ماذا تعرف عن “البلاسيبو” أو “العلاج الوهمي”؟
هناك علاقة قوية بين العقل والجسد ولا يستطيع أحد إنكار ذلك، ويتجلى ذلك في كثير من المواقف، وحديثنا اليوم عن تَأثُّر المريض بقناعات العقل.
دعونا نقوم بتجربة فكرية، قم بجولة في مترو في أي ساعة من أوقات العمل وجِدْ 300 راكب مصاب بالصداع، وضع كل 100 راكب في غرفة عازلة للصوت.
في أول مجموعة لا تفعل شيئًا، وفي المجموعة الثانية قُمْ بإلقاء خطاب بليغ عن دواء قوي مُسكِّن للآلام وقدِّمْه لهم، وفي المجموعة الثالثة قُمْ بإلقاء نفس الخطاب عن المُسكِّن ولكنك تكذب عليهم وتعطيهم حبة سكر.
بعد نصف ساعة تطلب من كل مجموعة أن يعطوا تقارير عن آلامهم:
في المجموعة الأولى يقول عشرون أن آلامهم ذهبت، وثمانون ما زالوا يعانون.
في المجموعة الثانية يقول تسعون أن آلامهم اختفت بالكامل.
وفي المجموعة الثالثة لا يزال خمسة وأربعون لديهم صداع، ولكن خمسة وخمسون لا يعانون.
ودعنا نتفق أن حبة السكر لا تحتوي على أي إجراء فسيولوجي من شأنه أن يُعالِج الصداع، ولكن خمسة وثلاثون من المجموعة الثالثة يُقدِّمون دليلًا عكس ذلك.
لماذا 35 لأن 20 من المجموعة الأولى تنتهي عندهم آلام الصداع بعد نصف ساعة، ولكن ماذا حدث؟
يُعرَف ذلك بـ”البلاسيبو” أو “العلاج الوهمي”: وهو العلاج بأدوية لا تحتوي على أي عناصر علاجية ولا تأثير لها على الإطلاق كإعطاء المريض حبوب سكر على أنها حبوب دوائية، أو إجراء عمليات جراحية وهمية.
وعلاوة على ذلك فإن تأثير الدواء الوهمي ليس انحرافًا إحصائيًا صغيرًا أو غير مهم حيث تتراوح تقديرات معدل العلاج الوهمي من 15% إلى 72 %، وكلما زادت فترة العلاج زاد تأثير العلاج الوهمي.
إن تاثير الدواء الوهمي ليس خدعةً أو حظًا أو شذوذًا إحصائيًا، بل هو نِتاج تَوقُّع، فالعقل البشري يتوقع النتائج، والتوقعات تُنتِج تلك النتائج. وهذا التأثير هو نِتاج التغيرات الكيميائية حيث دعمت دراسات عديدة الاستنتاج بأن “الأندروفين” في الدماغ يُنتِج تأثير الدواء الوهمي، حيث وُجِد أن المستجيبين للعلاج الوهمي لديهم تركيزات أعلى من “الأندروفين”.
وكان الباحثون في وقت ما ينظرون إلى تأثير العلاج الوهمي بأنه إزعاج إحصائي، ولكن هذا الرأي تغير حيث يُعتبَر هذا التأثير جزءًا مُهمًا من عمليات الشفاء كعلاج “parkinson’s disease” والاكتئاب والألم المُزمِن وكذلك فإن الإيمان بالعلاج سيَخلِق فاعليته ويُعزِّزها.
كتابة: أحمد خالد
مراجعة: يارا عبدالوهاب
تصميم: محمد بركات
تحرير: إسلام حمدي