البيئة والطاقة

تساعدك الطبيعة في المحافظة على صحتك البدنية والنفسية

هل فكرت في قضاء يوم في الطبيعة لتحسن من حالتك النفسية أو البدنية؟ هذا ما اقترحته الأبحاث مرارًا وهو أن قضاء الوقت في البيئات الطبيعية يحسن الصحة العقلية والبدنية، لكن كيف؟ إليك المقال التالي.

على مدى عقود، أدرك العلماء والذين يعملون في مجال الرعاية الصحية أن التعرض للمساحات الخضراء مثل الحدائق العامة أو الغابات، يرتبط بانخفاض مخاطر جميع أنواع الأمراض الشائعة في العالم بما في ذلك أمراض القلب والأوعية الدموية والسمنة والسكري والأمراض العقلية، وحتى بانخفاض نسبة الوفيات، أظهرت التجربة عددًا لا يحصى من الاستجابات الفسيولوجية التي تحدث عندما يقضي الأشخاص وقتًا في البيئات الطبيعية، منها: انخفاض ضغط الدم، وانخفاض معدل ضربات القلب، وتحسين وظائف المناعة، ويقوم الجهاز العصبي بتوجيه الجسم إلى الراحة والهضم.

مع انتشار السكان في المناطق الحضرية، أصبحوا يقضون وقتًا أقل في البيئات الطبيعية ربما على حساب صحتهم، لذلك فكر الأطباء في تقديم النصح لمرضاهم للتوجه إلى أقرب حديقة، ولكن قبل أن يتجهوا لذلك هناك سؤال مهم، كما يقول ماثيو وايت “Matheo White”، عالم نفسي في كلية الطب بجامعة إكستر بالمملكة المتحدة “UK”: “كم من الوقت نحتاج قضاؤه في الطبيعة للاستفادة من تلك الفوائد الصحية؟” يقول وايت إن معظم الأبحاث التي ربطت بين النتائج الصحية والتعرض للبيئات الطبيعية لم تذكر عدد مرات زيارة الحدائق أو مدة هذه الزيارات، بل مقدار المساحة الخضراء على مسافة معينة من منزل الشخص.

كانت حكومة المملكة المتحدة تمتلك البيانات التي كان يبحث عنها وايت، حيث تقوم وزارة البيئة والغذاء والشؤون الريفية (Defra) بإجراء مسح سنوي لجمع البيانات حول كيفية استخدام سكان المملكة المتحدة للمساحات الخضراء العامة المحلية لتوجيه قرارات السياسة المتعلقة باستخدام الأراضي. لكن في بداية 2010، عندما أراد وايت استخدام البيانات لتقدير الجرعة الطبيعية اللازمة لإظهار الفوائد على صحة الشخص، لم تكن Defra تجمع معلومات عن الصحة.

لذا فقد طلب هو وزملاؤه من الحكومة إضافة بعض الأسئلة إلى الاستبيان، ثم انتظر بضع سنوات حتى تبدأ الإجابات، مع ردود ما يقرب من 20,000 مشارك في بيانات المسح خلال عامي (2014-2015)، وجدت مجموعة وايت الإجابة عن تساؤلاتهم وهي أن قضاء ما لا يقل عن ساعتين في الطبيعة في الأسبوع كان مرتبطًا بالصحة الجيدة.

لقد تفاجأ وايت عندما علم أن الناس قد لا يكونون على دراية بكم هو مهم عدد الرحلات إلى الحديقة التي يقوم بها الناس وكيف يمكن لقضاء ساعتين في الأسبوع أو زيارة طويلة في يوم واحد، أو بضع رحلات لمدة ساعة، أو ثلاث زيارات مدتها 40 دقيقة، أو أربع رحلات لمدة نصف ساعة، أهمية لصحة هؤلاء الناس!

ويعتقد هو وزملاؤه بأنه إذا كانت الفوائد الصحية الواضحة للطبيعة ناتجة عن القدرة على التخلص من التوتر، فإن أي نمط من التعرض للمساحات الخضراء يناسب جدول المرء ربما يكون أفضل طريقة لتحقيق هذا الهدف.

ما زال على الباحثين أن يصفوا بالكامل الآليات الفسيولوجية الكامنة وراء الفوائد الصحية الواضحة للوقت في الطبيعة، لكن التخفيف من الإجهاد هو بلا شك جزء من الصورة الكاملة، كما تقول كاثرين وارد تومبسون “Catharine Ward Thompson” من جامعة أدنبرغ، وهي مهندسة مناظر طبيعية تدرس كيف تؤثر البيئة على السلوك والصحة.

وقد أظهرت هي وآخرون، أن البيئات الطبيعية تساعد الجسم على تنظيم عمل الغدة النخامية التي تنظم إفراز الكورتيزول والذي قد يسبب عدم تنظيمه مجموعة من الأمراض، كما أنه وجد أن قضاء وقت كاف وسط الطبيعة يسبب وجود وفرة من الكائنات الحية الدقيقة التي تعزز وظائف الجهاز المناعي. ويمكن أيضًا أن ينبعث من النبات مركبات عضوية متطايرة مضادة للميكروبات بينما تقوم بتصفية الملوثات في الهواء.

يتفق الباحثون على أن توصيات الرعاية الصحية للناس لقضاء بعض الوقت في الطبيعة ربما تكون على بعد سنوات، ولكن “بدأت الحركة” كما كتبت تيريزا هورتون “Teresa Horton”، عالمة بيئية في جامعة نورث وسترن، في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى المجلة الناشرة للمقال. وتقوم العديد من المنظمات في جميع أنحاء العالم بتعزيز الوعي بمساهمة الطبيعة في الصحة حيث يقول هورتون: “يعمل الباحثون على أن يسمع صانعو القرارات السياسية أصواتهم وعلي تنظيم المعلومات اللازمة لجعل “الطبيعية كدواء”.

يعمل وايت الآن مع حكومة المملكة المتحدة للحصول على المزيد من البيانات التي من شأنها أن تعطي مزيدًا من الأفكار حول العلاقة بين الطبيعية وصحة الإنسان، وإجابات أكثر وضوحًا على تلك الأسئلة الحاسمة حول مقدار الوقت الذي نحتاج إلى إنفاقه في المساحات الخضراء، وكيف في كثير من الأحيان، من أجل تحقيق الفوائد الصحية التي يمكن أن توفرها. تتوافق الرحلة الأسبوعية التي تبلغ مدتها ساعتين بشكل جيد مع وارد تومبسون، التي حصلت على نتائج مماثلة في دراسة صغيرة قامت بها. لكن جولز بريتي “Jules Pretty”، أستاذ البيئة والمجتمع بجامعة إسيكس وأول من استخدم مصطلح “جرعة الطبيعة”، يعتقد أن 30 دقيقة في اليوم قد تكون أكثر فائدة.

وفي النهاية تظل أهمية الحصول على جرعة الطبيعة واضحة أمام الجميع، وتتطلب منا اهتمام أكثر، لذا؛ يجب أن يكون لكل شخص منا وقت يقضيه في الطبيعة أسبوعيًا.

 

المصدر 

 

كتابة: الاء نورالدين

مراجعة: الاء عمارة

تحرير: اسراء وصفي

تصميم: احمد محمد

اظهر المزيد

آلاء نور الدين مغربي

كاتبة بقسم البيئة والطاقة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى