الطب

فتى الفقاعة

أيمكنك أن تتخيل كيف ستكون حياتك إذا ولدت داخل فقاعة بلاستيكية تعزلك عن العالم الخارجي، دون احتضان والدتك لك أو لعبك مع أشقائك بالخارج والاستمتاع بالهواء الطلق، حيث أن فعل أي من ذلك يعرض حياتك للخطر، هل يمكنك ذلك؟

تلك حياة ديڤيد ڤيتر «David vetter» لمدة إثنى عشر عاما، الطفل الذي اشتهر بلقب فتى الفقاعة، ولد بمرض نقص المناعة المركب «SCID»، إذ تم وضعه بغرفة بلاستيكية معقمة عقب ولادته مباشرة، ليقضى بها ما تبقى من سنوات حياته حيث يتم تعقيم كل شيء من طعام، ملابس، أدوات، ألعاب وخلافه قبل وضعها معه بحصنه المؤمن.

نقص المناعة الشديد المركب «Severe combined immunodeficiency» هو مجموعة من الاضطرابات المناعية النادرة التي تحدث نتيجة خلل فى نمو وعمل الخلايا المناعية المكافحة للعدوى والڤيروسات.

فعند حدوث خلل فى الجين «Interleukin 2 receptor gamma» أو «IL2RG» الذي يعطي التعليمات الخاصة بتكوين بروتين «common gamma chain»، هذا البروتين مكون أساسي لعدة أنواع من الخلايا تساهم فى تكوين ونمو الخلايا المناعية في نخاع العظام، وبالتالي يؤدي إلى غياب الخلايا التائية «T- cells» والقاتلة الطبيعية «NK» وتكوين خلايا بائية غير فعالة.

الأطفال المصابون بنقص المناعة الشديد قد يبدون أصحاء خلال الثلاث شهور الأولى نتيجة لانتقال بعض الخلايا المناعية إليهم من الأم عبر المشيمة، وتظهر عليهم أعراض مثل الالتهاب الرئوي، الإسهال المزمن، التهاب الجلد التأتبي -اكزيما- وتعفن الدم، التهاب الأذن الوسطى، الفشل في النمو ومشاكل في الأمعاء والجلد ونقص القوة العضلية.

يصاب الذكور بهذا المرض أكثر من الإناث، حيث أن حدوثه نتيجة لخلل فى الجين المحمول على الكروموسوم (X ) يجعلهم أكثر عرضة للإصابة به خاصة إذا كانت الأم حاملة للجين المصاب، أما الإناث فيلزم وجود نسختين من الكرومسوم (X) يحملان الجين المصاب معًا حتى تظهر أعراض المرض.

تشمل الفحوصات قبل الولادة عينات من الجنين لقياس نسبة وجود الخلايا المناعية بالدم وتحديدًا وجود الخلايا التائية، حيث وجد أن الأجنة المصابة تمتلك أقل من 100 مقارنة بوجود أكثر من 2,500 لكل ميلليمتر مكعب في الأجنة السليمة.

يعتبر العلاج المثالى في الوقت الحالي هو زرع خلايا جذعية سليمة من متبرع مماثل يقرب للطفل “أي أحد أخويه”، حيث يؤدي ذلك إلى استعادة افضل للجهاز المناعي.

ويعمل العلماء حاليًا بجامعة ستانفورد على تطوير علاج أفضل يقوم بسحب عينة الخلايا الجذعية المصابة وعلاجها بزرع نسخة سليمة من الجين IL2RG ومن ثم إعادة زرعها بالطفل المصاب.

لكن ما الذي حدث للطفل ديڤيد؟ فبعد اثنى عشر عامًا قضاها في فقاعة مغلقة مؤمنة، لم يستطع الطفل المسكين أن يعيش نتيجة لمضاعفات عملية الزرع التي قام بها بأخذ عينة من شقيقته، حيث تمت إصابته بالحمى الغدية، وتوفى بعد عملية الزرع بعدة أشهر، وأظهر الفحص أنه تم إصابته بڤيروس «Epstein–Barr» من النخاع المنقول من شقيقته، وقد كان الڤيروس غير قابلًا للكشف في الفحوصات السابقة لعملية الزرع.

 

المصادر 1 2 3 4 5 6

 

كتابة: غدى محمد

مراجعة: نهاد عادل

تحرير: زينب أحمد

تصميم: أمنية عبد الفتاح

اظهر المزيد

ميار محمد

المدير التنفيذي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى