علاج مناعي جديد يستهدف الخلايا السرطانية مباشرةً
طور مجموعة من الباحثين من جامعة كاليفورنيا في إرفين (UCI) نموذج لتقنية جديدة تُستخدم لفحص العلاج المناعي، يمكنها إنشاء علاجات فردية للسرطان بسرعة تسمح للأطباء باستهداف الأورام (الخلايا السرطانية) بدون الآثار الجانبية للأدوية السرطانية التقليدية، وقد قاد كلًا من ويان تشاو (Weian Zhao) من جامعة (UCI) وكذلك ديفيد بالتيمور (David Baltimore) من جامعة كالتك (Caltech) الحائز على جائزة نوبل فريق البحث الذي قام بتطوير نظام تتبع وفحص يستطيع تحديد مستقبلات الخلايا التائية (T cell) بنسبة خصوصية 100% للأورام الفردية في غضون أيام قليلة. تظهر نتائج الأبحاث في مختبر على رقاقة (Lab-on-a-chip).
في الجهاز المناعي للإنسان، تحتوي الخلايا التائية على جزيئات توجد على أسطحها تقوم بالارتباط بالمستضدات التي توجد على سطح الخلايا الأجنبية (السرطانية) تُعرف بالمستقبلات، ومن أجل علاج ورم السرطان بواسطة الخلايا التائية، كان يجب على الباحثين تحديد أي الجزيئات المستقبلية تعمل بالظبط ضد مستضدات الأورام المحددة، وهذا ما قام به الباحثون حيث أنهم أسرعوا في عملية تحديد هوية تلك الجزيئات.
وقد قال تشاو -وهو أستاذ مساعد في قسم العلوم الصيدلانية كما أنه مرتبط بمركز تشاو (Chao Family Comprehensive Center) ومركز أبحاث الخلايا الجذعية (Sue & Bill Gross Stem Cell Research Center)-“هذه التكنولوجيا مثيرة للغاية لأنها تفكك التحديات الرئيسية في علاج السرطان، وهذا الاستخدام للكشف عن الميكروفلويديك بالقطرة يُقلل بشكل كبير من تكلفة صنع علاجات جديدة للسرطان مرتبطة بآثار جانبية أقل نظامية من أدوية العلاج الكيماوي التقليدية، وتُسرع بشكل كبير من الإطار الزمني للعلاج”. وأضاف “أن العلاجات التقليدية للسرطان قدمت استجابة لمرض واحد يناسب جميع الحالات، مثل أدوية العلاج الكيماوي التي يمكن أن تنطوي على آثار جانبية منهجية وخطيرة للغاية”.
يعمل مستقبل الخلايا التائية (TCR) وهي تقنية أحدث، على الاستفادة من الجهاز المناعي للمريض في مهاجمة الورم، حيث توجد على سطح الخلايا السرطانية المستضدات وهي جزيئات بارزة يتم التعرف عليها من قبل الخلايا التائية في الجهاز المناعي للجسم، وهذا العلاج الجديد يضع جزيئات معدلة على الخلايا التائية للمريض والتي سوف ترتبط بمستضدات الخلايا السرطانية، مما يسمح للخلية التائية بتدمير الخلية السرطانية.
يمكن أن يكون العلاج (TCR) فرديًا، لذلك يمكن لكل مريض أن يمتلك الخلايا التائية المصممة خصيصًا لخلايا الورم الخاصة به. ويُعتبر نظام التعرف على مستضد (TCR) محددًا جداً فمن الممكن أن يكون هناك مئات الملايين من الأنواع المختلفة من جزيئات (TCR)، ولكن يظل هناك تحدٍ كبير لتطوير تقنية (TCR) للعلاج بالخلايا التائية في تحديد مستقبلات معينة من مجموعة من الملايين من الاحتمالات. فقد يستغرق العثور على تطابق ما يصل إلى عام (لا يوجد لدى الكثير من مرضى السرطان هذا الوقت) ومن الممكن أن يكلف نصف مليون دولار أو أكثر لكل علاج، لذلك فهي مكلفة جدًا.
ومن خلال استخدام قطرات الماء الزيتية الضئيلة، صمم فريق تشاو جهازًا يسمح للخلايا التائية الفردية بالانضمام إلى الخلايا السرطانية في حاويات السوائل المجهرية. يمكن تصنيف وتحديد مستقبلات الخلايا التائية (TCR) التي ترتبط بمستضدات الخلايا السرطانية في غضون أيام، وهذا أسرع بشكل كبير من الأشهر أو السنة التي تتطلبها التقنيات السابقة. كما أنها تُقلل من تكلفة صنع المستقبلات الفردية وتُسرع من خط أنابيب العلاج المناعي بالخلايا التائية إلى الاستخدام السريرى.
في النهاية، بالرغم من أن العلاج المناعي حقق نتائج مذهلة في علاج السرطان، ومع ذلك فإن العثور على مستقبلات الخلايا التائية الصحيحة كانت عملية شاقة ومضيعة للوقت ومُكلفة جدًا، ولكن كانت هناك الحاجة لوجود مثل هذه التقنية الجديدة. ومن خلال شراكة مع (Amberstone Biosciences) وهي شركة تابعة لجامعة (UCI)، ستتوفر هذه المنصة بالكامل وعملية الفحص لشركات الأدوية لتطوير الأدوية في غضون بضعة أشهر فقط.
لا يمكن لهذه التقنية أن تُحدث ثورة في العلاج المناعي بواسطة الخلايا التائية (TCR-T cell) للسرطان فقط، ولكنها ستكون أيضًا أداة قوية لاكتشاف العوامل المناعية الأخرى، بما في ذلك الأجسام المضادة والخلايا التائية (CAR-T cells)، وكذلك لتوضيح علم المناعة الجديد وعلم البيولوجية السرطانية بشكل عميق لم يكن من الممكن الوصول إليه من قبل.
كتابة: محمد خلف
مراجعة: أحمد علاء
تصميم: أحمد سرور
تحرير: سارة أبو زيادة