مغناطيس منقوص القطب
حسنًا، ربما عليك الآن نسيان ما قد درسته في المدرسة حول أن المغناطيس لابد أن يتكوّن من قطبين شمالي وجنوبي مهما كان شكله، فحسب دراسة جديدة تمكّن علماء الفيزياء من عمل مغناطيس أحادي القطب، ولكنه لا يُشبه المغانيط التي تعرفها!
منذ بدايات القرن الماضي، حاول العديد من الفيزيائيين إثبات تلك النظرية، إلا أن وجودها يُعتبر مجرد تنبؤ، حيث يستشهد العلماء بضرورة وجود المغناطيس وحيد القطب كما تُوجد الشحنة الكهربائية السالبة أو الموجبة منفصلة، بالإضافة إلى ملاحظة تأثيرها على ما يرصده علماء الفضاء من الكون المحيط، لكن إثباتها كان يُعتبر ضربًا من المستحيل.
تمكّن فريق من علماء معهد جوينت للفيزياء الكمية “Joint Quantum Institute” مؤخرًا من مشاهدة تلك الظاهرة باستخدام غاز الريبيديوم عالي البرودة، حيث تُستخدم الغازات عالية البرودة كمواد ذات طاقة عالية ومقاومة كهربائية تكاد تكون معدومة. وقام الفريق بعمل تعديلٍ دقيقٍ لذرات إبر بوصلة مغناطيسية لجعلها تحمل ذرات غاز الريبيديوم عالية الطاقة، حيث تمكّن العلماء من جعل ذرات الغاز تتحرك في مدارات تَمّ تحديدها بدقة باستخدام الأشعة الرادياوية “Radio Waves” بالإضافة إلى أشعة الميكروويف “Microwave”.
وبهذه الطريقة تمكّن الفريق من جعل الذرات تدور في مدارات متعددة فيما يُسمى ب”الفضاء الدائري” “spin space”، كما تدور إبر البوصلة نفسها في الاتجاهات المرغوبة من قبل الفريق. وبقياس تلك الحركة الدائرية للذرات بعد التوقف عن تحميلها بالطاقة، وُجِد أنها كانت تتحرك في مدارات مُنحرفة عن تلك التي توقعها العلماء وفقًا للثوابت الفيزيائية للقوى المغناطيسية، بحيث وُجِد أن هناك انحناءات عديدة على طول مدارها، كما أنها لم تَعد إلى مكانها الطبيعي بالنسبة للذرة.
كما قام العلماء بإعادة التجربة مرة أخرى، ولكن بتوجيه الذرات في مدارات مختلفة عن التجربة الأولى تُمكّنها من تجنُّب تأثير القوى المغناطيسية وحيدة القطب، وهذا ما حدث بالفعل؛ فالذرات لم تقم بأي انحناءات في مدارها. وهذا ما قد جعل العلماء يستخلصون أن التجربة الأولى قد قامت بالفعل بإنتاج مجال مغناطيسي وحيد القطب. اعتبر الفريق ذلك الاختلاف في مسار الذرات أثناء دورانها هو ناتج عن تأثير مجال مغناطيسي وحيد القطب، وقد نشأ من الطاقة العالية لذرات غاز البيريديوم عالي البرودة المُستَخدمة. كما تشابهت الحسابات والمنحنيات البيانية للتجربة مع تلك التي توقعها العالم يانج في فرضيته “Yang Monopole”، وهذا ما زادهم ثقة في استنتاجاتهم.
كما أوضح العلماء أن تلك الظاهرة لا يُمكن ملاحظتها بسهولة؛ بحيث أنها تعتمد على انحناءات الذرات المُستحثة على المدى الطويل، وهو شيء يَصعُب إثباته. كما يأمل العلماء أن يتم استغلال الخواص الفيزيائية المميزة للقوى المغناطيسية وحيدة القطب في مجالات متعددة مثل توليد الكهرباء.
تمثل القوى المغناطيسية أحادية القطب تحديًا كبيرًا لعلماء الفيزياء إلى وقتنا الحاضر، وليست هذه هي التجربة الوحيدة لمحاولة إثبات وجودها، إلا أن وجودها في الكون سيظل حتميًا.
كتابة: عمر ياسر
مراجعة: سارة صلاح
تصميم: عمر حسن
تحرير: نها عمّار