجع في المعدلات السياحية بما يشكله من دور اقتصادي!

لا شك أنه أمر شنيع، ففي هذه اللحظة سنكون فشلنا في الحفاظ على نظام بيئي بأكمله. وتذكر دائمًا إن لم نستطع حماية بيئتنا فلن يكون لدينا القدرة على حماية أنفسنا.

في نهاية الأمر يقول كاسي بينكويت (Casey Benkwitt) المؤلف الرئيسي للدراسة، أن ظاهرة تبييض المرجان وفقدان العناصر الغذائية تقلل من فرص نجاة النظام البيئي ويصبح الحفاظ على التنوع البيولوجي صعبًا إذا لم نقلل من ضغوطات البشر وإهمالهم تجاه البيئة. ولذلك يجب علينا أن نقف سويًا لمحاربة التغيرات المناخية وتقليل عاداتنا السيئة التي تؤثر على نظامنا البيئي بالسلب.

المصدر

كتابة: داليا الشريف 

مراجعة: نهاد حمدي 

تحرير: شدوى محمود

تصميم: مها محمد

اظهر المزيد

داليا الشريف

كاتبة بقسم البيئة والطاقة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى