يقول تشارلز شرينغتون:
“أن تحرك شيئاً، هذا كل ما يستطيع فعله بنو البشر”.
عادةً ما نجد صعوبة عندما نحاول تعلم مهارة حركية جديدة مثلا عند تعلم حركات الألعاب القتالية أو حركات كرة القدم ولكننا نستطيع غالبا إتقان هذه المهارات مع الوقت، فما الذي يحدث في أدمغتنا وكيف نكون تلك الذاكرة الحركية؟
في هذا المقال توضيح بسيط عما يفعله دماغنا في أداء وتنسيق الحركات المختلفة.
المخيخ “cerebellum” وهو الجزء الذي يشغل الحيز الخلفي من الدماغ هو المسئول الأول عن تعلم المهارات الحركية الجديدة وتناسق الحركات، كما أن له دورا كبيرا في الاتزان الديناميكي للجسم حيث يقوم المخيخ بالمحافظة على اتزان الجسم أثناء الحركة.
طبقا للنظرية النموذجية المقترحة بواسطة بول فيتس “Paul fitts” ومايكل بوسنر “Michael posner” هناك ثلاث مراحل في تعلم المهارات الحركية الجديدة المرحلة الحسية وتعتمد على المعلومات الحسية القادمة من الأعصاب المغذية للعضلات الطرفية:
المرحلة الترابطية “associative stage” وهي مرحلة التفكير واتخاذ القرار بشأن الحركة. المرحلة الأوتوماتيكية وتعني إتقان الحركة بدون استدعاء انتباه عالي مع أخطاء أقل. يقوم المخيخ باستقبال المعلومات الحسية من أطراف الجسم عن طريق الأعصاب الطرفية والحبل الشوكي، تُستخدم هذه المعلومات في التعرف على نمط الحركة والتنبؤ بالإشارات الحسية المستقبلية والتحضير للحركة مع الحد الأدنى من الأخطاء. يعمل المخيخ كالغربال حيث يزيل المُستحثات الحسية غير المترابطة بينما يؤكد على المُستحثات المترابطة.
عند العمل على اكتساب مهارات حركية جديدة يحدث الآتي:
تستقبل الخلايا القرن الامامية “anterior horn cells” الموجودة في الحبل الشوكي المعلومات أو الإشارات القادمة من القشرة المخية الحركية أو مركز الحركة في الدماغ “motor cortex” وهي المنطقة المسئولة عن الحركة في الدماغ ومن ثم تنقلها إلى الأعصاب المختلفة لتبدأ عملية انقباض العضلات وأداء حركة معينة تنتقل الإشارات أيضا عن طريق جهاز ملحق يسمى النواة الحمراء “red nucleus” الى الحبل الشوكي.
في نفس الوقت تخبر القشرة المخية المخيخ بخطة الحركة خلال الثواني القليلة القادمة عن طريق جهاز يصل القشرة بالمخيخ يسمى ” cortico-ponto cerebellar tract” بينما على التوازي يستقبل المخيخ المعلومات من أطراف الجسم المتحركة عن طريق جهاز يسمى “Spino-cerebellar tract” يصل الحبل الشوكي بالمخيخ. تخبر تلك المعلومات المخيخ بالحركة الفعلية الحادثة، هنا تبدأ وظيفة المخيخ الفعلية حيث يقارن المخيخ بين المعلومات الحسية القادمة من حركة أطراف الجسم مع المعلومات القادمة من القشرة المخية الحركية في الدماغ، وفي حالة عدم توافق الحركة المقررة من دماغك مع الحركة الفعلية المؤداة بواسطة عضلات الأطراف يبدأ المخيخ في إرسال إشارات تصحيحية لكلٍ من:
1- مركز الحركة في الدماغ (القشرة المخية الحركية) عن طريق جهاز يسمى “cerebello-thalamo-cortical tract” يصل بين المخيخ ومنطقة المهاد ومركز الحركة.
2- النواة الحمراء “red nucleus” الواصلة بين مركز الحركة والحبل الشوكي من هنا يصبح مركز الحركة حاملا للمعلومات الصحيحة والذي بدوره يرسلها إلى خلايا القرن الأمامية “anterior horn cells” لتعديل الحركة. يستمر دور المخيخ في تصحيح الإشارات خلال فترة التدريب على مهارة معينة إلى حين الوصول لمرحلة إتقان المهارة الحركية “automatic stage” حيث تقل الأخطاء ولا يتطلب أداء هذه الحركة انتباها عاليا.
من الجدير بالذكر أن هناك دورا مشتركا متكاملا في عملية التعلم بالملاحظة والاتزان أثناء الحركة بين المنطقة المسئولة عن الإبصار في الدماغ “visual cortex” ومنطقة الاتزان في المخيخ.
كتابة: عبدالله طاهر
مراجعة: نوران جودي
تصميم: محمد خالد
تحرير: أحمد عبدالستّار
