هل يمكننا بصدق تحديد مشاعرنا في أي وقت؟
فكر فيما إذا كنت في مزاج جيد بالفعل الآن، أو ما إذا كان هناك شيء ما يزعجك، أو عندما تنظر إلى اليوم التالي، هل تتوقع ذلك بفرح؟ أم هل تخشى من الذي على وشك مواجهته؟
عندما تكون مع الأشخاص الذين تهتم بهم، هل من السهل عليك أن تضحك وأن تتحدث بلطف؟ أم أنك تميل إلى التراجع، لأسباب لا تفهمها تمامًا؟
وفقًا لبحث جديد أجرته جامعة في بيتسبرغ ولوس أنجلوس فهذه مواقف تعكس “الوضوح العاطفي”، وهي القدرة التي تلعب دورًا رئيسيًا في الصحة العقلية.
كما يقول الباحثون عن الوضوح العاطفي: «هو إدراك ذاتي للقدرة على تحديد المشاعر التي يشعر بها المرء بسهولة نسبية». وكما نلاحظ هنا أنها قدرة “ذاتية”؛ مما يعني أنه لا توجد نقطة مرجعية موضوعية لتعريف مشاعرك. فالعاطفة هي صفة نسبية، بمعنى أن السعادة بالنسبة لك قد تعني شيئًا مختلفًا عن السعادة لشخص آخر.
كما يقترح الباحثون أن الطريقة التي يؤثر بها الوضوح العاطفي على الصحة العقلية هي من خلال دورها في تهيئة الناس للاكتئاب. ويَظهَر ذلك من خلال “التحكم في المشاعر” وهو قدرتك على تعديل أو التحكم في نوع العاطفة التي تشعر بها، وطول المدة التي تشعر بها بهذه العاطفة ومدى قوتها، وما إذا كان يمكنك تحويلها من السلبية إلى الإيجابية. قد تكون حزينًا؛ لأن شريكك نسي أمرًا مهمًا لك، معتقدًا أن هذا يعكس عدم الاهتمام الحقيقي، ومع ذلك إذا كنت جيدًا في تنظيم الانفعال فستتجاوز هذه المشاعر سريعًا نسبيًا، ولن تسمح له بسحقك في المقام الأول.
ومن أجل اختبار دور الوضوح العاطفي وشدة التأثير السلبي في الاكتئاب، طلب الباحثون عينة من المشاركين في الدراسة الجامعية؛ لاستكمال استبيانات تقييم الوضوح العاطفي وشدة التأثير السلبي وأعراض الاكتئاب، وكما كان متوقعًا فإن الأشخاص الذين يتلقون كثافة عالية من التأثير السلبي لديهم مستوى منخفض من الوضوح العاطفي ولديهم درجات أعلى في مؤشر أعراض الاكتئاب.
ونستفيد من ذلك أنه يجب علينا محاولة التعرف على الطريقة التي تشعر بها في أي لحظة؛ فربما يجعلك رئيسك غاضبًا من خلال معاملتك بطريقة غير حضارية، ولكن بدلًا من التعرف على مشاعرك كغضب، فأنت تخبر نفسك بأنك “محبط”. إذا لم يكن بإمكانك تصنيف مشاعرك على أنها غضب فقد تستمر في التفكير في هذا الأمر مرارًا وتكرارًا؛ فتفشل في وضع استراتيجية مناسبة للتعامل مع الموقف، ولكن إذا اعترفت بأنك غاضب؛ فقد لا تقرر المضي قدمًا وإخبار الشخص المعني بما تشعر به ولكن على الأقل ستعرف أنه غضب وليس إحباطًا، ويمكنك المضي قدمًا والبحث عن الطرق التي تساعدك على خفض مستويات الغضب لديك.
قد يكون هذا هو الوقت المناسب لك مثلا للذهاب إلى فصول الملاكمة، إذا كان هذا هو ما يساعدك في العثور على منفذ لمشاعرك.
كتابة: يارا عبدالوهاب
مراجعة: راندا عارف
تصميم: عمر حسن
تحرير: إسلام حمدي